Site icon صحيفة الصيحة

لوّحت بالعقوبات ..  واشنطن والخرطوم.. ما هي خيارات التنفيذ؟

 

 

الخرطوم: نجدة بشارة      26مارس2022م 

أثار مشروع قرار طرح بواسطة القيادات الجمهورية والديمقراطية في الكونغرس الأمريكي أول أمس لإدانة قرارات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر واعتبارها انقلاباً عسكرياً، ويدعو إلى فرض عقوبات على قادة الجيش، أثار جدلاً كثيفاً وسط متابعين على منصات التواصل بين رافضين للإدانة ومشددين على أن الجيش يمثل سيادة الدولة، وبين مؤيدين لمشروع القرار من المعارضين لقرارات البرهان.

 

 مشروع القرار  

أشار المشروع الذي قدمه السيناتور الديمقراطي بوب منديز والجمهوري جيم ريش في مجلس الشيوخ بالتعاون مع النائب الديمقراطي غريغوري ميكس والجمهوري مايك مكول، الى دعم الولايات المتحدة الأمريكية للشعب السوداني وتطلعاته الديمقراطية، كما يعترف القرار برئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء وزارته كالقادة الدستوريين للحكومة الانتقالية السودانية، ويدعو المجلس العسكري إلى الإفراج عن كل المسؤولين المدنيين وأشخاص آخرين اُعتقلوا بعد الخامس والعشرين من أكتوبر أو بعده، ويطالب المشرعون بعودة الحكم الدستوري احتراماً للوثيقة الدستورية كنقطة بداية للمفاوضات مع المدنيين تجاه حكم مدني تام، كما يدعو مشروع القرار إلى رفع حالة الطوارئ بما فيها إعادة كاملة لكل وسائل الاتصالات وإزالة كل الحواجز، ويحث القوات السودانية على التراجع والتعاون مع قواعد الاشتباك الدولية واحترام حقوق المتظاهرين السلميين ومُحاسبة كل من استعمل القوة المفرطة وانتهاكات أخرى من خلال عملية شفافة ذات مصداقية.

 

خيارات واشنطن

وفي إطار خيارات واشنطن، بعد الإعلان عن مشروع قرار الإدانة،  يختلف المحللون، حيث يرى بعضهم أن خيارات واشنطن تبدو محدودة في مواجهة العسكر في السودان، بينما يرى آخرون أن واشنطن بدأت بالفعل، وبعد استيعاب الموقف في تخطيط ردودها ضد حكومة البرهان لا سيما وأن هنالك المبادرة الأممية لرأب الصدع وتقارب وجهات النظر بين المكونات أطراف الصراع ، ووصلت مشاورات فولكر الى المرحلة الثانية وحددت لها شهراً لنهاية المرحلة الثانية.

لكن آخرون يعتبرون أن أمريكا مارست ضغطاً اقتصادياً بقطع المساعدات، وقالوا ان ورقة الاقتصاد لن تكون كافية، في ظل ما تناولته تقارير في الصحف الغربية، عن دعم من قوى عربية إقليمية، للخطوة الأخيرة التي أقدم عليها العسكر في السودان، ويرى هؤلاء أن واشنطن، ربما تقدم على إجراءات أكثر قوةً بهدف الحفاظ على هيبتها عالمياً، ومن أجل ما ترى مراكز أمريكية لصناعة القرار، انه سيخدم نفوذ الولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي.

 

تسليط ضوء

رجح السفير والدبلوماسي محمد جمال في حديثه لـ(الصيحة)، بأن  مشروع القرار الأمريكي بمعاقبة بعض رموز وقادة الجيش السوداني إجراء طبيعي وذو طابع سياسي، لجهة أن من حق الولايات المتحدة او اي دولة أخرى إعلان وقف التعامل وقطع علاقتها مع من تعتبرهم حولوا مسار التحول الديمقراطي، وقطعوا الطريق أمام طموح الشعب السوداني الى المدنية، اضافة الى ممارسة سياسة تكميم الافواه وتعنيف المتظاهرين، وقال ان خطوة أمريكا استبقت بمراحل من المناشدات والإدانات من قبل مجلس الشيوخ ضد قرارات البرهان، وأضاف بأن المناشدات لم تحرك ساكن القيادات العسكرية في السودان، وتوقع جمال أن الهدف من العقوبات هو تسليط الضوء على العقوبات السياسية  في الأزمة السياسية الحالية، وأردف: أتوقع أن يجاز القرار في القريب العاجل عطفاً على إجازة العقوبات على قوات الاحتياطي المركزي بالسودان، وقال لكن نلاحظ أن القيادات العسكرية في السودان تتجاهل مثل هذه القرارات والمناشدات وحتى الإدانات الدولية، وزاد (صموا آذانهم بي طينة وعجينة)، وأوضح بأن هذا التجاهل ستكون عواقبه وخيمة وسوف يقود الى مزيد من المشاكل، لأن هنالك آليات لدى المجتمع الدولي لضبط سلوك الدول، ومن حقها التّدخُّل.

 

خيوط مؤامرة

ووصف  المحلل السياسي د. عصام بطران في حديثه لـ(الصيحة)، مشروع قرار إدانة الكونغرس الأمريكي والتلويح بفرض عقوبات على مسؤولين بالدولة وقادة عسكريين، وصفها بخيوط المؤامرة الدولية على البلاد، وقال ان المؤامرة حيكت بأياد سودانية خالصة بهدف تحجيم دور المكون العسكري وتكبيله خلال متبقي الفترة الانتقالية مع “الدوبلير” رئيس مجلس وزراء “الظل” عبر إجراءات يتم تحضيرها على نار هادئة في ردهات الكونغرس الامريكي ضمن مشروع “قانون” لفرض عقوبات على قيادات في الجيش السوداني والقوات الأمنية الأخرى.

وتكهن بطران أن مسودة مشروع القانون المطروح في ردهات الكونغرس ليس ضد افراد عسكريين فحسب، بل يمتد أثرها ليشمل اسرهم و”مؤسساتهم” وجميع من يتعامل معهم بصورة “مباشرة” او “غير مباشرة”، كما يشمل شركات القوات النظامية ومن يتعامل معها داخل وخارج السودان، وأضاف بأن هذا المشروع سيعيد السودان الى دائرة العقوبات الخبيثة.

 

العصا والجزرة

وأوضح بطران: قد اكتملت الآن كل إجراءات إجازته كجزء من قانون مخصصات الدفاع الوطني قبل نهاية دورة أعمال غرف الكونغرس الحالي وذلك بمسمى “قانون الديموقراطية في السودان” الذي قدمه  السيناتور “كريس كونز” بمجلس الشيوخ بهدف فرض عقوبات فردية على كل من يهدد ويقوض التحول الديمقراطي في السودان، ورأي أن المشروع تمت صياغته بصورة تجعل فقراته ملزمة للإدارة الأمريكية، وقال إن “مشروع القرار” يهدف لإدانة قرارات 25 اكتوبر ووصفها بأنها “انقلاب عسكري” ويدعو لفرض عقوبات مشددة ولكنه غير ملزم للإدارة الأمريكية ولا يأخذ قوة القانون، واشار الى أن مشروعي القانون والقرار تم تقديمهما بمجلس الشيوخ بالإضافة إلى إيداع نسخة منهما، وتوقع ان تتم اجازة مشروع القانون أولاً من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بعد اجتماعها والتصويت عليه واجازته، وان  يتم إرساله لمجلس الشيوخ للتصويت عليه بكامل أعضائه، ثم يصبح مشروع القانون مجازاً من الكونغرس بغرفتيه “النواب والشيوخ” ثم  إرساله للرئيس الامريكي جو بايدن للتوقيع عليه ليصبح قانونا ملزم النفاذ بواسطة مؤسسات الإدارة الأمريكية، وبين أن تجسيد خطورة مشروع القانون عدم ورود أسماء للأفراد المعنيين بمسودة القانون وترك ذلك للعصا والجزرة الأمريكية لإضافة وحذف من تراه يقع تحت طائلة القانون حتى يكون القانون ورقة ضغط ترفعها الإدارة الأمريكية وقت ما تشاء وضد من تشاء من الأفراد، ورأى أنّ السودان ظل رهين العقوبات الأمريكية المفروضة على “الشعب السوداني” ليس لشيء غير المنافسة والكيد السياسي البغيض بواسطة بعض السودانيين الذين يعملون بالمنظمات الدولية الغربية.!!

Exit mobile version