استقرار السُّودان جُزءٌ من أمن مصر!!

* على مدار الحقب التأريخية والحديثة، وبرغم تعاقُب الأنظمة في البلدين – مصر والسودان -، ظلّت العبارة التي عَنونت بها هذا المقال (استقرار السودان جُزءٌ من أمن مصر) هي (حقيقة) لا خلاف عليها، وكما أسلفت أدركتها جميع الأنظمة، وهي عبارة عكسها (صحيح) حيث – استقرار مصر جُزءٌ من أمن السودان – والأسباب معروفة يَدركها كل صاحب بصيرة وبصر، فتأريخ البلدين هو تأريخ لبلدٍ واحدٍ ولشعبٍ واحدٍ هو شعب وادي النيل الذي يتشارك التأريخ والجُغرافيا والمياه وتربطه منذ قديم الأزمان روابط ووشائج اجتماعية لا تنفصل.

* ظَلّت الأنظمة المُتعاقبة تجتهد في أن تظل العلاقة بين البلدين علاقة (مُتجذِّرة)، تعكس ما يُريده شعب الوادي (العملاق).. والمُتتبع لمسار العلاقات بين السودان ومصر يجد (اجتهادات عملاقة) من قِبل الحكومات والأنظمة بأجهزتها التنفيذية المُختلفة لخلق اتفاقيات ومَواثيق تدعم آصرة العلاقة بين شعبي الوادي، منذ ميثاق طرابلس، ومُروراً بتكامُل وادي النيل واتفاقية الحُريات الأربع.. وكل هذه المواثيق كان قاسمها المُشترك هو (فائدة) إنسان وادي النيل ليتمتّع بالحُرية المُطلقة في التّمتُّع بحُقُوق التنقل والتملُّك والإقامة والعمل.. وقطعاً أنّ هذه العُهُود والمواثيق انعكست إيجاباً على إنسان المنطقة وأسهمت بقدرٍ كبيرٍ في إنعاش الاقتصاد وتحسُّن حالة الفرد في البلدين.

* وَجَد التغيير الذي جرى في السودان في 11 أبريل المنصرم عندما قامت ثورة الشباب ووضعت حَدّاً لحكم الرئيس السابق عمر البشير، وجد اهتماماً مُتصاعداً من القيادة المصرية، التي يهمّها بالمقام الأول (استقرار الوضع السوداني)، والذي ذكرنا في فاتحة الحديث أنّه (جُزءٌ من الأمن المصري) خَاصّةً عندما نعلم أنّ التداخل الاجتماعي بين البلدين أعظم وأكبر من أيِّ تَداخُل آخر في ظل وجود قبائل وعشائر اجتماعية مُشتركة في المناطق الحُدودية.. ما يجعلنا نقول إنّ الحالة السُّودانية (حالة نادرة) في تداخُلها مع المُجتمع المصري.

* ولهذا السّبب سارعت القيادة المصرية للاعتراف بالثورة السودانية، ثم اجتهدت في أن (تُهيئ) لها المناخ السياسي للانتقال السّلمي للسُّلطة.. وكانت (قمة) القاهرة الأفريقية الأخيرة التي أسهمت فيها مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي لرعاية الحالة السُّودانية واحتوائها بما يُحَقِّق الاستقرار للمنطقة كُلّها.. خَاصّةً في وُجُود حَالة من عدم الاستقرار تضرب حدود مصر الغربية في دولة ليبيا، التي شَكّلَت (صُداعاً) مُرهقاً لدول المنطقة كَافّة بعد تفشي حالة السيولة الأمنية فيها ووضعها المأزوم الذي أصبح مُغرياً لعصابات الهجرة وتجارة البشر بالإضافة للتّطرُّف والأفكار الإرهابية المُتصاعدة، لكل ذلك سَارعت مصر لتقديم العون للحالة السودانية وإعطائها المُؤازرة السِّياسيَّة والمَاديّة.

* بالأمس، دشّن والي ولاية الخرطوم برفقة السفير المصري في السودان حسام عيسى، دشّنا توزيع أدوية المنحة المصرية للسودان بالصندوق القومي للإمدادات الطبية بحُضُور وكيل وزارة الصحة الاتحادية المُكلّف ومدير عام وزارة الصحة بالولاية ومدير عام الصندوق.. والمنحة عبارة عن (25) طناً من الدواء، وتضم (88) صنفاً من الأدوية والمُستهلكات الطبية.. وأثنى والي الخرطوم على الدعم المصري للسُّودان، وأشار إلى أزلية العلاقة بين الشعبيْن الشقيقيْن وتَطوُّرها في المجالات كَافّة، وأنّ البلدين يربطهما هَمٌّ ومَصيرٌ مُشتركٌ، وحَيّا، مصر حكومةً وشعباً لوقوفها مع الشعب السوداني في كل الظروف.

* بينما اعتبر السفير المصري بالخرطوم حسام عيسى، (الدواء) وكل ما يُمكن أن تُقدِّمه مصر للسودان (رَدّ الدَّين) للشعب السوداني العظيم الذي وَقَفَ مع مصر في كُلّ المُناسبات التاريخية.. وأكّد أنّ مصر تشعر بالتّفاؤل والثقة والمُضي قُدُماً بالسُّودان إلى مَزيدٍ من الحُرية والاستقرار.. وأعلن استعداد بلاده وجاهزيتها لتقديم الخدمات في مُختلف المجالات للشعب السوداني وعلى رأسها الجانب الطبي.. وقطع بأنّ (أمن واستقرار السُّودان جُزءٌ لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر).. وأشار عيسى إلى أنّ هنالك علاقاتٌ اجتماعيةٌ وثقافيةٌ وجُغرافيةٌ ومائيةٌ وزراعيةٌ، مِمّا يدل على وحدة المَصير المُشترك.. وذاك ذات ما فسّرناه في مُفتتح هذا المَقال.. وعاشت آصرة وُحدة وادي النيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى