قالت إن الوزارة فوق الشبهات الخارجية.. عدم رضا  وظيفي والقيادة تكشف المستور..!

تقرير- مريم أبشر

أزمة رواتب البعثات التي تعيشها وزارة الخارجية وتسعى عبر تحركات مع الأطراف المعنية في وزارة المالية وبنك السودان لملمة أطرافها عبر تسديد جزء من متأخرات مستحقات البعثات، تتزامن مع تظلمات إدارية أخرى طالت بعض منسوبيها تتعلق بالترقي الوظيفي  وفق أصحاب الشأن،  حيث تفيد متابعات الصحيفة  أن  حالة عارمة من الاستياء  تسود  السفراء وقدامى الدبلوماسيين بوزارة الخارجية (الوزراء المفوضون) بسبب  ما أسموه  بالتأخير (المتعمد) للاستحقاقات الوظيفية لهاتين الفئتين.  ويعزو متابعون للشأن بالوزارة  تفجر الأوضاع في الوقت الراهن والذي وصل لدرجة المناوشات العلنية على وسائط التواصل الاجتماعي بين السفراء قيادة الوزارة بعد أن قامت الوزيرة بتعطيل كشف ترشيحات السفراء للبعثات الخارجية والتي تعاني هي نفسها من إشكالات مالية وإدارية عميقة، في ظل ما أسمته مصادر مطلعة  بوزارة الخارجية بحالة العجز المالي  التي تعاني منها الوزارة منذ فترة طويلة، حيث ظلت بعثات السودان الدبلوماسية بالخارج بلا سفراء لفترة طويلة بما في ذلك سفاراتنا في دول مهمة كروسيا والهند وبريطانيا والبرازيل ونيجيريا وكينيا على سبيل المثال، دون أن تقوم الوزارة بترشيح سفراء لها.

رسالة سالبة:

مصادر الصحيفة أشارت إلى أن   الوزارة  أرجعت أسباب  تأخير النقل  لانتظار  اكتمال استحقاقات السلام وشركاء التغيير ورأت ذات المصادر أن هذا الأمر  قد لا يبدو يسيراً في الوقت الراهن في ظل حالة التجاذب بين مكونات شركاء ما بعد الثورة، مما يجعل تأخير ملف بدرجة حساسية عالية كتمثيل السودان بروسيا على سبيل المثال مفتوحاً على تفسيرات قد تصل لدرجة اعتباره رسالة سياسية لاسيما وأنه قد تم اعتماد سفراء للسودان بكل من الولايات المتحدة والصين.

ظلم إدارى

سبقت موجة الغضب الدبلوماسي موجة أخرى وصلت أيضاً لوسائط التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن قامت لجان الترقيات بتجاوز دفعة كاملة من الدبلوماسيين القدامى بدرجة المستشار في الوقت الذي تمت فيه ترقية دفعة من المستشارين  من الكوادر الوسيطة تم استيعابهم في العام ٢٠١٤ لدرجة الوزير المفوض بزعم عدم إكمالهم القيد الزمني والذي تم تغييره باللائحة التي وصفها بعض متظلمي هذه الدفعة (بالمطاطية) لست سنوات بدلاً من أربع سنوات قبل وقت وجيز من الترقيات لاستبعادهم من المنافسة ـ على حد أفادتهم.

وأشارت المعلومات إلى أن حالة التذمر الواسع قد امتدت لتشمل  أقدم دفعات الدبلوماسيين بوزارة الخارجية من الوزراء المفوضين الذين وصفهم المصدر بالأكثر خبرة والذين يدير معظمهم  العمل بالبعثات الدبلوماسية في الوقت الراهن بسبب استثنائهم على نفس طريقة زملائهم المستشارين من الترقية لدرجة السفير حيث تم إلغاء ترشيحات المترقين بعد أن رفعت اللجان عملها بدعوى الحاجة لمزيد من (التحري) قبل ترقيتهم  في سابقة لم تشهدها الوزارة في الدفعات السابقة، في الوقت الذي تمت فيه إلى حد كبير ترقية كل السفراء العاملين بالخارجية للدرجة الأعلى وتفريغ الهيكل من سفراء الدرجة الثالثة، ولأجل هذا الغرض تم تجاهل اللائحة المنظمة للترقيات والموصوفة بالمطاطية، حيث أفاد عدد من المتظلمين من هذه الفئة الى استيفائهم جميع المطلوبات بما في ذلك القيد الزمني وتسليم تقارير الأداء والبحوث المهنية باللغة الإنجليزية مما يطرح تساؤلاً مشروعاً عن أسباب خفية لعدم الترقية لم تفصح الوزارة عنها حتى الآن.

تعزيز الثقة

وأكد عدد ممن استطلعتهم  الصحيفة  من العاملين بوزارة الخارجية وقدامى الدبلوماسيين والسفراء إلى أن وزيرة الخارجية بحاجة في الوقت الراهن لتعزيز الثقة بينها وبين العاملين في وزارة الخارجية خصوصاً قدامى الدبلوماسيين من أصحاب الخبرة والمعرفة لضمان نجاح فترة عملها بالوزارة وتحقيق الأهداف المطلوبة من وزارتها خلال الفترة الانتقالية الشيء الذي يستدعي قيامها بالإشراف المباشر على مجريات العمل بالوزارة  والتخلي قليلاً عن الثقة المطلقة في بعض المنظومة المتأثرة  بـ(العهد البائد) وونسة ما أسموها (بالشلليات) في اتخاذ القرارات الخاصة بمصالح الأفراد والمنظومة.

كل  العهود هناك

المصادر أشارت  إلى أن وزيرة الخارجية باعتبارها قائدة لأكبر كتلة سياسية في تجمع قوى الحرية والتغيير بحاجة لتحقيق النجاح في موقعها الراهن ونصحوها بأن  تحسن قراءة الحال ومآلاته بحنكتها السياسية في ظل توفر مساحة المتاح من الحلول والتعامل بوعي وذكاء حاضر في كل الأوقات، وأكدوا على أن هناك دوائر داخل الوزارة (وصفهم بخادمي كل العهود) تعلم حساسية موقع  الوزيرة،  وتعمل على ممارسة الضغط عليها عبر  الحملات الإسفيرية بغية تشكيل صورة سالبة لها لدى الرأي العام،  مما يحتم على الوزيرة أن يكون معيارها الوضوح والشفافية وتقديم من تؤهله مقدراته لتولي المسئوليات من كل شرائح العاملين بوزارة الخارجية  بعيداً عن تأثيرات المنظومة.

استيفاء الشروط

وزير مفوض ضمن المجموعة التي تجاوزها الترقي قال (للصيحة): تعرض السادة الوزراء المفوضون لظلم كبير من قبل قيادة وزارة الخارجية، وذلك بحرمانهم من الترقي لدرجة السفير بعد مرور فترة ست سنوات منذ ترقيتهم إلى درجة الوزير المفوض. وقال لـ(لصيحة): هناك إصرار كبير من بعض قيادات الوزارة على عدم ترقية الوزراء المفوضين واستغلال الخانات الشاغرة لإعادة بعض السفراء الذين تقاعدوا للمعاش للخدمة في تلك الوظائف، وكذلك تعيين بعض السياسيين من خارج السلك الدبلوماسي فيما يعرف بالتعيين السياسي ونقلهم للعمل في بعض السفارات بالخارج. ويرى المصدر أن فترة القيد الزمني لاستحقاق الترقية من درجة الوزير المفوض إلى درجة السفير هي فترة ثلاث سنوات حسب لائحة الترقي بالوزارة والتي لم يتم تعديلها أو تغييرها حتى الآن. وكذلك لم يصدر أي منشور من  الوزير أو  الوكيل بخصوص تأخير ترقية الوزراء المفوضين أو إبداء أي أسباب منطقية لحرمانهم من الترقيات المستحقة. ووفق قراءاتهم فإن ما  يحدث في وزارة الخارجية من ظلم وتمكين جديد في عهد الثورة لم تشهده الوزارة حتى في فترة حكم العهد البائد، بل إن العاملين بالوزارة بدأوا  يتهامسون  بما أسموه  بمصطلح الكيزان الجدد في إشارة لبروز ظاهرة الشلليات والتكتلات.

موتور الوزراء

تخوفات أصحاب الشان وتصنيفهم للأمر بأنه استهداف لدفعة كاملة نقلته (الصيحة) لرئيس اللجنة المشرفة على الترقيات السفير مجدي محمد طه مدير إدارة الموارد البشرية الذي أكد أن درجة الوزير المفوض بوزارة الخارجية تمثل الموتور الحقيقي للعمل بالوزارة وهو الموظف الأعلى إدارياً فى كل البعثات وأنه مسئول مسئولية مباشرة عن المسائل المالية والإدارية بشكل عام فى البعثات، السفير مجدي أوضح لـ(الصيحة) أن ترقي الوزير المفوض لدرجة السفير ترقٍ ذو طبيعة خاصة وليس كباقي درجات الترقي الأخرى التي تتم وفق الأقدمية وتقارير الأداء، وأضاف أن الوزير المفوض يخضع للعديد من الإجراءات والتمحيص إلى جانب سنوات الخدمة وتقارير الأداء.

وعزا ذلك إلى أن الانتقال لدرجة السفير تعني ممارسة مهام أكبر وذات حساسية عالية، أضف إلى ذلك أن الفيصل في ترقية الوزير المفوض إلى سفير يحكمها عدد الوظائف الشاغرة في الدرجة الثالثة للسفراء، ولفت إلى أن لجنة الترقيات تتشكل من كبار السفراء وتضم ديوان شئون الخدمة ويرأسها وكيل الخارجية.

نضج مهني

السفير مجدي أشار إلى أن الترقي لدرجة الوزير المفوض في الخارجية يتم الوصول إليها بعد سنوات خبرة لا تقل عن ثمانية عشر عاماً مما يعني أن من وصل إليها ينبغي أن يكون ملمًا بقوانين ولوائح الخارجية والتجارب العملية. وأشار إلى أن هنالك أسساً وضوابط للترقيات بوزارة الخارجية، مذكرًا بأن البلاد تعيش حالياً وضعاً ديمقراطياً يتسم بالشفافية والعدالة، وأضاف بقوله: (يقينى كاملاً في عراقة الوزارة وبعدها عن الشبهات) هذه (…) شواغر التنافس.

السفير مجدي كشف لـ(الصيحة) العدد الحقيقي للوزراء المفوضين بالخارجية، وقال إن عددهم يبلغ 45 و31 منهم بالبعثات و14 بالسفارات بالخارجية، وأشار إلى أن عدد الشواغر لدرجة السفير تبلغ 18 وظيفة، الأمر الذي يحتم خضوع المتنافسين لتمحيص دقيق يحتم ترقي الأفضل لهذه الدرجة المهمة.

كفاءة وتدريب

دفعة الوزراء المفوضين الذين يرون أنهم حرموا من حقهم الأصيل في الترقي الوظيفي بعد استيفاء كل شروطه يرى مراقبون لأدائهم بأنه  مشهود لهم بالكفاءة وحسن السيرة والأداء طوال فترة عملهم بالوزارة، والآن كثير منهم يسيرون دفة العمل بالبعثات الخارجية على أحسن ما يكون في ظل عدم وجود السفراء، وقد استوفوا كل الشروط مع إكمال جميع مطلوبات المنافسة للترقية من إعداد بحث الترقي باللغة الإنجليزية وتسليم تقارير الأداء السنوية، وذلك منذ العام 2019م، حسب توجيه رئاسة الوزارة. وقد تم تشكيل لجان تصحيح البحوث وتقييم تقارير الأداء ورصد الدرجات المستحقة لذلك. واعتبرو  تأخير صدور كشف الترقيات بأنه تم بصورة  مريبة، رغم أن بعض قيادات الوزارة الحالية بعد توليها المهمة  وعدت  بإنصاف الجميع ورفع الظلم عن العاملين في ثلاثة أشهر، ولكن ما حدث  تفاجأ به  الجميع من نقض للعهد  في المواقف والتصريحات.

تجدر الإشارة إلى أن الدفعة التي تجاوزتها الترقيات  تقدمت للالتحاق بوزارة الخارجية في  العام ٩٨  وتم تعيينهم  في درجة السكرتير التالت في عام ٢٠٠١ عبر لجنة الاختيار وعبر معاينات يبلغ عددهم  ٥٧  ذهب سبعة منهم إلى جوبا بعد انفصال الجنوب في العام ٢٠١١ وتم تعيينهم سفراء في دولتهم الجديدة منذ العام ٢٠١٥ وخضعت الدفعة لتدريبات مكثقة  بمعهد الدراسات الدبلوماسية لمدة عامين وبجانب تدريبهم تحسين اللغة الإنجليزية عامة في معهد السودان القومي للغات لمدة عام وتم ابتعاثهم لعدد من الدول لتلقي التدريب والمهارات الدبلوماسية بالخارج، كما شغل معظمهم مهمة قائم بالأعمال في عدد من دول التمثيل بعد سحب السفراء في أعقاب ثورة ديسمبر المجيدة، وقد أنجزوا المهمة بامتياز ويعتقدون أن خبرتهم في العمل الدبلوماسي التي تجاوزت العقدين من الزمان  بجانب التدريب ورفع القدرات التي نالوها مضافاً إليه  تقارير الأداء التي تشير للانضباط في العمل الوظيفي  مشفوعاً  بالبحوث التي أنجزها معظمهم إن لم  يكن جلهم بامتياز تجعلهم الأجدر بنيل  الترقي لدرجة السفير في الدرجة الثالثة، وكذلك درسنا بواسطة أستاذ أمريكي المفاوضات ومهارات التقديم. تم ابتعاثنا إلى لاهاي والقاهرة وإسلام آباد ونيويورك وطوكيو في دورات تدريبية. عملنا في ثلاث بعثات وتشهد تقاريرنا بالكفاءة والانضباط  يتولى معظمنا القائم بالأعمال ورؤساء بعثات في البعثات التالية. ذكر البعثات كلها بالتفصيل.

لأول مرة:

الشعور بأن تأخير الترقي بقصد الاستهداف لدفعة كاملة من الوزراء المفوضين بوزارة الخارجية لدرجة السفير بعد أن استوفوا كل مطلوبات الترقي ونالوا من التدريب والدراية في مجال العمل الدبلوماسي ما يؤهلهم كما يقولون يقابله تأكيد من قيادة الوزارة بأن الترقيات التي حدثت خلال الفترة الماضية لم تشهدها الوزارة من قبل وقال وكيل وزارة الخارجية السفير محمد شريف للصيحة إن الوزارة شكلت لجنة متخصصه ظلت تعمل لمدة ستة أشهر تدرس ملفات الكادر الدبلوماسي، حيث تمت  ترقية أعداد كبيرة وفق قوانين ولوائح الوزارة ومطلوبات تقارير الأداء لكل الفئات بمن فيهم السفراء عدا الدبلوماسيين في درجة الوزير المفوض.

لن نظلم دبلوماسياً

وكيل الخارجية في حديثه لـ(الصيحة)، أشار إلى أن الترقي لدرجة السفير بالوزارة يمثل  مهمة  قيادية منحها يؤهله بأن يكون ممثلاً لبلاده في الخارج، مضيفاً أن الترقي لهذه الدرجة يتطلب أن يكون الدبلوماسي مسئولاً وشخصية مؤهلة كلياً وتتم على  معايير محددة من الكفاءة وتقارير الأداء،  وأشار إلى أن الإجراءات الخاصة بترقي هذه الفئة باشرت عملها منذ فترة،  لكن الإجراءات قد تأخذ وقتاً، غير أن وكيل الخارجية شدد على أن الوزارة ممثلة في لجان الترقي لن تظلم أحداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى