بعثة “يونيتامس”.. هل انطوت صفحتها في السودان بانتهاء الشراكة؟

 

الخرطوم – الطيب محمد خير

حزمة من التساؤلات تُحيط بمُستقبل بعثة الأمم المتّحدة المتكاملة لدعم الفترة الانتقالية “يونيتامس”, عن جدوى استمرارها.. والسؤال الذي يبرز بقوة هل وصل وضع البعثة إلى القول بأنها أصبحت غير فعّالة بالمرة، في ظل تعقيدات المشهد السياسي والواقع المأزوم الذي يمر به السودان, وهل فشلت في تحقيق مهامها التي جاءت من أجلها، التي تمّ تحديدها بإحداث التوازن المطلوب بين شركاء الانتقال المدنيين والعسكريين وقِوى السلام, وإنهاء حالات التباين والخلاف بينهم لجعل إدارة الفترة الانتقالية سَلِسَة ومَرنة للخروج بالسودان نحو آفاق التحول الديمقراطي, بجانب مهام فنية سياسية وفي مقدمتها تشكيل المجلس التشريعي وقيام المؤتمر الدستوري الذي يُمهِّد لوضع دستور دائم للبلاد وإجراء التعداد السكاني.

عجزٌ

اللافت في المشهد أن رئيس بعثة “يونيتامس” السياسي الألماني فولكر بيرتس, عجز تماماً عن القيام بدوره المتمثل في التوسط لحل واحتواء الأزمة المُستفحلة في السودان بوتيرةٍ مُتصاعدةٍ, وباتت تصريحاته على قلتها بشأن جولاته بين أطراف الأزمة مثل الضوضاء الغامضة يستمع إليها المواطن العادي في الشارع دون أيِّ اهتمام، وكذا لم تثمر المُكالمات الهَاتفيّة للأمين العام للأمم المتحدة المُعبِّرة عن قلقه إزاء تصاعد الأحداث وتباين المواقف الذي يُهدِّد الانتقال في السودان.

وكانت بعثة الأمم المتّحدة المتكاملة للسودان “يونيتامس” تشكّلت بقرار مجلس الأمن رقم (2525)، وهي بعثة سياسية فنية لا يتجاوز عدد أفرادها الـ(500) فرد يترأسها السياسي الألماني فولكر بيرتس، وصدر قرار تشكليها بناءً على الطلب الذي قدمه رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك لدعم الانتقال في السودان تحت الفصل السادس للأمم, وأثار هذا الطلب في وقتها حالة من الانقسام وسط المكونات السياسية السودانية بين مُؤيِّدٍ ورَافضٍ, وكانت غالبية الرافضين هم أنصار النظام السابق وبعض الأحزاب الإسلامية, المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن وغيرهم الذين تم إقصاؤهم من المشهد السياسي من قِبل قِوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة التنفيذية, واعتبر الرافضون طلب رئيس الوزراء حمدوك انتهاكاً للسيادة الوطنية واستعماراً جديداً للسودان, إذ وجدوا فيه ضالتهم في خلق حالة من السَّخط بتأجيج الرأي العام ضد الحكومة الانتقالية، ويرى المُؤيِّدون خَاصّةً قِوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وغيرها من الجهات, والتي تُنادي بالحكم المدني أن البعثة تمثل صمام أمان للفترة الانتقالية ووصولاً إلى الحكم الديمقراطي وإرساء دعائم الحكم المدني وتنفيذ اتفاقات السلام وترسيخها وقطع الطريق على العسكريين للانقضاض مرة أخرى على الحكم الديمقراطي ووأده في مَهدِه كما حدث في المراحل الديمقراطية السابقة أو كسر ما عُرف لدى الساسة السودانيين بالدائرة الشريرة.

ومن أبرز مهمامها, تحقيق أهداف التحول الديمقراطي والسلام والانتعاش الاقتصادي.

وأكد السفير والدبلوماسي د. الرشيد أبو شامة لـ(الصيحة) تأثُّر البعثة الأممية “يونيتامس” بما حدث من تغيير في صبيحة 25 أكتوبر بعد ذهاب حكومة الشراكة التي جاءت بها, مَا يعني انتهاء مُهمّتها, وبالتالي أصبحت هذه البعثة مشلولة وغير قادرة على التحرك وفق مهامها التي جاءت بها للعمل في السودان.

وقال د. الرشيد إنّ هناك حديثاً يجري عن معلومات بأنّ رئيس بعثة “يونيتامس” السياسي الألماني فولكر بيرتس قد دفع باستقالته لمنضدة الأمين العام للأمم المتحدة من منصب رئاسة البعثة ولكن لم يبت فيها، مُشيراً إلى أن هذه الاستقالة تعني اعترافاً من رئيس البعثة بأنه قد فشل في مهمته، وأضاف لكن هناك أمل لدى السودانيين بتعلقهم بهذه البعثة وعودتها للعمل, بالتالي ليس من الحكمة التسرع في الحكم بموتها وهناك أمل في أن تعود الأمور لنصابها من خلال المحاولات التي تجرى لتهئية الأجواء بإطلاق سراح المعتقلين وعودة رئيس الوزراء لمنصبه ومن ثم حل حكومته وتكوين حكومة تكنوقراط بالتشاور مع كل الأطراف وذلك لأجل الحفاظ على مكاسب الثورة والمُضي بالعملية الانتقالية للأمام.

وخلافاً لذلك, قال أستاذ الدبلوماسية بالمركز الدبلوماسي د. عبد الرحمن أبو خريس في حديثه لـ(الصيحة) هذه البعثة جاءت بطلبٍ من حكومة السودان تحت بند الفصل السادس لدعم الانتقال في السودان, بالتالي أنّ مهام البعثة لم تَنتهِ بالتغيير الذي حَدَثَ في صبيحة 25 أكتوبر, لأن الفريق البرهان أكد التزامه بكل ما جاء في الوثيقة الدستورية لإكمال الفترة الانتقالية والتزامه بكل الاتفاقات الخاصّة بالسلام والاتفاقات الدولية التي من بينها حضور تلك البعثة، مبيناً أن التغيير ليس انقلاباً, وإنما هو امتداد وتصحيح لمسار الانتقال والمضي به لنهاياته. وأضاف د. أبو خريس بالتالي كان موقف البعثة إيجابيا تجاه هذه الخطوة التي تمت في 25 أكتوبر ولم تصفه بالانقلاب أو أنها تُشكِّل تهديداً للتحول الديمقراطي, وهنا فقط على البعثة أن تنتظر حتى نهاية الفترة الانتقالية المحددة بعام ونصف, فإن لم يتم الانتقال هنا على البعثة أن تفرض الأمر الواقع بالتحول للبند السابع لفرض الانتقال على السودان, لكن حتى الآن لم يبدر من البرهان أي إشارة بأنه غير ماض في اتجاه غير التحوُّل الديمقراطي, وما يهم الأمم المتحدة وبعثتها ليس من هي الحكومة, وإنما شكل الخطاب السياسي هل في اتّجاه إنفاذ مهام المرحلة الانتقالية أم لا, طالما هناك التزامٌ بهذا ليس هناك ما يؤدي لسحب البعثة والانتقال من البند السّادس.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى