إلغاء الدولار الجمركي.. العقبة الأخيرة للإصلاح الاقتصادي

 

الخرطوم- جمعة عبد الله

أعلنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي عن إلغاء العمل بالدولار الجمركي في تقييمها للسلع المستوردة وذلك استكمالًا لتحرير سعر الصرف. وطمأنت المالية، المواطن في تعميم صحفي بأن الأجراء لن يفضي إلى زيادة أسعار السلع الأساسية المستوردة التي تمس حياته أو مدخلات الصناعة والزراعة، وبررت ذلك بالمعالجة والمراجعة الشاملة التي تمت بإلغاء الرسم الإضافي وضريبة أرباح الأعمال التي تؤخذ مقدماً.

وكشفت عن تخفيض فئات الجمارك إلى الحد الأدنى حيث أصبحت صفرية لبعض السلع المستوردة، وأكدت أنها ستتولى مع الجمارك شرح هذه الترتيبات للمواطن عبر وسائل الإعلام المختلفة.

زيادة الإيرادات

وأدركت الحكومة منذ وقت مبكر، صعوبة مهمتها في إجراء سياسات تؤدي لإنعاش الاقتصاد، أو في الحد الأدنى وقف التدهور المتسارع في سعر الجنيه، ومعدل التضخم، فعمدت لإجراء تعديلات على الفئات الضريبية في الموازنة وبعضها تم رفعه بأكثر من 100% وفرض ضرائب جديدة، كما تم تحرير أسعار اليورو وخدمات الموانئ وتحريره بشكل كامل من 65 جنيهاً إلى 456 جنيهاً فور تحرير أسعار الصرف، كما شملت الزيادات الدولار الجمركي وإن بشكل تدريجي من 15 إلى 18 جنيهاً، ثم إلى 28 جنيهاً، وفي الوقت الذي كانت تشير التوقعات أن تشمله زيادة وشيكة تم إلغاؤه كلياً، وكل هذه الخطوات سعت من ورائها الحكومة لتحقيق زيادة في الإيرادات العامة، وهو ما تم نظرياً، بيد أن انعكاساتها السلبية على الأسواق والسلع والاستيراد كانت بائنة ودفع المواطن والمستهلك فاتورتها أولًا بأول.

المهمة الأصعب

وشكل توحيد سعر الصرف مأزقًا حقيقياً للحكومة لمواصلة تنفيذ كافة الإصلاحات المطلوبة من الصندوق الدولي، ورغم تنفيذ كثير من المطلوبات إلا أن هنالك مطلباً حاسماً كان منتظراً من الحكومة تطبيقه قبل نهاية يوليو المقبل، وهو مطلب يتعلق بتوحيد سعر الصرف، وتحديدًا الدولار الذي يجب أن يكون سعره واحداً في كل التعاملات، وهو مطلب معني به تحديداً الدولار الجمركي ومن شأن الخضوع لهذا المطلب أن يؤدي لنتائج كارثية لا يمكن التكهن بمآلاتها، وهي الجزئية الأصعب وما عداها من الإصلاحات شبه تمت لكن كانت المهمة الأصعب هي مساواة أسعار الدولار وتعويمها.

تطمينات الجمارك

وفور صدور القرار، سارع مدير هيئة الجمارك الفريق بشير الطاهر، ببث التطمينات، مشيراً إلى اتخاذ الحكومة عدة إجراءات لمنع تأثيرات قرار إلغاء ما يسمى بالدولار الجمركي. وقال الطاهر في مؤتمر صحفي مساء أمس بوكالة السودان للأنباء، إن الإجراءات تشمل إلغاء الرسوم الإضافية على جميع الواردات مثل ضريبة أرباح الأعمال وخفض الفئات الجمركية للحد الأدنى للسلع الأساسية إلى فئة صفرية لكثير من السلع الضرورية وتخفيض فئات الرسم الإضافي على جميع السلع الكمالية وبعضها إلى صفرية.

وأعلن مدير هيئة الجمارك التنفيذ الفوري لقرار إلغاء الدولار الجمركي وتطبيق الإجراءات المتعلقة به. وطمأن مدير هيئة الجمارك المواطنين بأن هذا القرار يأتي في صالحهم ولا يؤثر في زيادة الأسعار بل يعمل على تخفيضها عقب تخفيض الرسوم الجمركية والقيمة المضافة وضريبة أرباح الأعمال. وقطع الفريق الطاهر بأن الاقتصاد السوداني سيتعافى وستزول منه الكثير من الممارسات السالبة، داعياً المواطنين إلى التمسك بأسعار السلع وعدم السماح بزيادتها. وقال إن إيجابيات القرار تتمثل في تحقيق الحماية للصناعة المحلية بإعفاء المواد الخام ومدخلات الإنتاج وإعفاء السلع الضرورية والأساسية لاستقرار الأسعار حتى لا تؤثر على المستهلك وإعفاء السلع الرأسمالية الزراعية والصناعية.

وأشار مدير هيئة الجمارك إلى أن من سلبيات تعدد سعر الصرف زيادة الطلب والمضاربة على العملات الحرة وزيادة التضخم.

إيجابيات وسلبيات

وتباينت آراء المختصين، حول إلغاء دولار الجمارك، مشيرين إلى وجود سلبيات وإيجابيات للقرار. يقول مدير الجمارك الأسبق، الفريق صلاح الشيخ، إن أهم إيجابيات القرار أنه سيسهم في ترشيد الاستيراد خاصة للسلع الكمالية وغير ذات الأهمية، مما يمكن من الاستفادة من موارد النقد الأجنبي في الاستيراد الضروري، فيما يرى أن  سلبياته تشمل تقليل موارد الحكومة حال تراجع حجم الاستيراد، بالإضافة إلى المخاوف من ارتفاع أسعار الواردات التي لا يشملها سلع الإعفاء من الجمارك.

فيما يرى عضو الغرفة القومية للمستوردين السابق، قاسم الصديق، أن القرار مؤكد له آثار سلبية علي كل الأطراف لأنه سيزيد من التكاليف التي ترهق المستهلك وتخفيض المبيعات وتقليل الاستيراد ويقلل من دخل الحكومة. مشيرًا إلى أن المستوردين سيستفيدون من القرار في عمل تسويات للضرائب على القيمة المضافة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى