منى أبوزيد تكتب : مرافعات رمضانية..!

3 ابريل 2022م

“اعلم أن الصوم ثلاث درجات، صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص”.. أبو حامد الغزالي..!

كل العبادات مقدار ثوابها مكشوف إلاّ الصوم، وجميعها له أبواب مواربة يتسلل منها الرياء إلاّ الإمساك عن الملذات في السر قبل العلن، يحدث أن يَطَّلع الناس على أداء بعضهم لبقية الشعائر ولكن يبقى الصوم سر العبد وربه. وبينما يقوم جمع الثواب في بعض العبادات على السعي نحو الكمال ينهض الصوم على مبدأ كسر النفس، ونقص البدن بتعريضه للجوع والعطش، لذلك لا يدخله الرياء بفعل العبد، وإن كان قد يدخله بالقول، وقد يدخل في قبيل ذلك – في تقديري – إصرار بعض الصائمين على عدم إتيان رخصة الإفطار في نهار رمضان “لعذر المرض أو السفر” على الرغم من المشقة والتعب الظاهر، خوفًا من تبعات القضاء حينًا، وخوفًا من ردود فعل الناس أحيانًا..!

فالذي يخالط بقية الشعوب المسلمة، يدرك أنّ السودانيين هم أكثر المسلمين زهدًا في رخصة الإفطار، ليس من باب الغلو في الدين فحسب، وإنما لأنّ الأكل والشرب عمدًا وجهرًا في نهار رمضان “فعل” مرتبط في عقلهم الجمعي “بشيل الحال” والوصم بضعف العزيمة وضعف الإيمان، فضلاً عن الهَمّ الكبير الذي ينتظر المُفطر قضاؤه في غير أيام رمضان..!

هذا ليس تحريضًا على التساهُل في إتيان العزائم، بل هي إيماءة نحو رخص الله – التي يحب سبحانه وتعالى أن تؤتى – ومرافعة ضد الوقوع في شبهة الرياء بالإصرار على عدم إتيان الرخص..!

جمهور فقهاء المسلمين قالوا ببطلان صوم من يدخن في نهار رمضان، لأنّ دخان السجائر من المفطرات المُؤكّدة التي تصل إلى جوف الصائم وتختلط بدمه وتُشبع لديه رغبة بينما الصوم في مجمله إمساك عن الشهوات. لكنّ بعض شيوخ الإسلام انحازوا إلى معاناة المُدخنين على حساب المصلحة العامة، منهم إمام الشيعة سماحة الشيخ “السيستاني” الذي أجاز لمدمن التدخين أن يدخن ثلاث سيجارات في نهار رمضان، ومنهم الدكتور “جمال البنا” الذي حلل التدخين في نهار رمضان للمدمن خوفًا عليه من النفاق، أي خوفًا على صومه من الرياء ..!

بينما يجزم معظم المسلمين العاقلين الحاضرين لنهارات رمضان في هذا البلد بوجوب تحريم تدخين السجائر. جراء رهق الأعصاب واضطراب السلوك الذي يطرأ على مدمن السجائر المحروم منها في نهارات رمضان. بعض صيام المدخن “حشف وسُوء كيلة” لأنه يعني أن يتحوّل مُدمن السجائر – في ساعات النهار التي يجب فيها السعي والعمل – إلى ثور في مُستودع خزف. وإن كُنت في ريبٍ من هذا فتأمّل في نهارات العمل في مؤسسات خدمتنا المدنية في شهر الصوم..!

 

 

 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى