يوم تاريخي للأرومو ..!!

يوما الجمعة والسبت 4 ـ 5 أكتوبر الجاري يعتبران من الأيام الخالدة في تاريخ إثيوبيا التي تواجه صعوبات اليوم والغد، لكنها أقدمت على خطوات سمحت فيها لشعوبها بأن تجرؤ على الأمل إذ احتشد آلاف الإثيوبيين في أديس أبابا، صباح السبت، للاحتفال بـ “مهرجان أريشا” القومي، الذي يقام بالعاصمة للمرة الأولى، إذ كانت تستضيفه مدينة دبرزيت بإقليم أوروميا جنوب وسط البلاد، لأكثر من 150 عاماً مضت.

حقاً تجاوز الأثيوبيون بهذا الفعل الأمل إلى ما بعد الأمل بوعي من الشعوب وتضحية من الحكومة التي كانت تبدو حذرة وهي تغلق الشوارع وأجهزة الأمن تبعث رسائل نهار الجمعة تخطر البعثات الدبلوماسية وموظفي الاتحاد الافريقي والمنظمات الدولية بمغادرة مواقع العمل والذهاب مبكراً إلى منازلهم ومواقع سكنهم بحجة إغلاق الشوارع والزحام، وكان لافتاً هذا التحذير، لكنه مبرر والحكومة تسمح للقوميات بدخول العاصمة لإقامة هذا المهرجان الثقافي السياحي البهيج بعد حرمان مئات السينين، ودرج الإثيوبيون من قومية “الأورومو” على الاحتفال بالمهرجان الذي ينظم سنوياً، في أول أحد من أكتوبر من كل عام، وهو بمثابة “عيد للشكر” على موسم الأمطار والزراعة، وهو وضع يشبه احتفالات القبائل السودانية في الشمال وجنوب كردفان بموسم الحصاد. 

 إن البعض اعتبر احتفالات الأورومو هذا العام وسط العاصمة أديس ابابا بمثابة حملة انتخابية مبكرة لرئيس الوزراء أبي أحمد المنحدر من ذات القومية وهو بدوره قال  في رسالة عشية انطلاق المهرجان، “يجب أن نجعل أريشا، رمزًا للسلام والوحدة بين جميع قوميات وشعوب إثيوبيا”، ومنذ صباح الجمعة، بدأ مئات من أبناء قومية أورومو، يتوافدون من مختلف الأقاليم إلى “ميدان الصليب” وسط العاصمة للمشاركة في المهرجان، الذي انطلقت فعالياته صباح السبت، وسط إجراءات أمنية مشددة على مداخل الطرقات الرئيسية المؤدية إلى مكان الاحتفال وبهذا الخصوص، عبّر “واصفا تاكيلي”، الذي حضر من منطقة ليجيتافو بإقليم أوروميا، عن سعادته بالمشاركة، وقال لوسائل الإعلام، إنه سافر ليلاً ليتمكن من الوصول باكرًا، لأنه “أول احتفال بأريشا منذ 150 عاماً في أديس أبابا”، وشهد الاحتفال الذي ستتواصل فعالياته إلى اليوم الأحد بمدينة “دبرزيت”، اهتماماً كبيراً، حيث نظمت منذ أسبوع معارض تراثية ومنتدى للتعريف بقيم المهرجان وأهدافه، من خلال تقديم أوراق بحثية مختلفة وسط مشاركة رسمية وشعبية.

 والجدير بالذكر، أن إقليم “أوروميا” يتمتع بحكم شبه ذاتي، ويتبع الكونفيدرالية الإثيوبية المكونة من 9 أقاليم، التي بدأت الحكم الفيدرالي عام 1991م، بعد سقوط نظام منقستو هايلي ماريام، وتعد “الأورومو” أكبر القوميات الإثيوبية، وتشكل نحو 38 بالمئة من مجموع سكان البلاد البالغ 102 مليون نسمة وعلى مدى عامي (2016 ـ 2017)، تحول الاحتفال بالمهرجان إلى وقفة احتجاجية مناوئة للسلطات، إذ اعتاد المشاركون فيه على مطالبة الحكومة بتوفير أجواء من الحرية والديمقراطية في البلاد، وهو ما أثار حفيظة الكثيرين أن يتحول احتفال هذا العام الى صراع وعنف، لكن واضح أن أثيوبيا التي نحت ألا تتعرض أي هوية للأذى نتيجة عنف وهي تعلي قدرتها في إدارة التنوع بتفكير يلامس أعلى حقيقته داخل المؤسسات الرسمية وينعكس هذا في التنمية المتوازنة واحترام القانون وهو ما دعا الشعوب الأثيوبية للكف عن كبت أدمغتهم بالفكرة العنيفة وأقبلوا علي حياة مقدسة برغم ما الأزمات السياسية والتحركات هنا وهناك، لكن هناك أمل كبير بأن تتجاوز أثيوبيا السوء المحتوم وحتماً سوف يبتسم الحظ لهذه الشعوب الوسيمة وتبعد سوء المنقلب الذي يعشعش في أذهان البعض من الذين يفترضون عدم الانسجام ويعملون من أجل تحكم قومية دون الأخرى حتى لا يتحقق التواصل الحميم بين القوميات والشعوب في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى