سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع

 

4 ابريل 2022م 

خواطر اليوم الثالث!!

(1)

تبقت أيام معدودة ليوم 6 ابريل.. وهو يوم مشهود وحاضرة في ذاكرة الشعب السوداني.. وهذا اليوم تحديداً حدثت فيه الكثير من التغييرات والتقلبات التي غيّرت مسار التاريخ السوداني.. لذلك أصبح له وضعية ورمزية خاصة.. وكان يوم 6 أبريل 2019 هو اليوم الذي اقتحمت فيه جماهير الشعب السوداني أسوار القيادة العامة للمطالبة بانحياز الجيش للشعب وضرورة التغيير وحتميته وقتها.

منذ ذلك التاريخ وحتى اللحظة تغيّرت الكثير من المواقف وجرت مياهٌ كثيرةٌ تحت الجسر وفوقه.. وما عادت الأشياء هي الأشياء كما يظن أو يتوهّم البعض برفع سقف الأمنيات والطموحات بأنّ ثمة تغييراً سوف يحدث.

(2)

أقول ذلك تنبيهاً حتى لا يحبط الثوار الحالمون بالتغيير في يوم 6 أبريل.. لأن الواقع يقول غير ذلك تماماً في ظل شخصيات تتولى قيادة الدولة تتمتع بحس إجرامي عال وقبضة أمنية معززة بمليشيات لا تستند على أي مقوم أخلاقي أو ديني.. وقتل النفس لا يعني لهم أي شئ.

البرهان لن يتنازل عن السلطة (بأخوي وأخوك) وبقية تابعيهم من المليشيات وقادتها أمثال جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي ومالك عقار وغيرهم.. لأنهم يدركون جيداً أنّ التنازل عن الحكم هو الطريق لحبل المشنقة.. لذلك دعونا نكون أكثر واقعيةً وأن لا نسرف في الأمنيات والأحلام.

(3)

عملت لفترة قصيرة نسبياً بقناة الخرطوم.. وهي فترة لا أفخر بها.. ولن أضعها في سيرتي الذاتية.. وذهابي للعمل في قناة الخرطوم كان لدعم الأخ الحبيب ياسر عوض الذي عُيِّن مديراً عاماً للقناة.. وياسر عوض لا استطيع أن أرفض له طلباً.. فهو قدم لي الكثير وأعانني في بدايات عملي كمنتج برامجي.. حيث عملت معه كباحث في قسم البرامج بقناة الشروق.. وللعلم ياسر عوض هو من طالب بتحويلي من المكتب الصحفي الى قسم البرامج.. لذلك أكن له تقديراً خاصّاً ومحبة عالية.. لكل ذلك امتثلت لطلبه للالتحاق بقناة الخرطوم.. ولعلي في تلك الفترة المحدودة اكتسبت صداقات عزيزة وتعرّفت على شباب لهم إرادة وطموح وثّاب ولكنهم يعملون في بيئة رديئة لا تصلح للإبداع مُطلقاً.. لأن ولاية الخرطوم لا تهتم بهذه القناة ولا تصرف عليها ولا تقدم لها الدعم اللوجستي.. ويبدو أن هناك من يريد لها أن تبقى بهذه الوضعية المزرية وحتى الأخ ياسر عوض حينما حاول التغيير وقام ببعض الجراحات المُؤلمة، قُوبل بحرب ضروس حتى غادر القناة مُقالاً عن منصبه بعد انقلاب البرهان.. وذلك شرفٌ يُحسب له.

(4)

التجديد في الغناء السوداني على مستوى المفردة الشعرية والألحان الغنائية تلاحقت وتدرّجت أطواره ما بين الحقب المُختلفة، ويظل الأستاذ الفنان أبو عركي البخيت واحداً من تلك النماذج الشاهقة التي سَاهَمت في تطوير الأغنية بنقلها من الشكل الكلاسيكي القديم إلى فضاءات التجديد، وذلك كان منهجه الصّارم في بداية ستينيات القرن الماضي حينما جاء إلى العاصمة الخرطوم ليبدأ من هناك مسيرته في فن الغناء والموسيقى، حيث تتوافر فرص نشر الإنتاج الفني إعلامياً عبر الإذاعة السودانية والتلفزيون السوداني والصحافة المحلية، وهو منذ ظهوره يميل إلى الألحان ذات الرشاقة الميلودية ولأنه شاعرٌ ذلك منحة ميزة انتقاء النصوص المشحونة بنبرة فرائحية تسعد النفس مُستخدماً موسيقى تتوافق معها بها، ويظهر ذلك بوضوح في أغنية «مرسال الشوق» التي لاقت رواجاً كبيراً وهي من تأليف وألحان عبد الكريم الكابلي، وأضاف إليها أبو عركي من أسلوبه المميز له، فانتقل بذلك العمل الغنائي الجديد إلى آفاق أكثر رحابة من قبل، في نظر بعض النقاد الذين رأوا في ذلك نقلة نوعية لأعمال أبو عركي الغنائية.

(5)

الشاعر الجميل أزهري محمد علي صاحب وضاحة والتجربة الحياتية الثرة مع مصطفى سيد أحمد.. هو شاعر لا يمكن تجاوز صوته الشعري ..فهو أصبح محطة واضحة لا يمكن تخطيها .. ولعل أزهري واحد من المجددين الكبار في كتابة الشعر وأدخل مدرسته الخاصّة في الكتابة .. ولعل أشعار أزهري محمد علي كانت هي الوقود الحقيقي للثورة وكانت سبباً في جعل الشارع يتفاعل معها ويحفظها وتصبح كلماته وأشعاره هي من خاطبت قلوب الشباب والثوار .. لذلك لا يمكن مطلقاً إنكار دوره الكبير في ثورة ديسمبر مؤكداً على الدور الطليعي له كشاعر رائد ومجدد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى