بين حكومة الإنقاذ وحمدوك.. فك ارتباط!

تقرير: نجدة بشارة

ما زالت حكومة الإنقاذ السابقة ورغم (سقوطها المشهود) تمثل عقبة كؤوداً أمام تقدم حكومة حمدوك، التي ورثت تركة مثقلة بالتجاوزات الإدارية والقانونية حتى أن واشنطن تعمدت  تحميل الحكومة الجديدة تبعات سابقتها، وأشارت في حديث لمسئول أمريكي إلى تحميلها الحكومة الجديدة مسئولية الإدارة السابقة، وحسب موقع “دبليو الأمريكي” بترجمة من (الصيحة)، فإن الحكومة الأمريكية تحمل الحكومة الجديدة مسئوليات الإدارة السابقة، وأوضح الموقع بأن المسؤولين الأمريكيين ما زالوا يعتقدون أن سودان اليوم يجب أن يدفع ثمن جرائم سودان الأمس، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا القانونية المرتبطة بالهجمات الإرهابية في نيروبي ودار السلام، ولعل جملة من التسألات تبرز هنا.. عن نوايا أمريكا الحقيقية وتعمدها تثبيط همة الحكومة الحالية ومعاملتها بوزر سابقتها رغم أن كل الظروف باتت الآن مهيأة أمام السودان لطي صفحة الماضي وفتح صفحة ناصعة البياض تسمح له بإزالة اسمه من (البلاك لست)، فهل من حق واشنطن تحميل الإدارة الجديدة تبعات الإنقاذ؟ أم فتح صفحة جديدة مع السودان؟ أم إن واشنطن ما زالت في غيها القديم ممسكة في الوسط بين العصا والجزرة في سياستها تجاه السودان. 

مؤشر سلبي 

يرى المحلل السياسي والخبير الدبلوماسي د. عبد الرحمن أبوخريس بأن حديث واشنطن مؤشر سلبي يشي بأن أمريكا ما زالت تصر على إبقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهذا ربما يعود لعدم إيمانها القاطع بالتغيير الذي حدث بالسودان، وقد يكون السبب لأنها غير مطمئنة لحكومة حمدوك نسبة لأن خطابه تعامل بإهمال وعدم اهتمام ولم يتضمن مصالح واشنطن وهذا ما قادها إلى قراءة الوضع قراءة سريعة لتعود وتضع شرطاً تعجيزيا تحاسب بواسطتة الحكومة الانتقالية بجريرة الإنقاذ، التي ظلت  تراعي مصالح واشنطن، ودفع أبو خريس بتوصيات للحكومة الانتقالية بضرورة تعديل خطابها الإقليمي ليتضمن وضع المصالح الأمريكية بعين الاعتبار

بين اليوم وأمس 

وحمل الموقع الأمريكي رسائل سالبة عديدة وربما ذهب أبعد من ذلك بالتقليل من الجهود التي بذلتها وما زالت تبذلها  حكومة حمدوك لتبييض صفحتها أمام واشنطن، بإشارتها إلى أن حكومة حمدوك ربما تجد صعوبة في معالجة هذه القضية مع واشنطن.

 ورجح المسؤول الأمريكي استمرار الحكومة الحالية في التفاوض مع واشنطن، ويرى محللون بأنه من الظلم ربط واشنطن (عملية إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب) بتسوية ملفات الهجمات الإرهابية التي حدثت إبان الإدارة السابقة بما فيها هجمات نيروبي ودار السلام، صحيح قد يحتاج قرار الإزالة إلى وقت وموافقة ثنائية  من مجلس الشيوخ والكنغرس الأمريكي، ولعل تحركات حمدوك الأخيرة وخطابه التاريخي داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المنصرم حمل معه  الكثير من الأماني والطموحات المستشفة في قوله: إنها من عدالة السماء، أن تأتي ثورة الشعب السوداني العظيم لتعيد بناء وترميم القيم في السودان، ولتغلق صفحة ثلاثة عقود مقيتة من القمع والقهر والتمييز، ولتكتب فصلاً مجيداً في كتاب التاريخ، والسودان يبتدر حقبة جديدة ومختلفة عن نهج الأعوام الثلاثين الماضية في علاقة السودان مع دول العالم.

  ولعل حمدوك لم يكن الوحيد الذي تفاءل بسودان ما بعد الإنقاذ … بل  كل الشعب وقع على دفتر الطموح بتوقعاته لتغييرات إيجابية كثيرة ربما ستجري بها رياح الانتقالية خاصة في ظل حكومة اختيرت بعناية من لدن الشعب أولاً وخبير كـ”حمدوك”. 

فك ارتباط 

وبالنظر إلى وقائع الراهن للإدارتين السياسية للحكومتين  يرى محللون أن الإدارة السابقة نظرياً ما زالت تسيطر على مفاصل الدولة بكامل صلاحياتها ونفوذها وسياساتها القديمة، وأن جل الممارسات السابقة بما فيها بعض الشروط الستة التي وضعتها أمريكا ما زالت قائمة رغم تحقق بعضها بالتحول إلى  حكومة مدنية تكفل حقوق الإنسان، وفتح الباب أمام انسياب المساعدات للمناطق المأزومة، فيما لا يزال ملف السلام يحرز تقدماً بطيئاً، بالمقابل الحكومة الانتقالية لم تقدم حتى الآن نموذجاً فعلياً لتغيير سياساتها وقوانينها وكل ما تقوم به عبارة عن جهود وتحركات لكسر عزلة السودان الدولية.

وفي ذلك يرى المحلل السياسي د. الحاج محمد خير في حديثه (للصيحة ) بأنه ولفك الارتباط بين الإدارتين في تعاطيها مع ملف الإرهاب يمكننا قراءة ما بين السطور عن أصل الأزمة، وتساءل بأي صورة من الصور تربط واشنطن الهجمات التي وقعت بدار السلام ونيروبي في وقت سابق بينها والحكومة الجديدة؟ وهل  ما زال السودان يرعى ذات المنظمات الإرهابية إذا كان قد ارتبط في أذهان واشنطن النظام الإسلامي السابق وما علاقته بالنظام المدني الجديد؟ وهل في أراضيه أعمال مشبوهة لشخصيات مطلوبة وهل نهدد أمن أمريكا القومي؟

 وأردف: إذا كانت الإجابة بنعم، فأين هي هذه المهددات؟ وإن كانت بلا، فلماذا التعنت والتباطؤ في اتخاذ القرار السليم، وهو إبعادنا من هذه القائمة التي أقحمنا فيها إقحاماً، لاعتبارات سياسية في فترة ماضية؟ وأشار د. الحاج إلى أن حديث أمريكا يشي بانتهاك صارخ تجاه السودان لتحافظ على وجودها الذي اكتسبته بفضل الإدارة السابقة، لذلك لا تنوي إزالة اسم السودان، وطالب الحكومة الانتقالية بفرض هيبتها وسيادتها حتى تعترف بها أمريكا كنظام جديد يفرض سيادته على العالم. 

تحركات إيجابية  

وكان حمدوك أعلن سابقاً عن تفاهمات مع واشنطن وتقدم كبير في سبيل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؛ ليعيد التساؤل حول إمكانية نجاح ذلك هذه الجولة خاصة بعد  إزاحة نظام عمر البشير قبل أشهر، وقال حمدوك إن “تفاهمات كبيرة حدثت مع الإدارة الأمريكية حول رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأحرزنا تقدماً كبيرًا في ذلك”، مشدداً على أنه “ما لم يتم التوصل لتفاهمات مع واشنطن حول موضوع إدراج السودان ورفعه من لائحة الإرهاب، فستبقى هناك صعوبات، وتوقع حمدوك أن “يحدث في هذه المسألة تبدل كبير. 

ومع ذلك يظل سقف التفاؤل مرفوعاً حتى ترضخ أمريكا لمطالب السودان وترفع ظلمها عن السودان وتحقق العدالة ….  فهل ستصدق التوقعات أم سيظل السودان طيلة الفترة الانتقالية معلقاً بمزاج أمريكا؟ 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى