موعد تسليم رئاسة السيادي.. جدل لا ينتهي

 

تقرير: محجوب عثمان

جدل واسع انتظم الساحة السياسية خلال الفترة الماضية خاصة مع ارتفاع وتيرة التشاكس بين المكونين المدني والعسكري داخل مجلس السيادة, ومع تلاحق التصريحات هنا وهناك برزت أقوال ترى ان الموقف المتشدد للمكون العسكري تجاه المكون المدني والذي انفجر عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة, مرده لاقتراب موعد تسليم رئاسة مجلس السيادة للمكون المدني والتي يحين اجلها في نوفمبر المقبل. بينما يقطع المكون العسكري بأن ذلك ليس صحيحاً كون ان رئاسة المجلس لا تعني لهم شيئاً, غير ان الجدل استمر واسعاً حول اجل تسليم المكون العسكري رئاسة المجلس للمكون المدني من واقع ان الأمر محكوم بمواقيت اقرتها الوثيقة الدستورية التي حددت الفترة الانتقالية ابتداءً بفترة 39 شهراً تبدأ من اغسطس من العام 2019, تقسم بواقع 12 شهراً للمكون العسكري و18 شهراً للمكون المدني, لكن توقيع اتفاق جوبا خلط تلك الاوراق.

شيطان التفاصيل

بحسب الاتفاق الاولي الذي تم التوقيع عليه في 17 اغسطس 2019م, فان تقسيم رئاسة مجلس السيادة بين المكونين العسكري والمدني كانت واضحة جداً, الا ان توقيع اتفاق سلام جوبا الذي مهر في عاصمة جنوب السودان قرر إضافة عام للفترة الانتقالية, على ان تبدأ في اكتوبر من العام 2020م فيما عرف بين المكونات السياسية بـ”تصفير العداد”, وبموجب تعديل ادخل على الوثيقة الدستورية حملته المادة 79 من الوثيقة, اعتبر ان الفترة الانتقالية ستبدأ منذ أكتوبر, وهو ما فجّر الخلاف الحالي, اذ ان تفاصيل الاتفاق افرزت تفسيرين لتمديد العام, فهناك من يرى ان من العدل ان تقسم فترة العام الجديدة بين المكونين المدني والعسكري ما يحتم ان تنتهي فترة رئاسة العسكريين لمجلس السيادة في نوفمبر المقبل, بينما برز رأى آخر يرى ان الفترة بدأت في التاريخ الجديد ما يعني ان امام العسكر فترة 21 شهراً جديداً لتنتهي الفترة في يونيو المقبل.

سابق لأوانه

وان كان رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان قد اكد اكثر من مرة, انهم على اكمل استعداد لتسليم المكون المدني رئاسة المجلس السيادي, وانهم غير طامعين, غير ان نائبه الأول قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” بدا أكثر وضوحاً عندما تحدث عن الامر أمس الاول امام مجموعة من المعلمين، مؤكداً أنهم ليسوا ضد التغيير والمدنية كما يروج البعض، مبيناً أنهم ظلوا صامتين عن الحديث في الفترة الماضية, وقال “سكتنا بطلب من الإخوان ورئيس الوزراء ولا نريد تصعيداً”، ووصف الحديث عن ربط جلوسهم مع المكون المدني لمناقشة القضايا بإبعاد بعض أعضاء المجلس السيادي بالكذب، وقال: “هذا الحديث غير صحيح”, موضحاً أن تصوير ما يحدث الآن بسبب قرب تسليم المجلس السيادي للمدنيين بأنه كذبٌ وعيبٌ، مؤكداً أنهم لا يتحدثون عن كراس في ظل بلد تمضي نحو الهاوية, وأوضح أنهم لم يناقشوا أمر تسليم رئاسة السيادي للمدنيين وهو ليس ضمن أجندتهم في الوقت الراهن, لجهة أن الأمر سابق لأوانه.

تحديد موقف

وبالمقابل, يبدو موقف قوى التحرير التغيير متزنًا بصورة كبيرة, فقد أشار الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير جعفر حسن عثمان الى انهم متمسكون ابتداءً بتنفيذ كل ما جاء في الوثيقة الدستورية. ومضى بالقول في حديث لـ(الصيحة) بانهم حريصون تماماً على أن تسلم رئاسة مجلس السيادة للمكون المدني في موعدها, الا انه اشار لخلاف آراء حول موعد التسليم بين من يرون ان موعد التسليم في نوفمبر المقبل, مستندين على قسمة العام المضاف في اتفاق جوبا بين المكونين بأن يضاف لكل مكون فترة 6 اشهر, وبين من يرون بأن الفترة الانتقالية بدأت بعد توقيع اتفاق جوبا ويرون ان موعد تسليم رئاسة المجلس سيحين في يونيو المقبل, مبيناً ان حرصهم على تنفيذ الوثيقة الدستورية يلزمهم بنصوصها, خاصةً بعد أن تم تعديلها في 2020م بادخال اتفاق جوبا اليها في المادة 79، بيد أنه قطع بأن الحرية والتغيير لن تتنازل عن رئاسة المدنيين للمجلس على الإطلاق, قاطعاً بأنهم حتى الآن لم يناقشوا مَن يخلف الفريق أول البرهان بيد ان ذلك لا يمثل معضلة لهم.

حسم الجدل

ويؤكد جعفر ان حسم الجدل بين من يرون بأن العام سيكون مقسوماً بين المكونين, وبين من يرون ان الموعد في يونيو المقبل ينعقد لوزارة العدل كونها “محامي الحكومة” وهي التي ينعقد لها تفسير النصوص القانونية, وقال “من هنا فإن تحديد فترة انتقال الرئاسة للمكون المدني وفك هذا الجدال ينعقد لوزارة العدل, فهي التي يجب ان تحدد موعد انتقال الرئاسة للمدنيين ويجب على الجميع ان يحتكموا لوزارة العدل وان يلتزم الجميع بما تقوله وزارة العدل”, وأضاف “إذا أفتت وزارة العدل بأن الموعد في شهر نوفمبر المقبل فنحن لن نزيد عنها دقيقة واحدة”.

سطوة الثوار

وما بين الرأيين, يبدو ان الشارع العام قد انقسم بصورة كبيرة وانصبت كل النقاشات حول التاريخ القطعي  لتسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين, حيث لم يثبت بصورة قطعية حتى الآن.

 

ويقول شباب استطلعتهم (الصيحة), إن قوى الحرية والتغيير ملزمة بأن تتسلم رئاسة مجلس السيادة على اعتبار ان الوثيقة الدستورية تنص على ذلك, كما ان تسليم الرئاسة خطوة في تحقيق المدنية التي اتخذوها شعارات في ثورة ديسمبر. وقال ان العسكريين في كل تصريحاتهم لم يرفضوا تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين,  وضربوا مثلاً بحديث الفريق اول محمد حمدان دقلو  النائب الأول لرئيس مجلس السيادة , الأخير الذي اكد فيه انهم ليسوا ضد المدنية او ضد تسليم رئاسة المجلس السيادي.

واوضحوا ان المشكلة ليست في رئاسة المجلس السيادي, بل في الحرية والتغيير نفسها, مشيرا الى انها ستختلف في اختيار الشخصية التي ستدفع بها للمنصب كما ظلت تختلف باستمرار في كل القضايا.

وقالوا ان الشخصية التي سترشح للمنصب لا بد ان تجد الرضاء من كل مكونات الحكومة الانتقالية حتى لا تكون مصدر خلاف مستقبلًا.

لا اجتهاد مع نص

ويرى المحامي والخبير القانوني ياسر عثمان ان الوضع يحتاج الى التعامل معه بصورة قاطعة, اذ ان القاعدة الفقهية تقول “لا اجتهاد مع نص”, ويبين ياسر في حديث لـ(الصيحة) ان كل الجدل تحسمه الوثيقة الدستورية والنص الوارد فيها فيما يتعلق بهذا الأمر, خَاصّةً وأن اتفاق جوبا وضع نصاً داخل بنوده يشير إلى أن بنود الاتفاق تسود حتى على بنود الوثيقة الدستورية حال تعارضهما, ما يعني أن الفيصل في هذه القضية سيكون من خلال المادة التي تحدثت عن الفترة الانتقالية في اتفاق سلام جوبا, واتفق مع جعفر حسن في أن وزارة العدل هي الجهة التي ستقوم بتفسير تلك النصوص وتفض الاشتباك بين الجانبين، وتوقّع أن لا تكون القضية مثار خلاف بين المكونين العسكري والمدني, على اعتبار ان الجانبين متفقان على ضرورة تنفيذ الوثيقة الدستورية والالتزام بنصوصها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى