صلاح الدين عووضة يكتب.. حبة لوم!!

ونلوم أنفسنا..

نلومها اليوم عوضاً عن الحكومة..

فالحكومة مقصرة وبنت ستين مقصرة؛ وأوسعناها لوماً… وذماً… ونقداً..

ولكن ليس على كل شيء تُلام… حتى إزاء التقصير الشخصي..

أو التقصير الشخصي المعبر عن تقصير جمعي… يمثل ثقافة شعبية خاطئة..

ومن هذا التقصير الجوانب المتعلقة بالنظافة الشخصية..

أو المسلك الشخصي في الحياتين؛ العامة والخاصة..

فما دخل الحكومة – مثلاً – في قذارة شخص يخرج من بيته برائحة (ترمي الصقر)؟..

أو عدم غسل أحدنا يده قبل تناول طعام في مناسبة عزاء؟..

أو قذف راكب (سفَّته) – نشوقه – عبر نافذة مركبة عامة… أو خاصة؟..

أو إلقاء متسوق قشر موزة على الأرض أمام محل فكهاني؟..

أو بحلقة مرتاد مطعم في طلبك ليرى ماذا تأكل؟..

أو (تناحة) سائق تقف له في شارع مزدحم لتمرره فلا يكلف نفسه مشقة شكرك؟..

والأمثلة تطول… بطول قائمة أفعالنا التي تحتاج إلى تقويم..

وفي الابتدائي كان يتم تعليمنا طرق مكافحة البعوض بوسائل بسيطة..

وهو منهج كان متبعاً من أيام الإنجليز… حسبما علمت..

ويُعد مكملاً للجهد الرسمي… تماماً كشعار مساعدة الشرطة في مكافحة الجريمة..

ويتلخص في كشح زيت راجع على بركة أمطار أمام المنزل..

سواءً زيوت عربات… أو طعام؛ فتموت يرقات البعوض..

كل تلميذ كان يفعل الشيء ذاته… فتقل فرص الإصابة بالملاريا لأقصى حد..

فنحن بحاجة إلى مراجعة كثير من أوجه قصورنا الشخصي..

وهو قصور يعكس مدى تخلفنا في مجال الرقي… والتحضر… والـ(إتيكيت)..

ولا دخل للحكومة في عيوب ثقافاتنا الذاتية… الجمعية..

فهي لم تأمر صاحب عزاء بأن يتخفى عن المعزين ليتركهم (يتهبَّلون) أمام الناس..

بل ولم تأمره بأن يكلف نفسه فوق طاقته… ثلاثة أيام بلياليها..

ولم توعز لأحد بأن يمارس الأنانية المفرطة في الصفوف..

ولم تطلب من الجار بأن يحملق في جاراته حتى يكرهن الخروج من البيت..

ولم تسمح لمواطن بأن يلقي أوساخ داره في الشارع كيفما اتفق..

ولم تأمر سائق حافلة بأن يتوقف في منتصف الطريق ليقل راكباً… أو يُنزل آخر..

ولم تجوز لمصلٍّ بأن يأتي المسجد غير مستاك ليؤذي المصلين..

ولم تبح لساكن بأن يدلق ماء بالوعة منزله على الأسفلت… ليتصدع..

ولم تشر علينا بأن نمتنع عن مفردات شكراً… وعفواً… وعن إذنك… ولو سمحت..

نعم؛ الحكومة أخطأت – وتخطئ – في حقنا كثيراً..

ولكنا أخطأنا – ونظل نخطئ – في حق ذواتنا أكثر… وأكثر..

وإن لم نمارس نقداً ذاتياً فلن تتوقف هذه الأخطاء الفردية – الجمعية – لوحدها..

كما لن تتوقف بقرارات حكومية… فليس كل شيء عليها..

بل علينا أيضاً… على أنفسنا..

فعلينا – إذن – أن نرمي على ذواتنا هذه بعض عتاب..

وحبة لوم!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى