فصل واتهامات ومحاكمات.. جرثومة الخلاف تصيب المؤتمر السوداني

فصل واتهامات ومحاكمات.. جرثومة الخلاف تصيب المؤتمر السوداني

الخرطوم- صلاح مختار

يبدو أن حزب المؤتمر السوداني أصيب بجرثومة ولعنة الانشقاقات الداخلية التي أصيبت بها بعض الأحزاب من قبل أدت إلى انشطارها من الداخل, ولم تسلم حتى الحركات المسلحة والأحزاب الصغيرة من لعنة الانشقاق حتى باتت موضة سياسية بين القوى السودانية. وأثارت الخطوة التي اتخذها حزب المؤتمر السوداني بتجميد عضوية قيادات بارزة في التنظيم وإحالتهم للتحقيق، بذريعة ارتكاب مخالفات تنظيمية أثارت مواقف متباينة داخل الحزب وخارجه. وفي الوقت الذي كشف فيه القيادي بالمؤتمر السوداني نور الدين صلاح لـ(التغيير)، عن وجود خلافات تنظيمية داخلية، دون ذكر تفاصيلها. وقال: إن الموضوع -حالياً- يخضع للجنة تحقيق لتقصي الحقائق، وستقوم برفع توصياتها إلى المجلس المركزي للحزب. برز تيار إصلاحي داخل الحزب يقوده سليمان الغوث، يرى أن رئيس الحزب عمر الدقير، ضعيف الشخصية ومنحاز لتيار مجموعة الطلاب المستقلين، مشيراً إلى لقاءات عقد الدقير اجتماعات فردية مع قيادات الحزب لتهدئة الأوضاع حتى انتهاء الدورة الحالية للمكتب السياسي للحزب الأمر الذي اعتبره تيار الإصلاح تهرُّب من الجلوس مع طرفي الخلاف لاتخاذ قرار واضح. وقال تيار الإصلاح: إن المكتب السياسي للحزب يسيطر عليه خالد عمر، الذي يصرح باسم الحزب وفقاً للخط الذي ينتهجه المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.

بداية انقسام

وطبقاً لمصادر لـ(الصيحة) أكدت وجود إشكالية مؤسسية داخل الحزب بسبب قيام المؤتمر العام للحزب, الذي اعتبره كل من سليمان الغوث ونورالدين صلاح ومواهب مجذوب إنه تأخر كثيراً بسبب انشغال الأمين العام للحزب خالد عمر يوسف، ببرامج المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير. وتوقعت تلك المصادر أن تكون الخلافات بداية انقسام الحزب في ظل ظهور تيارات متباينة داخله، في حال لم يتم حسم الخلافات الداخلية، ويرى آخرون أنها خطوة تمهيدية للفصل النهائي من الحزب، وإنها ظاهرة خطيرة تعكس مدى الرفض الواسع داخل الحزب لأية تسوية مع الانقلابيين، وأن الإجراء سيعصف بالحزب، مطالبين بحسم الخلافات الداخلية حتى لا تؤثر على سير العملية السياسية الجارية في البلاد. وقال مصدر آخر بالحزب لـ(التغيير)، إن هناك استهداف كبير يطال الحزب من جهات وصفها بـ”غير الصديقة”. وأشار إلى التعقيدات الكبيرة في المشهد السياسي السوداني، ومحاولة جهات للتدخل وشق الحزب، متهماً بعض أعضاء الحزب بتسريب معلومات سرية ومخالفة أوامر مباشرة من قيادات الحزب.

سمة إيجابية

وتقول المحلِّل السياسي مي محمد علي, إن الخلافات داخل حزب المؤتمر السوداني لا تشكِّل أي مفاجأة للمراقب للأوضاع السياسية الداخلية, وكيفية تعاطي القوى السياسية مع الأحداث والقضايا الوطنية, وقالت لـ(الصيحة): التباين في وجهات النظر داخل الحزب سمة إيجابية, إذا كانت مرتبطة بالمصلحة الوطنية, ولكن عندما تصتدم المصالح الذاتية أو الشخصية مع المصالح الأخرى المتعلقة بالحزب فإن الخلافات تبرز من هنا. ولذلك نرى الخلافات ليس في المؤتمر السوداني وإنما في كل الأحزاب السودانية دون استثناء. ويبدو في حزب المؤتمر السوداني يشكِّل مفاجأة لبعض المراقبين الذين يظنون أن الحزب تنظيم جديد ويشكِّل صفوة من الناس, والممارسة الديموقراطية في داخله يجد من الاحترام الكثير من قبل القوى السياسية, خاصة إذا علمنا أن الحزب أجرى تغييراً في رئاسة الحزب بشكل ديموقراطي خلال الأعوام الماضية, وتنازل رئيس الحزب عن الرئاسة, وباتت التجربة في الحزب يشكِّل أنموذجاً للكثير من القوى السياسية التي مازال عملية التغيير وتداول السلطة في داخلها أمر معقد, ولا يتم بشكل ديموقراطي. وقالت هناك أنموذج لذلك في كثير من الأحزاب التي انشطرت إلى أحزاب بمسميات شبيهة, ولذلك عندما نرى هناك خلافات داخل المؤتمر السوداني, ربما يكون دليل عافية ولا يشكِّل أي خطورة على تماسك التنظيم, وإنما مرحلة لتصحيح المسار, وبالتالي لا أرى أي تخوف إذا كان السبب في تأخر انعقاد المؤتمر العام للحزب، ولا أظن أن يقدم أحد أن ينشق من الحزب، كما فعلت في كل القوى السياسية الأخرى وهي مرحلة كما قلت تنظيمية يمر بها أي حزب, ربما تقود إلى مزيد من تجويد التجربة في داخله.

طريق التسوية

يقول المحلِّل السياسي عبد القادر محمود: إن الخلافات داخل حزب المؤتمر السوداني متوقعة خاصة وأن الحزب اختار طريق التسوية التي تتعارض مع شعار الشارع. ويشير إلى دوره الكبير والمؤثر في الحراك الثوري السودان قبل وبعد سقوط النظام السابق، الذي لا يمكن تجاوزه. ويضيف لـ(اليوم التالي): بسبب عوامل عديدة أصبح حزب المؤتمر السوداني يتبنى “الأيديولوجيا النيوليبرالية” ويشرح أنه خط مغاير لبرنامج الثورة الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ولا يرى ضرورة في التغيير الجذري الذي تنادي به قوى الثورة المختلفة من لجان مقاومة وتجمعات مهنية ونقابات ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية، ويلفت إلى وجود تواصل بشكل أو بآخر لعضوية حزب المؤتمر السوداني مع القوى الثورية وربما هذا الارتباط يرقى إلى مستوى المبادئ والأهداف التي اندلعت الثورة لأجل بلوغها وتحقيقها. واعتبر عبد القادر تجميد عضوية (١٧) عضواً، منتسباً، للحزب ظاهرة خطيرة تعكس مدى الرفض الواسع داخل الحزب لأية تسوية، وهذا الإجراء سيعصف بالحزب ويضعه في حجمه الطبيعي الذي كان عليه قبل الثورة. وتوقع محمود حدوث انشقاقات أعمق داخل الحزب وأن هذا التصدع سيكون له ما بعده على مستوى الحزب وإيجابياً بالنسبة للثورة والشارع، لأن حزب المؤتمر السوداني في الوقت الراهن يعيش على سند وتأييد المجتمع الإقليمي والدولي، وتابع: أستبعد أن يستمر هذا الدعم إذا حدث الانشقاق وتشتت ما تبقى للحزب من رصيد جماهيري في صفوف لجان المقاومة والقوى الثورية الأخرى.

حسم صراع

ومن جهته اعتبر المحلِّل السياسي الدكتور الفاتح عثمان، قرار حزب المؤتمر السوداني بتجميد عدد (17) من قياداته المؤثرة وتكوين لجنة محاسبة تنظيمية الخطوة بمثابة تمهيد للفصل النهائي من الحزب. وبحسب عثمان لنفس المصدر السابق إنها عادة الأحزاب السياسية العقائدية التي أسسها طلاب الجامعات وفق حديثه كما هو مشاهد في الحزب الشيوعي والحركة الإسلامية والحزب الجمهوري وحزب البعث والحزب الناصري. وأضاف أن ذلك غالباً لحسم الصراع حول قيادة الحزب الأمر الذي يمهِّد الطريق لانشقاق تنظيمي وتكوين حزب جديد -غالباً- لن يكون له دور كبير في الحياة السياسية لأن الحزب الأصل نفسه ضعيف التأثير ولا يتمتع إلى الآن بوجود حقيقي وسط عامة الشعب السوداني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى