المبعوثون الدوليون بالخرطوم.. دعم للإطاري وتلويح بالتوسيع

انخرطوا في مباحثات

المبعوثون الدوليون بالخرطوم.. دعم للإطاري وتلويح بالتوسيع

تقرير- مريم أبَّشر

تراقب الأوساط  السياسية والمراقبون الدوليون والإقليميون نتائج مباحثات واتصالات انخرط فيها ستة مبعوثين غربيين، وصلوا البلاد اليوم، في مهمة يبدو أنها بالغة الأهمية والتعقيد معاً، في  ظل تشظي المواقف السياسية واتساع هوة الخلاف بين الأطراف السياسية فيما بينها والقوى العسكرية،  فضلاً عن تباعد بدأ يطفو للسطح بين القوى العسكرية فيما بينها، وتأتي زيارة المبعوثين في إطار مساعٍ غربية أمريكية تهدف لاستعادة المسار الديموقراطي وضمان تماسك السودان وإبعاد شبح التقسيم في ظل صراع إقليمي دولي شائك وتكالب محاور بات واضحاً لكل المراقبين.

وبحسب محلِّلين فإن المبعوثين الدوليين سينخرطون في مباحثات مع المسؤولين في حكومة الأمر الواقع والأطراف السياسية وأصحاب المصلحة للوقوف على آخر التطورات في مسار العملية السياسية (الاتفاق الإطاري) المتعثرة بسبب النزاع بين قوى الحرية والتغيير وقوى الثورة الشبابية الرافضة لأي تسوية يكون طرفها العسكر والقوى السياسية الأخرى التي تصنِّفها الفئة الأولى بأنها موالية للعسكر وبقايا النظام البائد وتتزامن زيارة  المبعوثين الغربيين -أيضاً-  في ظل وقوع السودان في حلبة نزاع المحاور والتكتلات الخارجية، مع زيارة أعلنت مسبقاً لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى الخرطوم في إطار جولة أفريقية تشمل إلى جانب السودان دول أفريقية أخرى  للترتيب للقمة الروسية الأفريقية المقررة في يوليو المقبل.

ويُرجَّح أن يبحث لافروف مع المسؤولين في الخرطوم الأوضاع السياسية في السودان والمصالح والاهتمامات الروسية  سيما وأن موسكو تتعرَّض لضغوط أمريكية وغربية بسبب دخولها في حرب مع أوكرانيا، بخلاف الضغوط التي تمارسها واشنطن على السودان وعواصم أفريقية أخرى لمحاصرة روسيا وعزلها وتعطيل استثماراتها.

 اختيار مقصود

ويضم وفد المبعوثين المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي مايك هامر، ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي آنيت ويبر والمبعوث الفرنسي الخاص للاتحاد الأفريقي فريدريك كلافيه، فضلاً عن ضم الوفد  للمسؤول عن  القرن الأفريقي في الخارجية الألمانية تورستن هوتر، والمبعوث البريطاني للقرن الأفريقي والبحر الأحمر سارة مونتغمري، والمبعوث النرويجي الخاص للسودان وجنوب السودان جون جونسون.

وفي تعميم صحفي أبان سفير الاتحاد الأوروبي في الخرطوم إيدن أورهارا، إن المبعوثين سيجرون محادثات مع الفريق   البرهان ونائبه الفريق  حميدتي، وأن المباحثات ستركز على إنجاح العملية السياسية واستئناف المساعدات الإنسانية والاقتصادية إلى السودان، كما يشمل البرنامج لقاءات مع القوى السياسية والكيانات المدنية ووكالات الأمم المتحدة.

ولا يستبعد مراقبون في ظل حالة الاحتقان السياسي ووصول الأوضاع الاقتصادية والسياسية في السودان إلى مراحل حرجة أن يعمل المبعوثون الذين تتصدرهم الولايات المتحدة الأمريكية  على ممارسة نوع من الضغط لتوسيع قاعدة الاتفاق الإطاري واستيعاب بعض القوى المؤمنة بالتحوُّل الديموقراطي وأطراف السلام التي لم تنضم للاتفاق.

 تلميحات

وانخرط وفد المبعوثين الأوربيين أمس، في اجتماعات متواصلة مع القوى السياسية والمسؤولين في الحكومة الحالية، وأكدوا دعمهم  توسيع المشاركة وتشكيل حكومة بقيادة مدنية.

وأوضح المبعوث البريطاني الخاص للسودان وجنوب السودان، روبرت فيرويذر، إن بلاده والاتحاد الأوروبي وأمريكا يدعمون الاتفاق الإطاري والجهود المبذولة لتوسيع المشاركة لتشكيل حكومة بقيادة مدنية.

وقال فيرويدز، عبر تغريدة له في تويتر: “نحن والاتحاد الأوروبي وفرنسا والنرويج وأمريكا وألمانيا متحدون وراء الاتفاق الإطاري، إضافة إلى الجهود الجارية لتوسيع المشاركة وتأمين اتفاق نهائي سريعاً لتشكيل حكومة بقيادة مدنية”.

تصريحات المبعوث البريطاني، جاءت عقب وصول الوفد الأوربي الخرطوم.

ترتيب أوضاع

ويرى الكاتب والمحلِّل السياسي الأستاذ الجميل الفاضل، أن الغرض هو إعادة ترتيب أوضاع البلاد لتناسب تصورات الغرب المستقبلية القاصرة للسودان ودوره، وضمان إقصاء روسيا ومحاصرة تمددها أفريقياً، في مقابل إنهاء سلطة العسكر بشكلها الراهن.

ويزيد المطلوب بحسب تصوراتهم استبدال السلطة الانقلابية بنظام جديد يكون العسكر جزء منه وبواجهة مدنية، ويرى الفاضل لكي تتحقق هذه المعادلة، فلا سبيل سوى العملية السياسية بصيغتها الراهنة القائمة على تنازلات جوهرية من الطرفين، وأضاف: المطلوب بالنسبة لهم حكومة مدنية تحقق قدراً من الاستقرار يساعد على إنفاذ برامجهم في السودان، ودفع القوى المختلفة لانتخابات لا يهم كيف تتحقق ووفق أي شروط، وهي عملية قابلة للتحقق جزئياً مع هشاشة الأطراف المختلفة واستجابتها للضغوط، ولكنها لن تحقق له أهم معادلة، الاستقرار، لأنها ببساطة تتغاضى عن أهم مطالب الشارع، العدالة والمحاسبة، ورفض الانقلاب والانقلابيين.

وأشار إلى أن المكوِّن العسكري يريد  “استناداً لدعم حلفائهم الداعمين لهم خارجياً وداخلياً” بعدما أجبروا تحت الضغط الدولي والإقليمي، على القبول بوثيقة المحامين الدستورية واتفاقها الإطاري، بما حوته من تنازلات في مقابل ضمانات عدم المحاسبة التي منحت لهم، الالتفاف على ما تم، وإعادة تشكيل الظرف السياسي ليتناسب مع الانقلاب عبر حلفائهم من بقايا النظام البائد والحركات المسلحة.

وبالمقابل يرى الفاضل أن قوى الحرية والتغيير تريد الوصول لمرحلة تشكيل الحكومة الانتقالية، كمدخل وفق تصوراتها المذاعة لإنهاء الانقلاب واستئناف الانتقال المدني الديموقراطي، وهي تعلم أنها لا تملك أهم شروط تأسيس ذلك الحكم، وهي الدعم والتأييد الشعبي لطرحها، وأن صيغة الحل المطروح مفارقة لأهم مطالب الشارع برحيل العسكر والعدالة، وهذا هو السبب الأهم لطرح الاتفاق الإطاري، وطرح القضايا الخمس للنقاش، توسيع قاعدة الدعم السياسي والشعبي.

وبالتالي فإن أهم أركان معادلتها وفق تصورات القوى الخارجية الداعمة للتسوية وهي تحقيق الاستقرار لن تتحقق، ووجودها في الحكم سوأ بشكل مباشر عبر المحاصصات، أو تشكيلها مع آخرين لحكومة من الكفاءات، سيواجه باختبار كبير، فالشارع لن يهدأ وسيتواصل تصعيده وبشكل أكبر، وساعتها ستكون قد وضعت نفسها بين المطرقة والسندان، وستتحمَّل أوزار أي قمع يتعرَّض له حراك الشارع، وستفقد رصيد الدعم الدولي.

أما ما يريده الشارع، فلن يبلغه في ظل هذه المعادلات المشتبكة الا بالتنظيم، وبتحالف ثوري يجمع القوى الثورية المختلفة والكيانات النقابية والمهنية والتنظيمات الفئوية.

ندعم الإطاري

وفي اجتماعهم مع القوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري أكد المبعوثون أنهم يدعمون بشكل كامل الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر العام الماضي، باعتباره الأساس الأمثل للحل ولتكوين حكومة مدنية والأساس للترتيبات الدستورية التي تفضي إلى فترة انتقالية تنتهي بالانتخابات، وقال بيرد لورد، مساعد وزير الخارجية الأمريكي نيابة عن زملائه الأوربيين: نحن نمثل مبعوثو كل من: أمريكا، بريطانيا،النرويج، ألمانيا الاتحاد الأوربى وكندا، هنا لنؤكد دعمنا للاتفاق السياسي الإطاري وأنه من الواضح يمثل الحل الأمثل لتكوين الحكومة المدنية القادمة  في السودان. وقال: نأمل من الأطراف  الموقعة أن تسارع في تكوين حكومة مدنية لديها القدرة على إخراج السودان من الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى