اغتيال “سودانير” .. الجريمة الكاملة (5)

محكمة بريطانية: السودان تنازل طواعية عن خط "هيثرو"

  وزير النقل : بيع خط هيثرو تم بمبلغ أربعين مليون جنيه إسترليني 

وزير العدل : ازدحام مطار هيثرو دفع شركات الطيران لأن تدفع 30 مليون جنيه استرليني مقابل إذن هبوط مناسب واحد

اللجنة أوصت باتخاذ إجراءات جنائية في حق البعض، وأخرى مدنية وثالثة إدارية

ما هي المصلحة التي سيجنيها السودان من تحويل خط “هيثرو” للشركة الإنجليزية؟

تحقيق / محيي الدين شجر 

 ما هي الخطوات التي قامت بها الدولة لاسترجاع خط هيثرو؟ وما هو حكم المحكمة الابتدائية بلندن؟ ولماذا خسر السودان استئنافه؟ وما رأي وزير العدل عوض الحسن النور في قضية خط هيثرو؟ وما هو القرار الذي اتخذه؟ ولماذا لم تواصل السلطات السودانية السير في القضية؟

كل هذه الأسئلة ستجدون لها إجابات من خلال الأجزاء المتبقية من التحقيق والتي ستطالعونها ابتداء من هذه الحلقة (الخامسة)   

بعد تكوين لجنة تحقيق في خط هيثرو سافر الفاتح مكي معروف إلى لندن، كان ذلك في العام 2013 للتقصي حول إمكانية استرجاع الخطوط الجوية السودانية خط هيثرو، وقال لي إنه جلس مع محامٍ بريطاني وأخبره أن القانون البريطاني يجيز التبادل والسوابق كذلك ويمكن أن  تبادل خاتم ذهب بخاتم صفر. 

وأضاف” حينما قلت له إن سودانير بدلت وقتها الثمين بوقت نزول الطائرة فيه 11 ليلاً وقيامها 11 وخمس دقائق وسودانير لا تملك سوى طائرة واحدة إلى لندن  قال لي ( يو هاف كيس) 

you have case

عندكم قضية، وقال لي إنه لا يستطيع الوقوف ضد الشركة البريطانية لأن الخطوط البريطانية قامت بشرائها  ولكن يمكن أن أختار لكم محامياً من الدرجة الأولى وأكون مساعداً له، وقال لي بعد مراجعته للقضية: إنكم يمكن أن تجلسوا مع هيثرو والشركة البريطانية لتسوية القضية، ويمكن أن يتم منحكم 400 مليون جنيه استرليني وهيثرو تقوم بتعويضكم خطكم، ويمكن كذلك أن يتم تعويضكم إيجاره للفترة الماضية، ورتب لي المحامي البريطاني لقاء مع محامين كبار بلندن ذكروا لي أنهم محامو الخطوط البريطانية، ولكن يمكن اختيار محامٍ آخر.

فحوى الخطاب 

ويضيف: بعد ذلك قمت بصياغة خطاب تفصيلي عن موقف سودانير من القضية، وذهبت إلى وزير النقل وقتها أحمد بابكر نهار ووجدته يتكئ على طاولة بمكتبه، وسلمته له،  وكانت زيارتي في شهر يونيو 2013م وذكرت له أنه حتى سبتمبر 2013 حسب حديث المحامين البريطانيين إذا لم نتقدم في القضية ونحضر المستندات فإن السودان سيفقد حقه بالتقادم، والمحامون البريطانيون  يحتاجون إلى أموال وقام نهار بإرسال الخطاب لرئيس الجمهورية .

المحكمة: السودان تنازل طواعيه عن خط هيثرو 

ليضيف:  بعدي ذهبت المستشارتان أسماء الرشيد وأسماء كشة لمتابعة ملف القضية، وتم اختيار محامٍ يدعى (بيرز آند بيرز) له خبرة كبيرة وله فرع للطيران  استلم أوراق القضية، وكان من المفترض أن يشرع في تقديم الاستئناف بعد أن خسر السودان القضية في المحكمة الابتدائية وبررت المحكمة أن السودان تنازل طواعية عن مواقيته في خط هيثرو لشركة البريطانية .

مضيفاً : سمعت من المستشارة القانونية أسماء الرشيد أنها ذهبت للقصر الجمهوري لتوفير مستحقات المحامين وأن علي عثمان دفع لها مبلغ 60 ألف دولار تم تحويلها للمحامي والمحامي قام بترجمة المستندات ترجمة قانونية ورفع قضية في شهر نوفمبر 2013 .

إدارة سودانير: (ماعندنا شغلة بالقضية)

وقال:  المحكمة حددت أن يحضر أمامها خلال أربعة أسابيع فاتصل المحامي بإدراة سودانير لأجل ان يحضر للسودان ويجلس مع المسؤولين لصياغة الاستئناف كما قام المحامي البريطاني بمخاطبة الخطوط البريطانية فردت عليه بإعلامها بالحجة التي يستند عليها في القضية، ثم تحصل على تأشيرة من السفارة السودانية بلندن والتي كانت معنا في الصورة، ولكن ادارة سودانير رفضت حضوره وذكرت (ما عندها شغلة)، والموضوع بين وزارة النقل ووزارة المالية. 

ويضيف: أنا لم أدخل في هذا الموضوع إلا بعد أن أصبحت في لجنة التحقيق، وعرفت هذه المعلومة أثناء التحقيق، وعلمت بانقضاء المهلة التي حددتها المحكمة للمحامي البريطاني، وطلب منها مهلة أخرى، ورفضت المحكمة، لكن الخطوط البريطانية رفضت  وطلب منه القاضي استئناف القرار، وتم قبول الاستئناف، وطلبوا منه المستندات وتمت مخاطبة سودانير لتوفير المستندات لكنها لم ترد ولم يرد النائب العام، وعلمت أن رسوم الاستئناف كانت في حدود 400 دولار أو أقل، لكن لم يتم سدادها وكان يمكن أن تدفعها سفارتنا بلندن، فتم شطب الاستئناف لعدم سداد الرسوم ولانقضاء المهلة بالتقادم. 

وتم استفساري بعد ذلك، هل يمكن كسب القضية بعد ذلك قلت لهم نسبة إعادة فتح القضية ضعيفة حسب إفادات بعض المحامين الذين لجأت إليهم، وإن كنا أسرعنا كما ذكرت ذلك في خطابي لرئيس الجمهورية لكانت قضيتنا مضمونة ولأننا لم نظهر سقطت القضية. 

ليقول: القضية تعاد حسب إفادة بعض القانونيين في حالة واحدة إذا أثبتنا أن فيها خيانة أمانة وهي قضية جنائية لا مدنية .

القضية جنائية 

وبما أنها  جنائية لا تسقط بالتقادم، وأقول هي قضية جنائية  لأنه في شهر يوليو 2007 الخواجات خططوا لإعطاء الخط للخطوط البريطانية، حيث  قالوا نحن من يوم 31 / 10 / 2007م سنعطي خط السودان – هيثرو لشركة ( بي إم أي)، فخاطبت الخطوط البريطانية الطيران المدني السوداني بأن الشركة البريطانية ستكون بديلاً للخطوط الجوية السودانية، فرد الطيران المدني السوداني بأنه لا يتعامل مع الخطوط البريطانية ويتعامل مع الطيران المدني البريطاني، فتقدم السفير البريطاني باعتذار للطيران المدني،  لكنه أيد في خطاب اعتذاره طلب خط هيثرو، وفي شهر أغسطس 2007م قال كابتن دشتي إن الخط خسران مليون دولار، ثم أخرج علي دشتي في نوفمبر خطاباً للمستشار الإنجليزي قال فيه تحصلت على موافقة رئيس مجلس إدارة سودانير بإيقاف سفرية هيثرو بصورة لعبد الله إدريس مدير عام سودانير، ومباشرة أصدر عبد الله إدريس قرارًا أوقف فيه سفريات هيثرو وقتها كانت سودانير قد حلقت في يوم 28 /10/2008  وفي يوم 31/10/2008م أقلعت طائرة الشركة البريطانية إلى مطار هيثرو عبر خط سودانير .

المصلحة

مصدر قانوني مطلع بملف خط هيثرو ـ رفض ذكر اسمه ـ قال لـ (الصيحة) إن المشكلة الكبيرة في قضية خط هيثرو أن مسؤولين رفضوا التعاون في القضية حينما قررت الحكومة استعادة الخط من الشركة البريطانية وحتى بعد أن وجه رئيس الجمهورية بإعادة خط هيثرو حصل تماطل من إدارة سودانير وتم إخفاء المستندات الخاصة بخط هيثرو، كما أن وفاة المدير العام عبد الله إدريس جعلت كثيراً من الأمور خافية خاصة وأنه من وقع على كثير من الخطابات، وقال إنهم كتبوا تقريراً كاملاً وتم تحويل القضية للمدعي العام الذي حولها بدوره للمحامي العام، حيث تم استجواب مجلس إدارة الخطوط الجوية السودانية في فترة شركة عارف الكويتية، كما صدرت مذكرات إعلان بالحضور لأعضاء شركة عارف الذين خرجوا من السودان مثل علي دشتي وغيره من الذين كان لهم دور في بيع خط هيثرو، ولكنهم رفضوا الخضوع للتحقيق ..

وقال: خط هيثرو تم بيعه بأموال ضخمة لكنها لم تظهر لنا في الأوراق الرسمية التي تحصلنا عليها، لأن السؤال الذي وجهناه للمسؤولين عن التفريط في خط هيثرو ما هي المصلحة التي سيجنيها السودان من تحويل خط هيثرو للشركة الإنجليزية ولم نجد أي مصلحة للسودان من منحه أوقاته الذهبية للشركة البريطانية؟

وقال  المصدر: (السودان فقد الاستئناف بسبب عدم دفع الرسوم مبلغ لا يزيد عن 400 جنيه استرليني رغم المحاولات الكثيرة لسداده، لكنهم قصدوا ألا يتم سداد المبلغ حتى لا تفتح القضية ويظهر المتورطون، لكن من ناحية قانونية يمكن إعادة فتح القضية من جديد إذا تمكن السودان من الدفع بأدلة جديدة في القضية لم تظهر في القضية الأولى).

رأي وزير النقل 

وزير النقل والطرق والجسور الأسبق أحمد بابكر نهار والذي استلم تقرير لجنة التحقيق في خط هيثرو قال في حديث صحافي إن بيع خط هيثرو تم بمبلغ أربعين مليون جنيه إسترليني، وإن تقرير لجنة التحقيق أثبت أن مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية السودانية  هو من اتخذ قرار بيع الخط.

وأشار إلى أن اللجنة أوصت باتخاذ إجراءات جنائية في حق البعض، وأخرى مدنية وثالثة إدارية وإخضاع الضالعين في القضية للمحاسبة.

وأكّد بأنه قام بوضع التقرير على منضدة رئيس الجمهورية، والنائب الأول وقتها علي عثمان محمد طه والنائب العام، وتوقع أنّ يتم اتخاذ إجراءات قانونية، ولكن هذا لم يحدث وحتى الآن لم تطل المحاسبة أحداً.

واتهم وزارة المالية ونافذين بالوقوف وراء عدم إكمال إجراءات إعادة الخط لسودانير، وقال إن هناك جهات عملت على وضع العراقيل وحاولت إبطاء عمل اللجنة .

قرار وزير العدل 

أما وزير العدل السوداني السابق عوض الحسن، فقد أصدر قراراً في اليوم التاسع عشر من شهر سبتمبر سنة 2015م أشار فيه إلى أن ازدحام مطار هيثرو دفع شركات الطيران لأن تدفع 30 مليون استرلينى مقابل إذن هبوط مناسب واحد، وعندما أرادت الشركة الأمريكية Continental Airlines بدء تشغيلها لمطار هيثرو فى ذاك العام أنفقت مبلغ 100 مليون جنيه استرلينى مقابل أربعة اذونات هبوط.
وذكر ان لجنة التحقيق أشارت إلى  أن الاتجار في إذن الهبوط في المطارات الأوربية كان يتم فى الخفاء أو فيما يعرف بالسوق الرمادية، لأن اللوائح المنظمة له لم تنص صراحة على التصرف فيه بمقابل مادي.
وقال إن  من قام بالتوقيع على التنازل هو كل من مستشار مجموعة عارف الكويتية ومدير عام الشركة المكلف حينها.
وقال إن لجنة التحقيق تحصلت على بيانات ومعلومات عن وجود سوق رمادية غير معلنة للاتجار في هذه الامتيازات بمبالغ، وذلك تحايلاً على اللوائح التي تجيز المبادلة واحداً بواحد دون البيع بطريقة رسمية.
وأضاف: حيث أن هذه الوقائع قد تشكل جريمة خيانة الأمانة طبقاً للمادة 177(1) من القانون الجنائي لسنة 1991 أقرر الآتي:-
أولاً: توجيه السيد المدعي العام لجمهورية السودان بفتح بلاغ تحت المواد (21/177) من القانون الجنائي لسنة 1991م ، ضد :إيان باتريك، الكابتن على ديتشى، وكل من تثبت علاقته بالتعاون والاتفاق والتحريض معهما وتسبب في فقدان خط هيثرو .
ثانياً : توجيه بنك السودان ووزارة المالية بوقف صرف أي مستحقات لكل من مجموعة عارف الاستثمارية الكويتية وشركة الفيحاء القابضة  لحين البت في الدعويين الجنائية والمدنية في مواجهتهما.
ثالثاً: وحيث إن اتفاق فض الشراكة مع مجموعة عارف الاستثمارية الكويتية وشركة الفيحاء القابضة وسودانير، يشير إلى التزامهما بتعويض سودانير عن أي أضرار ناجمة عن فض الشراكة، حيث التزام الطرف الثاني (مجموعة عارف الاستثمارية وشركة الفيحاء القابضة) بمساعدة الطرف الأول (سودانير) باستعادة حق الهبوط بمطار هيثرو الذي كان يمتلكه الطرف الأول، وتعويضه فى حالة فقدان حق الهبوط بمطار هيثرو – إذا كان الطرف الثانى أو أحد العاملين مع مجموعة عارف قد تحصل على فوائد مالية مباشرة أو حقق مكاسب شخصية من ذلك – على أن يتم ذلك عن طريق التحكيم لدي غرفة دبي للتحكيم الدولي التجاري إذا فشل الطرفان في الحل الودي لأي نزاع ينشأ فيما يتعلق بتفسير أو تنفيذ الاتفاق،
لذا نرى إحالة الإجراءات للسيد المحامي العام للبدء بالتنسيق مع وزارة النقل والطرق والجسور لمقاضاة مجموعة عارف الاستثمارية الكويتية وشركة الفيحاء القابضة وفقاً لعقد فض الشراكة والقانون.
رابعاً: تسلم صورة من تقرير لجنة التحقيق والمستندات لكل من المحامي العام والمدعي العام .

في الجزء الأخير من التحقيق، ما هو وضع  الخطوط الجوية السودانية الآن، وهل تم تنفيذ قرار وزير العدل أم ضاعت القضية كما ضاعت كثير من القضايا ..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى