صلاح الدين عووضة يكتب : بساطة!!

20يناير2022م 

البساطة..

ويا عيني ع البساطة..

هكذا غنّت صباح في زمانٍ غابر..

وهكذا علينا أن نغني في زمانٍ حاضر..

زماننا هذا؛ والذي نحن أحوج ما نكون فيه إلى البساطة..

وحين تؤدي البساطة إلى السعادة فهو المطلوب..

حتى وإن كانت سعادة الوصول إلى حل مسألة رياضية مُعقّدة ببساطة..

فيُقال حينها: وهو المطلوب إثباته..

وأستاذ فلسفة رياضيات عريق بجامعة كمبريدج كان في زمان رسل..

ويحكي برتراند رسل هذا حكاية عجيبة عنه..

عنه وعن زميله ماكتاجارت كذلك..

فقد كان أستاذهم هذا يشرح لهم – يوماً – كيفية فك طلاسم قضية رياضية..

فوقف ماكتاجارت ليفجر مفاجأة..

مفاجأة للأستاذ – وطلاب الفلسفة – معاً… ويغمره خجلٌ اشتهر به..

وسأل الأستاذ: لماذا لا نحلها بالطريقة هذه؟..

فدعاه الأستاذ إلى جواره؛ وسأله بشغف: وما هي هذه الطريقة؟..

فكانت طريقة في منتهى البساطة..

فقال الأستاذ بتواضع: إذن فقد كنت أحلها لثلاثين عاماً بكل التعقيد هذا..

ولعله دندن وقتها بما يشبه أغنية صباح:

البساطة….. البساطة….. يا عيني ع البساطة..

والآن نحن حياتنا السياسية مُعقّدة… مُعقّدة جداً… وفي غير ما سبب..

والحل ليس في البل..

وإنما في البساطة… فهذه مجرد فترة انتقالية عقب ثورة… تمام؟..

تمام؛ ومهام الفترات الانتقالية معروفة سلفاً..

تمام؟… تمام؛ وتنحصر في التحضير لانتخابات بعد نهاية الفترة..

تمام؟… تمام؛ وتحضير الأحزاب لنفسها كذلك..

تحضيرها لخوض هذه الانتخابات..

عبر الندوات… والمؤتمرات… وتنشيط دورتها الدموية الراكدة..

ثم عقد مؤتمراتها العامة..

والذي يفوز بالانتخابات منها يستلم السلطة من حارس الأمانة..

وحارس الأمانة هم العسكر..

أي الذين انحازوا إلى الشعب في ثورته ضد شمولية كانت سائدة..

وأبقوا السلطة في أيديهم إلى حين..

إلى حين تسليمها إلى حكومة شرعية منتخبة..

تمام؟… تمام؛ إذن مَن الذي عقّد المشهد الآن بدلاً من نهج البساطة؟..

عقّدته أحزابٌ صغيرة اختطفت الثورة..

أو كما قال أحد أيقونات ثورة ديسمبر: سرقوا ثورتنا من وراء ظهورنا..

ثم هي تعلم ألا حظ لها في محك شرعية الصناديق..

فعملت على إطالة الفترة الانتقالية هذه إلى أبعد مدى زمني ممكن..

والآن لا وجود للحزبيات هذه..

فما الذي يمنع من مواصلة السير على درب البساطة حتى النهاية؟..

حتى موعد الانتخابات؟..

تمام؟… تمام؛ والآن على حاملي الأمانة اختيار رئيس وزراء مستقل..

اختياره بأعجل ما تيسّر..

ثم بأعجل ما تيسّر – أيضاً – يختار هو وزراءه من كفاءات غير مُتحزِّبة..

فدعونا لا نُعقِّد المسألة..

لا نُعقِّدها بمثل تعقيد أستاذ كمبريدج لمسألته الرياضية تلك..

بل لنفعل مثل الذي فعله ماكتاجارت..

وحينها لن نكون في حاجة إلى مبادرات كالتي تتكالب علينا هذه الأيام..

فالحل في أيدينا… وبسيطٌ للغاية..

ولنبسط حتى مسألة الدوائر الجغرافية؛ فنجعل بلادنا كلها دائرة واحدة..

والتعداد السكاني لا لزوم له الآن..

لنفعل ذلكم كله – وفوراً – غير عابئين بصراخ الصارخين..

أو صراخ الطامعين..

أو صراخ المُعقّدين؛ الذين يعقّدون لحاجة في نفوسهم الأمّارة بالسُّلطة..

الأمر هكذا… ببساطة شديدة..

وليحضر إلينا أصحاب المبادرات التي تنتقص من كرامتنا لاحقاً..

وتنتقص من سيادتنا كذلك..

فليحضروا ليشهدوا معنا فرحنا بحل مسائلنا بأنفسنا..

وليغنوا معنا:

البساطة… البساطة… يا عيني..

ع البساطة!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى