من داخل (ليبا)..قصة مشروعات منظمة “نداء” من الألف إلى الياء (1-3)

محرر "الصيحة"  يقضي (48) ساعة بالمنطقة تقصياً للحقائق

شرتاي بالمنطقة: لم نر من “نداء” غير ماء و(3) ترابيز بلاستيكية صغيرة وكراسي

ما سر البوست الذي فجّر القضية على الـ(فيس بووك)؟

المنظمة: مسؤوليتنا كانت توفير الحماية للنساء والأطفال فقط

جولة “الصيحة” تكذب التقارير فلم يبق لـ”نداء” سوى اللافتة

موسى: المنظمة قدمت (1000) شنطة قماشية بها أغراض بسيطة لفتيات المنطقة

ليبا: حسن حامد

تقع منطقة ليبا في محلية شرق جبل مرة بولاية جنوب دارفور على بعد أكثر من (١١٠) كيلومترات من حاضرة الولاية نيالا وهي تتبع للوحدة الإدارية بلي سريف، وتحد المنطقة من النواحي الجنوبية منطقة كدنير، والشمالية دربات حاضرة المحلية، والغربية منطقة سوني والشرقية الملم وحاضرة محلية الوحدة، أما الحرفة السائدة لسكان المنطقة هي الزراعة والرعي لكن غالبية الأهالي نهبت أموالهم عندما اندلعت الحرب في دارفور وأصبحت الزراعة الحرفة الرئيسة لغالبية السكان.

وتقع ليبا في موقع شبه فاصل ما بين الجبال والقيزان وتحاط بعدد من الجبال الضخمة التي تكسوها الخضرة والروعة والجمال ومن بين تلك الجبال جبال نوم لي، ريوا، أري، دارفوقو، فوقولي، وبالمنطقة سوق أسبوعي كل ثلاثاء تلتقي فيه العربات التجارية من مواقع مختلفة.

الطريق إلى ليبا

على خلفية ما أثير في مواقع التواصل الاجتماعي حول قيام منظمة نداء التنمية السودانية بتنفيذ مشروعات بالمنطقة بتكلفة  قدرها 82,973.15 دولار أمريكي، تحركت (الصيحة) وشدت الرحال، للبحث عن الحقائق حول هذه القضية في رحلة امتدت لأكثر من (٤٨) ساعة قضتها الصيحة داخل ليبا لمعرفة الحقائق من أصحاب المصلحة الذين مازالت معاناة الحرب ونقص الخدمات ترتسم في جباههم.

تحركت من نيالا عصر الإثنين الماضي ضمن ركاب عربة لوري (نسيان) متجهة إلى سوق المنطقة، وكان المبيت عند محلية مرشنج لنتحرك صبيحة الثلاثاء إلى الملم حاضرة محلية الوحدة، لنجد العربات متوقفة من أجل التحرك بالطوف لوجود نهب مسلح ظل يهدد حركة المواطنين ما بين الملم وليبا، فكانت المجهودات التي تقوم بها القوات المسلحة بتلك المنطقة بقيادة الرائد عمر إدريس محل تقدير كل الأهالي، فبمجرد وصولنا المنطقة استقبلتنا العديد من اللافتات التي تحمل أسماء المنظمات التي تقدم الخدمات لأهل المنطقة.

وسنتاول أمرها لاحقاً، ومن بين تلك المنظمات منظمة “نداء للتنمية السودانية” التي في إدارتها العامة مدني عباس مدني الذي تم تعيينه وزيراً للتجارة والصناعة ضمن حكومة حمدوك الجديدة.

فما أثير بالوسائل حول منظمة نداء ومسارعتها بإصدار تصريح رسمي أوضحت فيه حقيقة ما تم، دفعني أن أتقصى الحقيقة على الأرض.

توضيحات المنظمة

تم نشر بوست في الفيسبوك يستهدف منظمة نداء للتنمية السودانية ومديرها العام السيد/ مدني عباس مدني ذاكراً أن المنظمة ممثلة في مديرها قد استلمت مبلغ 82,973.15 دولاراً لتنفيذ مشروع صرف صحي وماء ومأوى، ولم تلتزم منظمة نداء بتنفيذ المشروع وأنه لم يستفد منه شخص من المنطقة، وهذا الكلام محض تلفيق وافتراء.

ولتجلية الحقيقة أوضحت منظمة نداء أن اسم المشروع هو توفير خدمات الحماية بمنطفة ليبا وقد استهدف منطقة ليبا بمحلية شرق الجبل ولاية جنوب دارفور بمنحة من RRF وUSAID بتمويل قدره 82,973.15 دولاراً أمريكياً. وتم تنفيذ الأنشطة الآتية: تقديم دعم نفسي اجتماعي للنساء والأطفال وبناء مركز نسوي (قامت منظمة نداء بتحمل تكاليف بناء المركز، حيث أن سياسة المانحين لا تسمح ببناء ثابت في مشاريع الإغاثة، ونظراً للحاجة الماسة للمركز قامت منظمة نداء ببنائه وتحمل التكاليف
(بجانب إنشاء مساحة صديقة للأطفال)، تم استلامها من قطاع حماية الأطفال باليونسيف (وإقامة جلسات توعية حول مخاطر الألغام وجلسات توعوية حول العنف المبني على النوع، إصافة لتوزيع حقائب تحوي احتياجات النساء والفتيات وتدريب متطوعين في مجال حماية الطفل وتكوين شبكات حماية الأطفال في المنطقة بجانب  توفير خارطة الخدمات وبرنامج الإحالة الطبية والقانونية بالمنطقة إضافة  لإصدار شهادات ميلاد للأطفال تحت إشراف موظفين والمجتمع المحلي بالمنطقة، وكل تقارير التنفيذ وتقارير الزيارات الميدانية والتقارير المالية تمت إجازتها من قبل مراجعين ومن المانحين.

ولقد تم تنفيذ جميع الأنشطة المتفق عليها في وثيقة المشروع حسب المستفيدين المتفق عليهم.

وقالت المنظمة في بيانها إن المشروع هو أحد المشاريع التي تم تمويلها عقب فتح منطقة شرق الجبل لوصول المساعدات الإنسانية في العام ٢٠١٨ وكانت مسؤولية (نداء) توفير الحماية للنساء والأطفال وبقية الخدمات مسؤولية منظمات أخرى، مشيرة إلى أن المشروع لا يحتوي على أي نشاط يتعلق بحفر آبار أو توفير مياه حسب ما جاء في المنشور.

مضيفة أنها تنشر هذه الحقائق إرساء لمبادئ الديمقراطية والتي لا تعني بأي حال من الأحوال تلفيق التهم الجزافية وتشويه السمعة بقدر ما تعني الالتزام بالموضوعية وتمليك الحقيقة الكاملة وفقاً لمبدأ الشفافية والمساءلة.

اتفاقية فنية

وبحسب إدارة المنظمات بوزارة الرعاية الاجتماعية بجنوب دارفور فإن الاتفاقية الفنية التي أبرمت بين الوزارة ومنظمة نداء التنمية السودانية في يوليو من العام ٢٠١٨م تحت اسم مشروع دعم ورعاية النازحين بمنطقة ليبا بشرق جبل مرة، فإن المشروع يستهدف (١،٩٨٣) مواطناً، والجهة المنفذة هي منظمة التنمية بميزانية تبلغ بالدولار (٤٤،٩٩٩)وبالجنيه السوداني (٢،١١٤،٩٥٣) لينفذ المشروع من يوليو ٢٠١٨م حتى أبريل ٢٠١٩م.

الواقع يكذب التقارير

وبناء على تفاصيل التنفيذ التي أوردتها المنظمة، لم يكن لها أثر واضح مقارنة مع أنشطة المنظمات الأخرى بالمنطقة، فالمركز النسوي الذي تحدثت عنه تلاشت كل معالمه بسبب الأهوية ولم يبق سوى اللافتة العملاقة التي تحمل اسم المشروع الذي تنفذه (نداء) بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية تحت مسمى مشروع دعم ورعاية النازحين والقائمين والمجتمعات المستضيفة بمنطقة ليبا، فنداء أقامت سوراً للمركز من المواد المحلية، ولم يتم تثبيته بالصورة المطلوبة حتى أقتلعته الرياح ومثله مبنى مشيد من الزنك ومظلة كمركز للنساء وبجواره خيمة قماشية جلبتها منظمة اليونيسف ومعها لعب للأطفال، ولكن بكل أسف لم يطل أمد هذه البنى التحتية التي كان حلم الأهالي أن تشيد بالمواد الثابتة، فقد تلاشت بسبب الرياح التي هبّت على المنطقة الأشهر الماضية ما جعل أحد عمد المنطقة يقول (لافتة المنظمة أكبر من خدماتها التي اقتلعتها الرياح)، وما لفت الانتباه وجدنا مبنى جديداً من الزنك عبارة عن كشك ثلاثة أمتار في ثلاثة أمتار شيدته المنظمة قبل أسبوع من زيارتي للمنطقة وحتى هو الآخر لم يثبت بالطريقة المطلوبة بحسب الأهالي ويخشون أن تقتلعه الرياح ويلحق بسابقه.

وشهد شاهد

وكيل شرتاوية دار أمو بمناطق كدنير بما فيها ليبا، الشرتاي موسى حسين موسى قال للصيحة إن إهل المنطقة نزحوا منها بتاريخ ١٠/٢/٢٠١٠م عندما اشتدت المعارك بين قوات الحكومة والمعارضة وقتها، ولم يكن نزوح الأهالي إلى المعسكرات وإنما كان نزوحاً داخلياً نحو الجبال ولم ينزح أحد نحو المعسكرات وإنما فروا الى مناطق جاسو، نبق فلفل، ربكونا واوساجاين وأشار موسى إلى انهم وبعد استقرار الأحوال الأمنية عادوا بطوعهم إلى منطقة ليبا في العام ٢٠١٨م بتعداد سكاني بلغ (٧٨٠) أسرة ما يعادل (٤٦٨٠) فرداً عودة بنسبة٨٠%، ومن بعدها جاءت المنظمات وبدأت تقدم الخدمات في المجالات المختلفة ومن بينها منظمة نداء التي قدمت المركز النسوي الذي انتهى بسبب الرياح.

وأضاف الشرتاي أن الخدمات التي قدمتها نداء مع المركز تمثلت في حافظة ماء وثلاث ترابيز بلاستيكية صغيرة بالإضافة لكراسي و(١١) فرشة كبيرة (بساطة) وحوالي (١٥٠) فرشة صغيرة كمصلاية وقال إن الفائدة الوحيدة التي جناها المواطن حتى الآن هي خدمات (الصيوان) في الأفراح والأتراح، مشيراً إلى أن المنظمة قدمت أيضاً خيمة كبيرة تحمل شعار اليونسيف خصصت للترفيه عن الأطفال ومعها بعض الاحتياجات واللعب كما قدمت حوالي ألف شنطة صغيرة من القماش مخصصة للنساء والفتيات بداخلها صابونة (فنيك) واحدة وملابس داخلية وقطن طبي وفوطة صغيرة ومعها جردل حمام بلاستيكي يعتبر من أرخص أنواع الجرادل في السوق حسب تعبيره، وأشار إلى أن المركز النسوي لم يشيد حتى مرحاض واحد.

 

طالع في الحلقة القادمة:

ــ عمدة ليبا:  غير راضين عن أداء المنظمة بالمنطقة

ــ مشرف المنظمات في المنطقة: المنظمة بعد انتهاء فترة المشروع قامت بأخذ ما قدمته لنا

ـ متطوع بمنظمة نداء:  يصعب تقييم ما قدمناه للمنطقة لأن معظم الأنشطة غير مرئية

ـ مسؤول بالمنظمة يشير إلى علاج (3) أطفال بالمنطقة وصاحب عربة ينفي بشدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى