هذا التخريب والخراب.. من المسؤول عنه؟!

يُطالب الجميع بالتحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة، وهو أمر مشروع ومطلوب ونؤيده بقوة، كما أنها مسألة لم تنتظر سلطات المجلس العسكري أن يطالب بها أحد، فقد سارعت بالفعل إلى تشكيل لجنة تحقيق فيها كل الجهات ذات الصلة من نيابة عامة وشرطة وأمن.

 وقد باشرت تلك اللجنة عملها على الفور، ووعدت السلطات بتمليك الحقائق للرأي العام في غضون (72) ساعة. لكن لا أحد طالب بتشكيل لجنة للتحقيق في أمر أخطر من فض الاعتصام، ألا وهو عمليات التخريب والخراب الواسعة التي شملت كل المناطق التي (ابتليت) بتلك القطعان من المخربين الذين عاثوا فساداً فيها طيلة سيطرة من يسمون بالثوار على كامل المنطقة المحيطة بوزارة الدفاع. هذه المناطق شملت جامعة الخرطوم بكل مرافقها ومسجدها الطاهر ومعاملها وقاعاتها التي شهدت مختلف ضروب العلوم والفكر طيلة قرن من الزمان، حيث تمت (استباحتها) بشكل لم يسبق له مثيل، وهذا هو التعبير الذي استخدمه البروفيسور أحمد محمد سليمان مديرالجامعة. أما ما حدث في المعامل وفي المستشفى الجامعي أو (الكلنيك) من خراب وحرق، فهو أمر يقول من شهدوه أن لا أحد سيصدق ما حدث إلا إذا رآه. مكتبة الجامعة، والتي تعتبر من أعظم وأضخم المكتبات في أفريقيا والعالم العربي، فما حدث فيها يعجز عنه وصف ما فعله (هولاكو) عندما غزا بغداد، وجمع كل الكتب في مكتباتها وألقاها في نهر (دجلة) وجعل منها (جسراً) تعبر عليه خيله. قال التاريخ إن ماء النهر تحول إلى اللون الأزرق من ضخامة كمية الحبر الذي سال من كتب بغداد.

نقل التفزيون القومي صوراً لما حدث في مسجد جامعة الخرطوم حيث منظر الملابس والأغراض النسائية الداخلية (النجسة)، وقد تبعثرت على السجاد الذي كثيراً ما سجدت عليه الجباه (الطاهرة) في صلوات التهجد! أحد إخواننا من ضباط الأمن قال لي إنه بكى عندما دخل مسجد جامعة الخرطوم بعد تحريره من قبضة هؤلاء (البرابرة)! أحد (كتاب الخراب) كتب محتجاً كيف يفعل (تلفزيون المجلس العسكري) ذلك، أي كيف يشوه صورة (ثورتنا العظيمة)، ولم يقل لنا إن كان الذي بثه التلفزيون قد حدث بواسطة ثواره العظماء أو بواسطة كائنات فضائية! المخربون سرقوا كل شيء وما لم يستطيعوا سرقته حرقوه. هيئة الطاقة الذرية تعرضت للنهب، وكذلك مبنى مفوضية العون الإنساني، وتعرض مركز تدريب الخطوط الجوية السودانية للتخريب، والجناة لم يتركوا مباني مجمع الفقه الإسلامي حيث عاثوا فيه فساداً وتخريباً بشكل ينبئ عن حقد دفين لكل ما هو طاهر ونظيف. إننا بالفعل نُطالب بتشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات عمليات التخريب (الممنهج) والتي طالت تلك المؤسسات العلمية والاجتماعية المرموقة. كما أن لجنة التحقيق هذه، يجب أن يشمل تحقيقها حكاية المتاريس هذه التي نُصبت في كل طرقات العاصمة القومية، ونحن نريد إجابات على أسئلة من شاكلة من كان وراء تلك المؤامرة. من موّل عمليات نقل الحجارة والكُتل الصخرية من (جبل طورية)؟ لا تقولوا إنهم الثوار وهؤلاء الصبية. لا تضحكوا على عقولنا، فليس على رؤوسنا (قنابير)! من موّل (الصبية) الذين كانوا يحرسون تلك المتاريس؟ وبما أننا واثقون أن هذه الأعمال لا يمكن أن تكون بجهد محلي، فإننا نريد كشف الجهات الخارجية التي فعلت ذلك بوطننا. وإنني أريد أن أقدم خدمة (أو معلومة) للجنة التحقيق هذه وهى أنه إذا كان من الصعب تتبع الآلاف من الذين ساعدوا في بناء تلك المتاريس ووقفوا عليها والقبض عليهم، فإننى أدلهم إلى أشخاص معروفين لدى العالم كله، وهم قادة قوى الحرية والتغيير فهم لم يخفوا تأييدهم والدعوة لإقامة تلك المتاريس، وإشرافهم عليها، بل والاحتجاج ومعارضة أي محاولة لتفكيكها! اقبضوا عليهم جميعاً باعتبارهم شركاء ومحرضين على الجريمة.

(*) حاشية: إنني أرى أن مجرد التفكير في اعتبار قادة الحرية والتغيير شركاء في المرحلة الانتقالية، يجب أن يتوقف حتى انتهاء التحقيق في هذه القضية. لقد حاولت تلك المجموعة الفصل بين الجرائم التي حدثت في (كولومبيا) وبين ما حدث فى ميدان الاعتصام، هيهات! هذه حجة داحضة ودعوة مردودة، فهل جامعة الخرطوم كانت داخل نطاق (كولومبيا)؟! جامعة الخرطوم كانت تحت سيطرة (الثوار)! مجرمو كولومبيا عندما (نظفتهم) القوات الأمنية لجأوا إلى ميدان الاعتصام (حيث بدأوا) نشاطهم!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى