السؤال الصعب.. كيف تقضي يومك المعيشي؟

تحقيق: قسمة حسين – خديجة الأمين    9 أكتوبر 2022م

 

يتساءل الكثير من المراقبين في ظل الأوضاع الاقتصادية القاسية كيف يقضي معظم السودانيين يومهم المعيشي في ظل الارتفاع المستمر للأسعار مقابل أجور ضعيفة يتلقونها.

لابد أن هنالك معاناة قاسية ومواقف مؤلمة ومكابدة وسط معظم الأسر السودانية لأجل تغطية تكاليف المعيشة المتزايدة يوماً بعد يوم.

 

صعبة

عثمان عبد الله معلم بإحدى مدارس الأساس بالعاصمة الخرطوم رصدته (الصيحة) يبيع بعض الخضروات في الحي الذي يعيش فيه كمية من الطماطم والقليل من الجرجير والشطة.

قال لنا – وهو يرد على سؤالنا كيف تقضي يومك المعيشي – بأنه يحاول قدر المستطاع الإيفاء بالأساسيات وأسرته أصبحت تكتفي بوجبتين فقط الفطور ووجبة بعد المغرب، يعتمدون فيها على الكسرى، وإضافة عليها ماتبقى من طماطم.

وأضاف قائلاً: الحياة صعبة هذه الأيام وأصبحنا غير قادرين على تلبية مستلزمات المدارس والمصروفات اليومية للأطفال من رسوم فطور وكتب وكراسات.

وقال: إن مايمر به السودان هذه الأيام لم يمر به طوال تاريخه، مشيراً إلى أنه الآن في سن الخمسين ومقبل على حياة أصعب من واقع المعطيات التي يعيشها.

مكابدة

حواء بائعة في إحدى أسواق الخرطوم اشتكت من صعوبة الحياة، وقالت لـ(الصيحة): بيع الشاي لم يعد مثل سابقه لكثرة بائعات الشاي، وأوضحت بأنها تكابد وتعمل لمنتصف الليل لأجل تلبية مستلزمات أسرتها، وذكرت أن زوجها متوفي وبالكاد تستطيع تلبية متطلبات المعيشة.

معاناة شديدة

وقالت نفيسة بائعة شاي أخرى، إنها يتيمة أب وأم ومطلَّقة ولها بنت عمرها (27) عاماً، وأنها عانت معاناة شديدة حتى تخرجت في الجامعة ووالدها لم يكن ينفق عليها أبداً، وذكرت أنها تعاني الآن معاناة شديدة وتخرج منذ الصباح الباكر لأجل ابنتها وسخَّرت حياتها لأجلها، وقالت: إن الحياة صعبة جداً وتقضي يومها في بيع الشاي لأجل لقيمات لسد الجوع ودفع إيجار المنزل الذي تعيش فيه.

عم عثمان

عم عثمان له كارو في سوق شهير بشرق النيل ملامحه تشير إلى شقاء مستحكم فيه والعروق بدت واضحة على أياديه من شدة الرهق،روغم ذلك قابلني بابتسامة وقال: إنه يقضي يومه متوكلاً على الله وأن أبنائه لجأوا إلى العمل -أيضاً- لسد النقص، وذكر أن الحياة الآن لا تطاق والعمل ليس مثل الأول.

وقال إن كل أبنائه تركوا الدراسة واتجهوا إلى العمل.

معاناة

المواطن مبارك أبَّكر، موظف والذي يبدو من حديثه أنه حظي بتعليم عالٍ بدأ حديثه  لـ(الصيحة) قائلاً: نمشي على كف القدر ولا ندري بالمكتوب، وأضاف: حياتنا كلها معاناة بسبب ضيق المعيشة والغلاء المعيشي، وذكر أن الاقتصاد السوداني يسير من سيئ إلى أسوأ، نعاني في العلاج عند المرض ونعاني في الحصول على الدواء ونعاني في الأكل والشرب، ولكن مع ذلك لنا إيمان بأنها ستفرج بإذن الله.

وأضاف قائلاً: من الحقوق الطبيعي أن نأكل ثلاث وجبات في اليوم، لكن للأسف أصبحنا نأكل وجبتين وفي بعض الأحيان وجبة واحدة، وعلَّق قائلاً: بلد حارق بلد قاتل .. الحمد لله.
ومضى يقول: إذا اتعبك ألم الدنيا فلا تحزن فربما أحب الله في السماء صوتك وأنت تدعوه فلا تنتظر السعادة حتى تبتسم لكن ابتسم حتى تكون سعيداً، وزاد: لماذا تطيل التفكير والله ولي التدبير ولماذا القلق من المجهول وكل شئ عند الله معلوم. لذلك أطمئن فأنت في عين الله الحفيظ وقل بقلبك قبل لسانك، وختم بقوله: فوَّضت أمري إلى الله.

نصف يوم

أحد بائعي الفواكه الجائلين في الطرقات قال (الصيحة) إنه يواجه مشاكل شديدة  ومعاناة، وذكر أن السوق (تعبان) والظروف المعيشية صعبة جداً، وأوضح بأنه يبذل جهداً كبيراً طوال اليوم ومايتحصل عليه لا يكفيه لنصف يوم.

لا يكفي

أحمد بابكر، صاحب مكتبة بالخرطوم كشف بأنه يعيش ظروفاً صعبة جداً، وقال لـ(الصيحة): إن المكتبات أصبحت خاسرة خاصة بعد تراجع مبيعات الصحف، وأوضح أن مايتحصل عليه في اليوم لايكفي مطلوبات الأسرة ولهذا يفكِّر في الهجرة لعله يجد عملاً أفضل أو يتجه للزراعة.

الهروب

الخبير الاجتماعي حاتم حسن، قال: إن الظروف الاقتصادية في السودان خلقت أزمات اجتماعية كثيرة، مشيراً إلى أن زيادة حالات الطلاق في البلد معظمها بعدم الانفاق وهروب الأزواج من مسؤولياتهم، وقال لـ (الصيحة): إن الفقر والشعور بالعوز والحاجة يدفع الناس للهروب من المسؤولية وقد يؤدي إلى أمراض نفسية حين يشعر الإنسان بأنه غير قادر على القيام بواجباته تجاه أسرته.

وأوضح أن  الفقر -أيضاً- يؤدي إلى أن يفقد رب الأسرة سيطرته على الأسرة التي في الغالب تتعرَّض للتمزُّق والتشتت، مشيراً إلى أن الظروف الاقتصادية تؤدي إلى نتائج سلبية في المجتمع.

تختلف

ضياء الدين قال لـ(الصيحة): هنالك أشخاص يعانون جداً والمعاناة تختلف من شخص لآخر، لكن الأسر الكبيرة التي لها عدد كبير من الأبناء يعانون أكثر من غيرهم لكثرة التزاماتهم ولهذا أصبح الناس يركزون فقط على ضروريات الحياة من مأكل وملبس وسكن ويتركون بقية الأشياء، وذكر لا توجد مقارنة بين الدخل والصرف وتجد أن معظم الناس صرفهم الشهري أكثر بكثير من دخلهم بسبب التضخم الحاصل بسبب تدهور الجنيه السوداني.

الجحيم

عمار سيد أحمد، قال: إن معظم الأسر السودانية كانت في السابق تعتمد على أبنائها المغتربين بالخارج على القيام بأعباء المعيشة بالداخل، ولكن هذا الأمر انتهى الآن بعد رجوع معظم المغتربين وبخاصة من دول الخليج وتحديداً السعودية، وقال: إن المغتربين بالسعودية ساهموا قديماً في إعاشة أسر كثيرة في السودان.

وأضاف قائلاً: حالياً الظروف الضاغطة أدت إلى انتشار المهن الهامشية في البلد لأجل تلبية الضروريات من علاج وأكل، مشيراً إلى أن كثيرين حين يمرضون لايجدون قيمة العلاج ويلجأون للعلاج البلدي.

وذكر أن الظروف الاقتصادية الحالية هي ظروف صعبة للغاية وحوَّلت حياة الكثيرين إلى جحيم .

كفاح مستمر

يعقوب حمدان، ذكر أن الأمهات والآباء يقودون كفاح مستمر من أجل توفير لقمة العيش لأبنائهم مع عدم توفر وسائل الكسب عند بعض الأسر وضعف المرتبات في الوظيفة العامة لدى غالب الأسر السودانية وهذا هو الشغل الشاغل لكل أب وربة منزل.

قالت (س) إنها تغطي يومها المعيشي (أخنق فطِّس) – على حد تعبيرها، بسبب ظروفها الاقتصادية، وأوضحت في حديثها لـ (الصيحة) إنها تعيش أربع بنات يتيمات لا أب لا أم، وأنها شقيقة والدهم المتوفي، وذكرت أن البنات يدرسن بالمدارس واحدة في الثالثة ثانوي واثنتان في خامس وسادس. بخلاف طفلة  صغيرة عصفت بهن الحياة وهدَّدت حياتهن.

وحكت المواطنة قائلة: أنا عمتهن وأكابد لإعاشتهن مرة أبيع الحطب ومرات كثيرة أغسل في البيوت .

وقالت إنها لا تشعر أنها تعيش أصلاً بسبب ضيق اليد، مشيرة إلى أنهن وفي كثير من الأوقات لايجدن وجبة واحدة.

الدخل لا يكفي

قال أحد المواطنين لـ (الصيحة): المعيشة في هذه الظروف الاقتصادية صعبة جدًا والدخل لا يكفي لقضاء جميع حوائج  الأسرة، وقد يلجأ رب الأسرة للدين في بعض الأحيان وتجبره الظروف -أيضاً- على سد دينه بدين آخر وأحياناً الظروف تجبرك على تناول وجبة واحدة في اليوم، وقد زادت الظروف المعيشية صعوبة بسبب فتح المدارس وارتفاع أسعارها وخاصة المدارس الخاصة ولعدم وجود مدارس حكومية في بعض المناطق يضطر الإنسان للمدارس الخاصة، وأوضح المواطن سليمان عبد الله، أن الظروف تجبره للعمل حتى في أيام العطلات في عمل إضافي كـ (بيع الطعام أو تجارة الأحذية وغيرها من الأعمال).

وذكر أسعد عبد الله، إنه يلجأ للعمل بعد انتهاء ساعات دوامه لأجل الحصول على بعض المال، وقال إنه يعرف أسر يعمل كل أفرادها صغار وكبار لتغطية مصروفاتهم.

امرأة قالت إنها تعمل مشرفة في إحدى المدارس، ولكن راتبها لا يكفي شيئاً ولهذا تقوم ببيع بعض الحلويات داخل المدرسة مثل الايسكريم والبسكويت لأنها تعول عدداً من الأطفال.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى