دستة إلا ربع.. انها نتيجة مباراة وليس سلة بيض!!

دستة إلا ربع.. انها نتيجة مباراة وليس سلة بيض!!
محمد عبدالماجد
في العادة لا أحب الكتابة عن المواضيع التي تفرضها مواقع التواصل الاجتماعي، وأتجنب أن أخوض مع الخائضين، لمجرد التعليق وركوب (الموجة) والتماهي مع (الترند)، إذا أحسنوا أحسنت وإذا أساءوا، أسأت مثلهم.
وإن كان يطيب لنا ذلك ونتحرى الكتابة بفقه (صحبة راكب)، أو قضاء (مصلحة)، لفعلنا ذلك في السياسة، ورفعنا شعار (بل بس) كما يرفعون.
لكن مع ذلك لا يغيب رأينا وندلو بدلونا في المواضيع العامة، ونقول (لا) بما يتوافق مع ضميرنا.
لا أرى مبرراً للغضب الجلل الذي أثاره منتخب الناشئين وهو يخسر توالياً، أولاً من المنتخب التنزاني 0 / 6 ثم يخسر 0 / 9 أمام المنتخب اليوغندي.
وأرى أن الخسائر منطقية وطبيعية، وكيف لا يحدث ذلك وليس هنالك نشاط أو تنافس للفئة التي مثلت المنتخب السوداني، هذا أمر يغيب عن الساحة الرياضية حتى في الظروف العادية وقبل اشتعال الحرب.
لذلك نتائج المنتخبات السنية دائماً كانت مخيبة، أما المنتخب الأول فهو يعتمد على اجتهاد الهلال والمريخ ولولا الهلال تحديداً لكانت خسائرنا على مستوى المنتخب الأول على نفس المنوال.
الجديد الآن هو أنّ النشاط الرياضي لتلك الفئة العمرية لم يغب فقط على المستوى الرسمي كما كان يحدث في السابق، وإنما يغيب هذه المرة حتى على المستوى الشعبي، فقد توقف (الدافوري)، وتجمدت (أم أربعة) ولم يعد هنالك أثرٌ لشليل وشديّد بسبب الحرب.
وكل المدن التي اختير منها هؤلاء اللاعبون كانت تحت الحصار ومن لم يسقط منها في يد المليشيا الظالمة كان معرضاً بصورة دائمة للتدوين العشوائي والمُسيّرات، وكانت تلك المدن أو كل السودان ومازال أهله يعيشون في أوضاع اقتصادية صعبة، حيث تعاني الكثير من المناطق من قطوعات الكهرباء والمياه، فكيف لا نخسر بالتسعة؟
معسكر إعدادي للمنتخب كان يقع لاعبوه ضحايا لحمى الضنك فكيف بربكم لا يخسر بالستة والتسعة؟
ماذا كنتم تنتظرون من منتخب، ولجنة المسابقات في اتحاد الكرة تعمل بنظام الجباية، ولا يهمها من مسابقاتها غير جلب الأموال وحصدها، أو سلبها ونهبها، أو شفشفتها بصحيح العبارة، وهي فقط معنية بملاحقة الهلال والمريخ حتى تجني من خلالهما الأموال والأضواء والصيت والغنى.مستلزمات كرة القدم
كيف لا يخسر المنتخب السوداني بالتسعة؟ وطبيب الفريق هو عامل المعدات ووجبات اللاعبين هي العدس والبوش.
ماذا تنتظرون من منتخب مخصصاته وحوافزه ونثرياته تذهب للإداريين، أما اللاعبون والمدربون فقد تركوا في فنادق أو لوكوندات يفترشون أرضها ويتوسّدون أيديهم.
لا يصرفون لهم حتى كورسات العلاج من الملاريا وحمى الضنك.
الهجوم على اللاعبين أو على الجهاز الفني هو هجوم على الحلقة الأضعف، يجب أن تطعنوا في الفيل وتتركوا ضله، فالطعن فيه لن يزيدنا إلا خسارة.
حاسبوا معتصم جعفر وأسامة عطا المنان ومحمد حلفا ـ حاسبوا هذه الأسماء التي لم تصل للمحافل الدولية إلا في الشكاوى، ولم نسمع عنهم خارجياً إلا في المحكمة الرياضية.
إذا كانت هنالك بطولات في الفساد والمحسوبية سوف نتصدر الموقف وسنحقق البطولات، ما دون ذلك سنخسر بالستة والتسعة.. تلك الأرقام التي لا نسمع بها حتى في السيجة والضُمنة والحريق وصفرجت.
الخسارة بالتسعة في ظل هذه المعطيات ليست كثيرة ـ لذلك دون كل الناس أطالب بتكريم المنتخب السوداني لأنه خسر فقط بالتسعة، لأن القادم أسوأ.
خسائر المنتخب أصبحت بالدستة مرة نصف ومرة دستة إلا ربع.. مُخزٍ جداً أن نحسب الأهداف التي تدخل مرمانا كما نحسب البيض والبرتقال والتفاح.
وأخشى أن نحسبها لاحقاً بالملوة والربع والشوال والطن، كما نحسب النبق واللالوب والدوم.
نتيجة المنتخب بلغة طبق البيض هي دستة إلا ربع.
إنه السودان ـ فلماذا تفزعوا مما تصنعون؟
الذي يغيب عليكم إننا نخسر بالتسعة في كل شئ ـ في المدارس والجامعات والمسارح والمزارع والمصانع.
نخسر حتى على المستوى الأخلاقي ـ ولكن لا تشعرون.




