أين الإمام؟؟

لا يختلف  اثنان  في عقلانية الإمام  الصادق  المهدي  وخبرته  السياسية  في دروب  العمل  العام  ووسطيته  حتى في الظروف  الاستثنائية  البالغة  التعقيد، ومثل  الإمام الصادق (ينبغي) أن يصبح  مستودعاً  للحكمة  ورجل  مهام  صعبة  لحل  المشبوك،  وتبسيط  الصعب،  وتقريب  وجهات  النظر  بين  المتخاصمين.

 # لست  سعيداً بمآلات  التفاوض  بين  شركاء  الفترة  الانتقالية  والخلافات التي  انتهت  إليها  اجتماعات  ليل  رمضان  القصير  يوم  أمس  الأول،  وعلى الصعيد  الشخصي  انتابني  خوف  على الوطن  من أبنائه  المختلفين، حيث  يتسلل  في مثل  هذه  الحالات  شيطان  الانقلابات  ويدفع  ببلادنا  لأحضان  المجهول  مرة  أخرى  بعد  الانتقال  السلمي  من نظام  الإنقاذ  إلى  نظام  الحرية  والتغيير  بأعلامه  اليسارية  الصارخة،  ولكنه بالطبع  أفضل  من أن  تقع  بلادنا  في أحضان  انقلاب  عسكري  مدعوم خارجياً  يلغي  ما اتفق  عليه  غالب  أهل  السودان  من ديمقراطية  تعددية يحتكم  إليها  الجميع. .

وأي  انتكاسة  في التحول  الديمقراطي  الحالي  تضع  بلادنا  في حافة  المجهول،  ومن  هنا  تبدأ  أهمية  اتفاق  الشريكين العسكري  والمدني  على تشكيل  حكومة  مدنية  مهما  تطرّفت  ومهما  انتهجت  من سياسات  إقصاء  وجيّرت  السلطة  للتنكيل  بالآخرين  وعمدت  لتصفية  حساباتها  مع المخالفين  لها  في الرأي  والمذهب  السياسي،  إلا  أنها  أفضل  من مغامرات  العسكر  غير  محسومة  النتائج،  وأن تحكم  بلادنا  بنظام دكتاتوري  مدني  أرحم  لها  من دكتاتورية  عسكرية، على الأقل  النظام  الدكتاتوري  المدني  سيخضع  للحساب  بعد  حين  عبر صناديق  الانتخابات،  أما الدكتاتور  العسكري  فإن  حسابه  مؤجل  إلي حين  تكتمل  شروط  سقوطه.

# في مثل  ظروفنا  الراهنه،  حريٌّ  بالإمام  السيد  الصادق المهدي  خلع  جلبابه  الأنصاري  والتقدم  نحو  التوفيق  بين  الفرقاء من أبنائه  العسكريين  وشركائهم السياسيين  في تحالف  قوى الحرية والتغيير،  واقتراح  حلول  وسطية  تعيد  الجميع  إلى جادة  طريق  التسوية  بعد  اتفاق  الشريكين  على ٩٥ في المائة من  القضايا،  وتبقت  خمس في المائة فقط، فكيف  تتجمد  المفاوضات، ويعود  تحالف  الحرية  للمتاريس  ويشهر  سلاح  الإضراب  والعصيان  المدني،  ويتحسس  العسكر  بنادقهم  في  وطن  لا تنقصه  المواجع  والآلام  والدماء  والدموع،  الإمام  الصادق المهدي  وحزبه  هم  أكبر  مكون  لتحالف  قوى الحرية والتغيير،  ولكنه  الأقل  جلبة  وضوضاء  في الساحة،  ولا يمكن  مقارنة  حزب  الأمة  ببعض  واجهات  الحرية  والتغيير  مثل  تحالف  مزارعي  المناقل  والجزيرة ، ومنبر  القضارف  مدينتي، ومنبرشات وغيرها  من الواجهات  التي  لا تملك  قاعدة  جماهيرية  لدائرة  واحدة  من دوائر  حزب  الأمة.

وما وجده  الإمام  الصادق  من عنت  ومشقة  في سنوات  الإنقاذ،  لم يجده  قادة  التحالف  مجتمعين،  وبالتالي  الإمام  صاحب  مصلحة  عامة  في الاستقرار،  ومصلحة  خاصة  في استدامة  النظام  الديمقراطي،  وعضويته  في التحالف  لا تتناقض  مع دوره  القومي  والوطني  في المساهمة  في الحل  السياسي  والاحتقان  الحالي،  والإمام  يجد  القبول من الجميع  والاحترام  حتى مع المختلفين  معه  .

وفي غياب  الترابي  الأبدي،  ومحمد  عثمان  الميرغني  لظروفه،  ورحيل سوار الذهب،  ومحمد  ابراهيم  نقد،  يصبح  الإمام  الصادق المهدي  وحده  الأكثر  تأهيلاً  وقبولاً  للمبادرة  لحل  المشبوك  بين  العسكر  وقوى  الحرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى