Site icon صحيفة الصيحة

نائب حاكم إقليم دارفور د. محمد عيسى عليو لـ(الصيحة) : نهب “يوناميد” تم بترتيب مُحكم وأنا على استعداد للشهادة وكشف كثير من الخبايا

عليو

 

حكومة حمدوك أصدرت قراراً بإيقاف ميزانية التنمية والوظائف الجديدة

الأمن مسؤولية الولايات لحين اكتمال الهيكل الأمني لحكومة الإقليم

بعض المُتنفِّذين ليست لديهم قناعة بتنفيذ اتفاق جوبا

لا بُدّ من التعويض الفردي لأي نازح أو لاجئ

 

أكد نائب حاكم إقليم د. محمد عيسى عليو، أنّ الأمن في دارفور مسؤولية الولايات لحين اكتمال الهيكل الأمني لحكومة الإقليم، وقال إن نهب مقر “يوناميد” تم بترتيب مُحكم، مُبدياً استعداده لكشف الكثير من الأسرار على اليمين أمام لجنة التحقيق، وأوضح عليو خلال حوار أدلى فيه بالكثير لـ(الصيحة)، أن ما نُفِّذ من اتفاق جوبا شوية مناصب والبنود المهمة لم تُنفّذ، مشيراً الى أن بعض المتنفذين في المركز ليست لديهم قناعة لتنفيذ اتفاق جوبا وهذا واحدة من العقبات، كاشفاً عن قرار صدر من حكومة حمدوك الأولى ولا يزال سارياً بإيقاف ميزانية التنمية والوظائف الجديدة في كل الولايات، وطالب عليو، الحكومة الاتحادية بالتعويض الفردي لأي نازح أو لاجئ.

حوار: الطيب محمد خير              11 ابريل 2022م 

 

ما سبب استقالتك والتراجع عنها؟

استقلت بسبب سرقة مقر “يوناميد” رغم كل التدابير والاحترازات والتحوطات التي قمنا بها، وللأسف تم النهب أمام أعيننا، رغم أن هذه المنهوبات مكسب لكل الولايات والإقليم، وضياع هذا كان مدعاة أن أتقدم باستقالتي، لكن تراجعت عن الاستقالة نسبةً للضغوط الشديدة التي مُورست علينا من قبل الإدارات الأهلية والمجتمع المدني وإخوة أعزاء، بجانب إصرار الأخ الحاكم مناوي الذي رفض قبولها، هذا ما جعلني أعدل عنها نظراً للظروف المحيطة بالبلاد.

حديثك يُوحي بأن حادثة النهب لم تكن عفوية وإنما بترتيب.. أليس كذلك؟

ما استطيع قوله، هذه الحادثة مُرتّبٌ لها حتى ساعة الصفر حددت بدقة متناهية وبذكاء إجرامي، لأن الجريمة تمت بعد أن تم تجهيز السيارات حتى تزويدها بالوقود من قبل الولايات، بل بعض السائقين كانوا على المقود لحظة الهجوم، وهناك لجنة تحقيق مركزية تم تكوينها، عندها سنكشف عن كثير من الغموض الذي يكتنف بعض الجوانب في هذه الحادثة الإجرامية.

هل ستدلي بشهادتك إن طُلب منك؟

نعم أنا على استعداد أن أدلي بشهادتي إن طلبت مني لجان التحقيق سواء ولائية أو اتّحادية، سأمثل أمامها وأكشف عن كل ما أعرفه من حقائق التي ستجلي كثيراً من غُموض هذه الجريمة وهذا يكفي، وعلينا أن ننتظر لجنة التحقيق.

مر عام على الاتفاق وإلى الآن دارفور لم تهنأ بالسلام والاستقرار، بل الوضع انحدر للأسوأ؟

هذا صحيحٌ، اتفاق جوبا لا يزال يراوح مكانه، عبارة نصوص وجُمل ومُفردات فقط مُضمّنة في كتيب، يجب أن يُذاكر يومياً ويُنفّذ، لكن هذا الكتيب للأسف ظل قابعاً في أدراج دواوين الحكومة سواء المركزية أو حكومة الإقليم ولم ينفذ منه إلا القدر اليسير جداً، منسوبات الى مناصب في حكومة الإقليم الحاكم ونائبه ووزير مالية ومقعدين في المجلس السيادي والوزارات الاتحادية وهذا مداعاة لاتهام المركز بنقض العهود كما هو الحال دائماً، وهذا ما أشار اليه الزعيم الجنوبي ابيل ألير في كتابه الشهير، وكل الشهود ان اتفاقيات السلام السودانية منذ الاستقلال واجهتها عقبة عدم إيفاء المركز بها ونقضه العهود، ما أدى لاشتعال الحرب في الجنوب وانتهت بانفصاله، الآن التمويل الذي نصّت عليه الاتفاقية (750) مليون دولار لم يصرف منها ولا مليم واحد، والمركز إن لم يكن يستطيع الإيفاء لماذا التزم لأن الالتزام يصبح برنامجاً للطرف الآخر.

ماذا بشأن الترتيبات الأمنية؟

كذلك الترتيبات الأمنية وحكومة الإقليم المنوط بها تنفيذ الاتفاقية صدر قرار بقيام الإقليم وتسمية الحاكم، لكن لم يصاحب ذلك قانونٌ يحدد صلاحيات حكومة الإقليم وعلاقتها بالمركز والولايات، حتى حكومة الإقليم والمفوضيات  لم تكتمل بعد، ومضى الآن أكثر من عام على توقيع الاتفاقية، صحيح ظرف البلد السياسي غير مساعدٍ، لكن ليس من المنطق أن يكون الأمر بكل هذا الجمود، لا بد أن يكون هناك حراكٌ ولو قليل بالحد الأدنى.

هيبة الدولة لا تزال مفقودة، ما يطرح السؤال الأمن مسؤولية مَن في دارفور، حكومة الإقليم أم الولايات؟

الآن الأمن في دارفور مسؤولية الولايات، لحين اكتمال الهيكل الأمني لحكومة الإقليم بتكوين لجنة أمن الإقليم التي من المُنتظر أن تتشكّل من حاكم الإقليم وقائد القيادة الغربية (الأخير جسمٌ جديدٌ يشمل كل قيادة الجيش في الولايات الخمس رئاسته في نيالا) ، ورئيس لجنة أمن الإقليم ورئيس شرطة الإقليم هذه اللجنة عندما تشكّل يكون الأمن مسؤولية الإقليم.

 

ماذا عن هيبة الدولة؟

سؤالك عن هيبة الدولة هذه، ظلت مفقودة في دارفور منذ نهايات فترة مايو، حيث بدأت النزاعات القبلية لكنها لم تواجه بالحسم، وزادت اشتعالاً في الديمقراطية الثالثة لاستغلال المرونة التي خلقتها الديمقراطية والإنقاذ زادتها اشتعالاً، ونحن الآن ورثنا كل هذا التراخي والأخطاء المتراكمة، ومطلوب منا مواجهتها في وضع مُعقّد وشديد الحساسية والأمن الآن مسؤولية حكومة الولايات وحكومة الإقليم تساعد الولايات، وعندما تكتمل هياكل حكومة الإقليم سنتحمّل مسؤولية الأمن في إطار حكومة الإقليم، لكنه الآن مسؤولية الوالي.

 

المكاسب التي تراها في اتفاق بجوبا مقارنة بالدوحة وهل تتوقّع أن ينتهي سلام جوبا لمصير أبوجا؟

حتى الآن لم يتم تقييم مفصلي شامل كامل للدوحة لاتفاق كيف بدأ وعلى ماذا انتهى وما البنود التي نُفِّذت، ما الذي أخفق فيه، كل هذا يكتنفه نوعٌ من الغموض رغم أن فترته اكتملت، ولا أتوقّع أن يكون مصير اتفاق جوبا كأبوجا والفصائل التسعة الموقعة لا تزال تنتظر التنفيذ ولم يخرج منها أي فصيل، ونتفاءل بعد تشكيل حكومة الإقليم في مقبل الأيام أن يمضي سلام جوبا لنهاياته.

ما المعوقات غير الإمكانات المالية؟

الإمكانات المالية هي السبب الأساسي، لكن هناك اختلافٌ في كثير من المفاهيم حول اتفاق جوبا، وأرجح أن بعض المتنفذين ليست لديهم قناعة بتنفيذ اتفاق جوبا، هذا جانب، ومن جانب آخر مطلوب من أبناء دافور أنفسهم وتحديداً الموقعين مزيد من الترابط والوحدة لأجل توفير المناخ المناسب لتنفيذ هذا الاتفاق، وثغرة عدم الاتفاق بينهم نتيجتها ستكون شرخا كبيرا يعرقل هذا الاتفاق، والنقطة الأهم الجانب المالي ونحن نقدر ظروف السودان الاقتصادية، لكن الوضع على الأرض يحتم التعجيل وأهلنا يقولون (الجعان ما بنتظر فورة البرمة)، الناس معولة على هذا الاتفاق أن يضع حداً للاختلال الأمني ويحقق الاستقرار ويوفر لهم الحد الأدنى من التنمية، ومؤكد المال يشكل رأس الرمح لتحقيق هذه المطالب المشروعة، في رأيي، ولا خلاف على تأسيس بنية طرق لربط الولايات الخمس وغيرها من الخدمات التي تسهم في تقليل الجريمة.

برأيك لماذا وقع الاتفاق طالما لم تتوفّر القناعة الكافية؟

ربما تكون هذه الفرضية منطبقة على قلة من المتنفذين في الدولة وقّعوا على أمل أن يراوغوا في تنفيذ جوانب من الاتفاق.

 

هل توافق على مقولة إن اتفاق جوبا توقف عند المناصب وفشل في تحقيق الأمن والاستقرار؟

ما نُفِّذ من اتفاق جوبا شوية مناصب والكثير من البنود المهمة لم تنفذ، نعم هناك حراك في الترتيبات الأمنية لكنه اقل من المأمول، الآن تم اختيار (300) فرد من كل حركة وأدخلوا لمعسكر بمنطقة الجديدة حسين شمال الفاشر للتدريب، وهي خطوة جيدة، ونأمل أن يتحرّك المركز مع حكومة الإقليم بوتيرة أسرع لإنفاذ الترتيبات الأمنية، بجانب استكمال حكومة الإقليم بتكون المفوضيات والمجلس التشريعي بعد إجازة القانون في الأيام القادمة حتى تكتمل الصورة النهائية.

 

في ظل غياب القانون الخاص بالإقليم كيف تنظمون العلاقة بين الإقليم والمركز والولايات وما العقبات؟

الأخ حاكم الإقليم وحكومته يؤدون مهامهم عبر مراسيم مؤقتة صادرة من المجلس السيادي.

لكن واضحٌ أن حكومة الإقليم مُكبّلة وتمضي ببطء؟

هذا صحيحٌ، حكومة الإقليم تمضي ببطءٍ، رغم هذا لدينا حضور في الساحة عبر عدد من البرامج التي نقوم بتنفيذها، لكنها اقل من الطموح، لا بد من وجود قانون ينظم العلاقة بين المركز والإقليم والولايات.

 

هل تُوجد تقاطعاتٌ بين حكومتي الإقليم والولايات وكيف تم التغلب عليها؟

ليست لدينا مشكلة مع الإخوة والولاة، والذي يحكم العلاقة بين حكومة الإقليم والولايات المراسيم التي أشرت إليها، يعني علاقتنا بهم كحكومة إقليم تمضي بطريقة أشبه بالعُرف أو الثورية أو المفاهيمية، والإخوة الولاة مُقتنعون بوجود الحاكم، والإخوة الولاة أغلبهم جزءٌ أصيلٌ من اتفاق جوبا، ومنهم ثوريون مُؤيِّدون لاتفاق جوبا، كلٌّ يؤدي دوره وفق الروح الثورية، رغم ذلك وجود الإطار القانوني لتنظيم هذه العلاقة مهمٌ جداً، ونحن الآن في انتظار المركز لتشكيل الحكومة والمجلس التشريعي.

إلى أيِّ مدىً المركز ملتزمٌ بتوفير ميزانية تنموية لحكومة الإقليم؟

هناك قرارٌ صدر من رئاسة الوزراء منذ حكومة الثورة الأولى برئاسة حمدوك اوقف او منع التعيينات الوظيفية الجديدة في الدولة، وكافة بنود التنمية في ميزانية الدولة، بحجة ان الدولة متعثرة مالياً، “يعني ما في طوبة واحدة تتبني في كل السودان”، وهناك مشروعات توقّفت بعد أن وصل إنشاؤها لأكثر من 80%، للأسف قرار إيقاف الوظائف وكافة مشاريع التنمية سارٍ حتى الآن، وأنا عندما كنت والياً لشرق دارفور طلبت من حمدوك السماح لنا بإكمال بعض المشروعات مثل الطرق والكهرباء، لكنه رفض وألزمنا بالصرف على الفصل الأول فقط المرتبات.

ما سبب فشل القوة المُشتركة التي كُوِّنت على مُستوى الولايات؟

الأخ الحاكم لديه رأي في القوة المشتركة، لأنها غير منصوص عليها في اتفاق جوبا وفشلت في أول مهمة أوكلت إليها هي الحفاظ على مقر وممتلكات “يوناميد”، والآن تَمّ إلغاؤها وتجاوزها كفكرة، واُستعيض عنها بقوة خاصّة لحفظ الأمن حسب ما نص عليه اتفاق جوبا يتم تكوينها بعد الترتيبات الأمنية باختيار (300) فرد من كل حركة و(3000) من الشرطة و(2000) من الجيش والأمن والدعم السريع.

 

يتخوّف البعض من وجود الحركات في قُوة حفظ الأمن وهي مُتّهمة بأنها جزءٌ من الصِّراع الأخير؟

 

هذه مخاوف غير ذات جدوى، لأن قوات الحركات ستذوب باكتمال الترتيبات الأمنية في القوات النظامية وتصبح جزءاً منها وتخضع لقانونها، ولن تكون قوات حركات كفاح مسلح قائمة بهياكلها، وعندها ستتبدّد هذه المخاوف، ومن ثمرات قرارات اجتماع اللجنة الأمنية الذي انعقد في الفاشر الإسراع في إنفاذ الترتيبات الأمنيّة.

ما الذي يُعطِّل التّرتيبات الأمنيّة غير التمويل؟

هناك أطرافٌ غير سودانية مشاركة في الترتيبات الأمنية، وهناك أكثر من لجنة، وهناك دعم دولي يجب أن يتوفر، وبالتالي أصبح من الصعب أن تقوم الحكومة السودانية لوحدها بالترتيبات الأمنية في ظل الوضع الاقتصادي الماثل الآن، والآن الحكومة السودانية تعمل بمبدأ ما لا يدرك كله لا يترك جله، وبدأت بتكوين القوة الخاصة بحفظ الأمن لتحقيق حتى القدر اليسير من الاستقرار في دارفور.

إلى ماذا تُعزي تَجَدُّد الصِّراع بصُورته الماثلة الآن رَغم اتّفاق السّلام؟

الحد من الصراعات القبلية غير مرتبطٍ باتفاق السلام، بقدر ما هو مرتبطٌ بتقوية العصبة الأمنية وبسط هيبة الدولة في دارفور هي التى تردع المُتفلتين، بالتالي توقيع اتفاق سلام ما معناه خلاص نهاية الصراع، لا بُد من قوة تردع، وفوق ذلك هناك جهاتٌ خفيةٌ ظلّت تعبث بالأمن وتُحرِّك هذه الصراعات.

ما الأيادي الخفية هذه؟

هناك ايادٍ خفية في المركز بتلعب في دارفور سواء من أبناء دارفور، أو من جهات أخرى في السودان، أو من المجتمع الدولي، منها ما هو مُتورِّطٌ، ومنها مُستفيدٌ من استمرار الصراع في دارفور، أضف لذلك دارفور محاددة لخمس دول، فلا تضمن أن كل هذه الدول تقف على مسافة واحدة وتريد بسط السلام والاستقرار ونهضة الإقليم، كل ذلك مرتبطٌ بالثروة والإمكانَات الهائلة التي تزخر بها دارفور، وهذا جعل مُحرِّكات الصراع مخطّطاً لها بدقة متى وكيف يتم تفجير الوضع ونسف كل ما هو مرجو ومُنتظر، وأقرب مثال لذلك الأحداث التي تزامنت مع زيارة الوفد الفني الإماراتي، وأيضاً مؤتمر الصلح بين الفلاتة والتعايشة.

ما سر اهتمامكم بإعادة الإدارة الأهلية؟

الإدارة الأهلية كسلطة شعبية لها وضعية وأهمية في دارفور، ويُجرى الترتيب لعقد مؤتمر للإدارة الأهلية لانتخاب مجلس الإدارة الاهلية في دارفور وسيكون هذا المجلس جزءاً من اللجنة الأمنية لإقليم دارفور.

المصاعب التي تُواجه جمع السِّلاح؟

لا أرى هناك استحالة اذا توفرت الإرادة لجمع السلاح، رغم أن البعض توهّم إن هو سلم سلاحه قبل اكتمال الترتيبات الأمنية ستقوم الحركات بالانقضاض عليه، ولحين اكتمال الترتيبات الأمنية لا بُد أن يتم تفعيل لجنة الأمن في كل ولاية، وعلى الوالي أن يعمل سلطاته بإصدار قرارات تحد من حمل السلاح ولا ينتظر، وعلى لجنة الأمن أن تقوم بمُساعدته.

ما شكل الخارطة الأمنية التي يمكن أن ترسمها الآن لدارفور؟

الترتيبات الأمنية هي المفتاح الرئيسي والحركات المُوقّعة صبرت لأكثر من سنة، لكن حمل هذه الحركات للسلاح مدعاة، لأن يحمل الآخرون السلاح، وبالتالي مساحة الاعتداء والتفلُّت تصبح واسعةً في ظل تعثُّر الترتيبات الأمنية.

أثر غياب القانون الخاص بالإقليم في التّعامُل مع كثير من القضايا؟

من المهم إصدار القانون الخاص بالإقليم، لأنه يمنحنا الفرصة أن ننطلق كحكومة إقليم، لأن غيابه مُكبّل لنا ومن الصعب أن تتعامل بعُمق مع أي قضية وأنت فاقدٌ للقانون.

 

كيف تتم إجازة قانون الإقليم قبل قيام مؤتمر الحكم؟

قانون الإقليم لا علاقة له بقيام مؤتمر الحكم والإدارة، لأن اتفاق جوبا نص في حال عدم قيام المؤتمر خلال ستة أشهر تُعلن حكومة دارفور والإقليم وهذا ما تم، لكن الآن هناك تعقيداتٌ لوجود طرف ثالث متدخل وهو سبب هذه العراقيل.

نعود ونسأل ما الطرف الثالث هذا؟

أنا لا اتّهم جهة بعينها، لكن هذا الطرف غير واضح كالغول والعنقاء، لكن تأثيراته موجودة في ما ذكرته لك من أحداث صاحبت مؤتمر صلح أهلنا التعايشة والفلاتة وغيرها، كلها عبارة عن متاريس تضعها جهات تُريد أن يكون إقليم دارفور دائماً مُلتهباً ولا يستقر، وأقول إن كان هؤلاء يريدون أن نكون مطايا أو عبيداً لهم لخدمة مصالحهم، نطلب منهم أن يدعونا ننهض لنكون عبيداً أقوياء لخدمة مصالحهم بدلاً من ضعاف.

هناك شكاوى ومخاوف من وجود قوات الحركات بسلاحها داخل المدن في دارفور؟

في البدء السؤال، لماذا سمحت اللجان الأمنية لهذه القوات أن تدخل المدن وتتمركز فيها بسلاحها؟ على المركز أن يجيب على هذا السؤال، وأنا لا أرى سبباً مُقنعاً لوجود هذه القوات داخل المدن، والعهد البائد بكل علاته لم يسمح بذلك عند توقيع الاتفاق، حدّدت مواقع بعينها لتجميع قوات الحركات الموقعة، وكان لهذه الحركات أن تلزم أماكنها إن تم التمسُّك بوجودها في مواقع محددة، وهنا تجدر الإشارة الى أن الحركات بعد زيارة رئيس مجلس السيادة ونائبه وصدور قرارات اجتماع الفاشر بدأت تخلي المُدن.

في فترة ماضية حذّرت من انهيار دارفور.. على ماذا استندت في ذلك؟

هذا الحديث أطلقته عندما كنت حاكماً مُكلّفاً بالتزامن مع مشكلة جبل مون وقبلها غرب دارفور، وحذّرت بوضوح من أن عدم قيام الترتيبات الأمنية سيؤدي لانهيار دارفور، وحمّلت المركز المسؤولية وقدّمت استقالتي، وبعدها تحرّك رئيس مجلس السيادة ونائبه وذهبا إلى الفاشر وصدرت القرارات الخاصة بالبدء في الترتيبات الأمنية.

ما الرسائل التي تُوجِّهها الآن؟

هناك أمران على المركز القيام بهما، الإسراع في إنفاذ الترتيبات الأمنية، والعمل على إقناع الشركاء الدوليين بتقديم مُساهمتهم في ذلك، ووضع برنامج مارشال تنموي لدارفور يبدأ بالطرق، لأنها أساس التنمية وستساعد في وضع حدٍّ لكثيرٍ من المظاهر السَّالبة في زعزعة الأمن وستُساهم في الدخل القومي بتسويق الكثير من المُنتجات ذات القيمة العالية في السوق العالمي مثل اللحوم والمنتجات الزراعيّة والبستانية وغيرها من السلع المُهدرة التي يُمكن أن تسهم في زيادة الدخل القومي وتحد من الفقر والبَطَالة التي هي الدافع الرئيسي للجريمة.

 

هل الوضع مُشجِّع للآخرين للدخول في سلام على ضوء ما ذكرت من عثراتٍ؟

بالتأكيد الذين لم يُوقِّعوا سيكونوا أكثر شماتة ويسألوا الموقعين ماذا كسبتم بعد التوقيع، ونقول للمركز وتحديداً الفريق البرهان ونائبه، عليكما بالإسراع والمرونة حتى يكون هناك توافقٌ سياسيٌّ وخطٌ وطنيٌّ لتشكيل حكومة مدنية لإنفاذ اتفاق جوبا، لأن الوضع الراهن غير مُشجِّع للآخرين للدخول في اتفاق سلام.

ملف اللاجئين والنازحين مسكوت عنه؟

الآن يوجد أكثر من (30) معسكراً للنازحين في الداخل غير اللاجئين في الخارج، هذه حالة إنسانية لا بد من التعامل معها بجدية، وأنا قدمت دراسة متكاملة حول هذا الملف للأخ الحاكم ووجدت قبولاً، ثم إن قضية النازحين واللاجئين قضية سودانية بالدرجة الأولى “ولازم السودانيين يغوصوا في حلها”، لأن هؤلاء المواطنين لم يكونوا طرفاً في الصراع لكنهم ضحايا له، فعلى الجميع أن يولوا هذا الملف اهتمامهم لأنهم في النهاية سودانيون من لحمنا ودمنا وكانوا يسهمون في الناتج القومي.

إذن ما المطلوب لعودتهم؟

لابد من التعويض الفردي لأي نازح أو لاجئ حتى يتمكّنوا من بدء حياتهم الطبيعية في مناطقهم، الأمر الثاني بسط الأمن بتأسيس القوات خاصة بحماية المدنيين المنصوص عليها في اتفاق جوبا وتكون منتشرة في أي  قرية، وتقوية شوكة سلطة الإدارة الأهلية كمصدر أساسي للمعلومات الخاصة بهؤلاء النازحين واللاجئين

Exit mobile version