محمد طلب يكتب: إطلالة بين نصين (4).. (سيد عبد العزيز وإسماعيل حسن)

محمد طلب يكتب: إطلالة بين نصين (4).. (سيد عبد العزيز وإسماعيل حسن)

جلبت لي مقالاتي الأخيرة تحت ذات العنوان (إطلالة بين نصين) كثيراً من السخط وأثارت جدلاً واسعاً لتناولها اعمالاً مهمة وعالية المستوى في رحلة الهرم والقامة الفنية الضخمة الفرعون النوبي (محمد وردي)، ورغم أنه لم يكن مقصوداً في ذاته أو أغنياته وجماليتها لأن هذه الإطلالة تقارب وتقارن وتعالج قضية معينة داخل النصوص وربما لم يقصدها الشاعر تحديداً أو أنها أتت عرضاً بالنص أو مخفية بين سطوره دون قصد أو ربما لاختلاف زاوية الرؤية بيننا بالنسبة للنص أو أن الشاعر قصد رفع قيمة جمالية أو أخلاقية لكنه في ذات الوقت ودون قصد حط من قدر قيم أخرى أعلى في المستوى الفلسفي للأشياء وقيمتها، وربما يتضح ذلك جلياً في أغنية محمد وردي:

بنحب من بلدنا ما برة البلد
سودانية تهوى عاشق ود بلد

للشاعر إسماعيل حسن رحمه الله

وسوف نعود لاحقاً لمقارنة فكرة معينة بُنيت عليها الأغنية مع نص إخر بعنوان (أنة المجروح) لسيد عبد العزيز وردت به فكرة مناقضة (مع مغالطات هل المفردة بالنص الغنائي هي حورية أم مصرية) وربما نتعرض لنصوص أخرى في معرض الحديث.

وفيما يبدو لي أن أول تعارف في هذه الدنيا حدث بين (ذكر وأنثى) وهو تعارف سيدنا آدم بأمنا حواء أي مع بداية البشرية، يقول المولى عز وجل في القرآن (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ).

ونورد هذه الآية الكريمة لتأملات القارئ الكزيم ومراجعة التفاسير والاستزادة لتكوين فهم أوسع ورؤية بها المزيد والمزيج من الأفكار والتفكر والتعقل والتدبر والربط بين الآيات وحياتنا الحالية، وهو امر مطلوب قرانياً ومهم حياتياً.
وأظن و الله أعلم أن (التعارف) هو أول لبنة من لبنات (الإعمار) في الأرض والاستخلاف، وأن أول تعارف للبشرية مع (نفسها) حدث بين (الذكر والأنثى) عندما أنزل الله سيدنا آدم وأمنا حواء من الجنة حين أذلهما الشيطان… ويقال إن سيدنا آدم نزل بالهند والسيدة حواء نزلت بمكة وظل يبحث عنها إلى أن وجدها بـ(عرفة) ويقال إنهما (تعارفا) هناك… وربما يقودنا هذا الحديث للإسرائيليات وما شابه ذلك وليس لها مجال هنا والآن بل ما يهمني هنا فكرة الانتقال من مكان لآخر و(الهجرة) والبحث عن شراكات (إعمار) على الأرض ولعل هذا يرتبط بمقالنا السابق (يللا وتعال يللا نهاجر لي بلاد الله).

ويبدو أننا لن ننفك عن وردي رحمه الله وربنا يسترنا مع القراء وحبهم الجامح للمرحوم محمد وردي وأنا منهم وربما انتماء البعض إلى:-

بنحب من بلدنا ما برة البلد
سودانية تهوى عاشق ود بلد

إلا أنني على المستوى الشخصي أجد نفسي مع الرأي الآتي:
استحب جماعة من الفقهاء أن ينكح الرجل امرأة أجنبية عنه، أي ليس بينه وبينها نسب، وعللوا ذلك بأمور:

الأول: نجابة الولد، أي حسن صفاته، وقوة بدنه، لأنه يأخذ من صفات أعمامه وأخواله.
الثاني: أنه لا يؤمن أن يقع بينهما فراق، فيؤدي إلى قطيعة الرحم) انتهى.

وطالما حديثنا عن الشعر فأميرهم أحمد شوقي أصوله خليط متجانس تركي شركسي أرمني يوناني كردي أنجب لنا أمير الشعراء المصري أحمد شوقي بل أن سيد عبد العزيز نفسه صاحب النص موضوع المقال (أنة المجروح) من أب تركي وأم من غرب السودان فكان من ملوك أغنية الحقيبة…
نتوقف هنا ونعود لكم في المقال القادم مع:

مصرية فى السودان بحبى ليكى أبوح
يا عنب جناين النيل أتمنى منو صبوح

سلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى