الأزمة السياسية الراهنة.. غياب الحس الوطني

 

الخرطوم: آثار كامل   11 ابريل 2022م 

مضت خمسة أشهر وبضع أيام منذ قرارات عبد الفتاح البرهان القائد الأعلى للجيش السوداني في الخامس والعشرين من أكتوبر عام 2021، وما زالت الأحداث تتسارع في ظل خلافات بين المكونين العسكري والمدني بسبب تلك القرارات وعدم اتفاق بين كل القوى السياسية، رغم الوساطات لنزع فتيل الأزمة والمبادرات الخارجية التي تقودها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، بجانب المبادرات الداخلية التي تضم عدداً من المدنيين.

لقد جزم خبراء اجتماعيون بأن سبب عدم اتفاق كل القوى السياسية والقوات المسلحة يعود الى افتقار الجميع للحس الوطني.

 

ما بعد الاستقلال

وفي هذا الاتجاه يقول الخبير الاجتماعي حاتم حسن لـ(الصيحة)، إنّ غياب الحس الوطني لدى الفرقاء السودانيين هو ما حال دون الوصول الى اتفاق في الازمة السياسية الراهنة وذكران افتقار السياسيين للحس الوطني واهمية انتشال السودان من مستنقع الخلافات المستعرة لا يؤدي الى توافق وطالب الجميع بالتحلي بالمسؤولية الوطنية والابتعاد عن شخصنة القضايا وان تكون مصلحة الوطن هي العليا ..

 

فهم المشاركة السياسية

فيما يرى د. محمد عبد الله أستاذ علم الاجتماع  في حديثه لـ(الصيحة) أن أجيال السودان عادت إليها الروح الوطنية  بعد ثورة ديسمبر المجيدة وعادت قيمة الحس الوطني تعلو على كل شيء، ولكن في ظل التشاكس السياسي الموجود الآن نجدها تُشكِّل غياباً وسط الساسة، ولفت بأن المواطن السوداني يمتلك حساً وطنياً مرتفعاً، انبثق عن خبرته في المشاركات والفعاليات الوطنية والسياسية خلال السنوات الطويلة الماضية، موضحاً أن المواطن يمتلك شغفاً لبناء سودان جديد، وإن هذا الشغف قاده إلى التمسُّك بحضور مختلف في الفعاليات التي تُؤهِّله لفهم المشاركة السياسية، ودوره في تطوير أفكاره السياسية التي تخدم المشروع الإصلاحي الذي أرسى دعائمه لتحقيق شعارات ثورة ديسمبر ، مؤكداً بأنه لا بد من التطرق الى كيفية تنمية الحس الوطني بعيداً عن الخطاب السياسي، ثم يأتي الخطاب السياسي المدني المُوجّه إلى عامة الناس ومحاولة إيجاد الوسائل والطرق التي تُساهم في تقديم المساعدة لهم.

 

ظواهر عديدة

من جانبه قال المحلل السياسي د. مصطفى عبد الله في حديثه لـ(الصيحة)، تاريخياً كان النضال السياسي يعتمد على الحس الوطني، وأضاف بأن الناظر للساحة السياسية السودانية لا بُدّ له من الإقرار بأنّ ثمة ظواهر عديدة تفشت داخلها وهي بعيدة كل البعد عن الحس الوطني واصبحت تأخذ في النمو والتكاثر في سياق العديد من المُتغيِّرات التي لازمت تفاعلاتها، مما ادى الى التباعد في الافكار والرؤى ..وطالب مصطفى بضرورة التمسك بمصلحة الوطن قبل التمسك بالقضايا الشخصية والمطامع التي تؤدي الى الشقاق والتناحر …

 

تنمية الحس الوطني

جزم المحلل السياسي عاطف الحاج الى أن نجاح تكوين حكومة كفاءات  وطنية غير حزبية تعتمد على عوامل رئيسية، منها ضرورة التكاتف والتكافؤ بين المكونات الموجودة الآن سياسياً واجتماعياً وانطلاقها من فكرة واحدة وليس مجزأة كما يحدث الآن، واشار الى غياب الحس الوطني بنسبة كبيرة في الوسط السياسي، وقال الوضع الآن أشبه بصراع الأفيال، الكل يبحث عن مصلحته، وأضاف في حديثه لـ(الصيحة): في الوقت الراهن وفي ظل هذا الاحتقان والانقسام لا بد من استخدام قوة الدفع الاجتماعي وتنمية الحس الوطني.

 

الوطن أولاً

يري أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية عثمان إبراهيم خلال إفادته لـ(الصيحة) بأن الحل ليس اعلانا جديدا او ميثاقا جديدا او جمع مبادرات، بل يكمن في وضع الجميع الوطن أمام أعينهم وتحكيم صوت الحس الوطني المفقود، بجانب جلوس الأطراف للحوار والتفاوض وجمع الصف، ونوّه بأنّ الوثيقة الدستورية واضحة، مُشيراً إلى أنه على كل الحريصين على وحدة السودان الالتزام بالشراكة وبالوثيقة الدستورية، وأضاف بأن الوضع الآن لا يحتمل التصعيد واللغة الحادة، بل لا بد من دراسة المخاطر، ويجب ان يعلم الجميع بأن البلاد تمضي بالتنازلات وليس بالخلافات والتمسُّك بما تم التعاهد عليه والحفاظ على الرؤية الواحدة والخط الواحد والجلوس والتوصل لحل وسط, وأرجع عثمان سبب غياب الحس الوطني واصابته بضعف وتلاشٍ الى شعور الكثيرين بالغبن والحرمان من الحقوق والتفرقة بين ابناء الوطن الواحد خلال سياسات الأنظمة في السودان، وأكد عثمان أن الحس الوطني بعد الثورة ارتفع بصورة ملحوظة واضحى احساساً قومياً، فالانتماء للوطن وثقافة الثورة التي فرضت على الناس قيم ومبادئ العدالة والديمقراطية أصبحت شعوراً عاماً، ثورة ديسمبر المجيدة أهم ما اتت به انها وحّدت الإحساس، فلابد من استغلال ذلك لمصلحة السودان ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى