طَالَت شرطة الاحتياطي .. عقوبات واشنطن.. تفعيل الشارة الحمراء للخرطوم

 

 

تقرير: مريم أبشر          23مارس2022م 

 

يبدو أنّ السودان دخل  فعلياً في سلسلة جديدة من العقوبات والعزلة الدولية، في وقت لا تزال آثار تبعات العقوبات القديمة تلف بتلابيب المواطن الذي اكتوى بنيرانها.

بالأمس، ادرجت الولايات المتحدة ممثلة في وزارة الخزانة الامريكية، شرطة الاحتياطي المركزي في حزمة عقوبات، أجمع معظم المراقبين أنها ستكون البداية، نظراً لسيادة حكم العنف وحالة السيولة العامة واضطراب دولاب الدولة وتفكك القوى السياسية وتناحرها وعدم وجود رؤية وأفكار محددة لكل اطراف العملية السياسية في السودان حكومةً ومُعارضةً.

ليس هذا فحسب، بل إن ما يجعل من الأمر أكثر تعقيداً هو توقف الدعم المالي الخارجي عن السودان من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية ومؤسسات التمويل الدولية، بجانب الحديث الذي يدور عن احتمالات فرض عقوبات من قبل الكونغرس على افراد ليس ببعيد، غير أن  المتضرر الوحيد من الأوضاع الداخلية والضغوط الخارجية هو المواطن السوداني والشباب المتساقط جراء العنف ما بين قتيل وجريح وأسير والخاسر الأكبر هو الوطن!!!

 

لماذا الشرطة…؟

 

فرضت الولايات المتحدة يوم الاثنين الماضي، عقوبات على شرطة الاحتياطي المركزي السودانية بسبب ما أسمته بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، واتّهمت الشرطة باستخدام القُوة المُفرطة ضد المُتظاهرين السلميين المتظاهرين ضد الانقلاب العسكري في البلاد.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، إن شرطة الاحتياطي المركزي كانت في طليعة “الرد العنيف” لقوات الأمن السودانية على الاحتجاجات السلمية في الخرطوم.

وأوضح بيان بموقع وزارة الخزانة الأمريكية ان الشرطة استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين المؤيدين للديمقراطية و الذين تظاهروا سلمياً ضد اطاحة الجيش السوداني بالحكومة المدنية التي يقودها المدنيون في السودان، وأشار ذات الموقع الى ان قوات الاحتياطي المركزي فصيل يتبع إدارياً للشرطة السودانية اسّسها النظام السابق وجرى استخدامها لمواجهة حركة الاحتجاجات الأخيرة.

 

حالة اندهاش!!

 

وزارة الخارجية عبّرت على لسان مصدر رفيع تحدث لـ”الصيحة” فضّل حجب اسمه، اأن قرار الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات على شرطة الاحتياطي المركزي لا يستند الى مسوغات، ويظل موضع دهشة واستغراب وتساؤل!!

 

البحث عن شرعية

 

دبلوماسي وخبير في القانون الدولي تساءل في إفادته لـ”الصيحة”، عن الشرعية التي تم الاستناد عليها لاتخاذ قرار العقوبات، ويرى ذات الخبير ان الجهة الوحيدة المخولة بفرض عقوبات بموجب الميثاق هي مجلس الأمن. وأضاف في سياق تعليقه على عقوبات وزارة الخزانة على شرطة الاحتياطي المركزي انه وبالتجربة والسوابق ثبت أن العقوبات غير فعّالة وهي تمس الشعوب أكثر من الأنظمة واستند في  ذلك على تجربة العقوبات ضد الإنقاذ، مؤكداً أنها أفادته أكثر،  لجهة أن الإنقاذ وظفت العقوبات  لمصلحتها. لكن الخبير نبّه الى أن العقوبات بالمجمل تُعد في النهاية سلاحاً سياسياً يخدم مصلحة الدولة التي تطبق العقوبات.

واعتبر مراقبون كذلك، فرض عقوبات من قبل دولة ضد أخرى في شأن داخلي يعد بمثابة تدخلا في الشأن الداخلي وقضايا السيادة الوطنية للدول.

 

الفشل

الفريق أول ركن محمد بشير سليمان أشار الى أنه من خلال المتابعة لمسار الدولة الأمريكية، خاصة بعد ظهور مفهوم النظام العالمي الجديد الذي تقوده أمريكا من أهدافه كالديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، يمكن  القول إن أمريكا ظلت تمارس إرهاب الدولة واقعاً، تقهر وتضغط به دول العالم خاصة الضعيفة، وأضاف: فاقدة لكل القيم الأخلاقية، وممثلة الدولة البوليسية القاهرة، وقال إن السودان ظل هدفاً ثابتاً في السياسة الأمريكية الظالمة استهدافاً ليس للسلطة الحاكمة وكفى، ولكن للتأثير على الشعب السوداني كله في كافة شؤون حياته!!!

ووصف سليمان في سياق تعليقه على العقوبات الأمريكية على شرطة الاحتياطي أن أمريكا دولة بوليسية ظالمة، وزاد (والا اذا كانت غير ذلك لاستحيت بدءاً وهي تتغافل عن القمع والقتل الذي تمارسه شرطتها ضد الجنس الأفريقي الأسود ووفق منطلق عنصري لا يشبه العالم المتحضر)!!!

وقال إن أمريكا تعلم فشل استراتيجيتها الإرهابية القائمة على التهديد بالعقوبات، والتي لم تحدث أثراً تجاه كل الدول ومُؤسّساتها النظامية وغيرها التي ظلت تستهدفها، ولكنه اعتبره تطاول الطغيان المهزوم، وأكد الفريق محمد سليمان أن فرض عقوبات على قوات الاحتياطي المركزي السودانية لن يحقق هدفاً، ولن يؤتى بنتائج تُذكر بحسب ما روّج الاعلام من خلال الحرب النفسية، وبرّر عدم التأثير بأنّ قوات الاحتياطي المركزي السودانية لم تكن لها اتفاقيات تسليح أو تدريب أو إسناد تقني او علاقات تجارية او غيرها مع أمريكا ، لتستطيع من خلالها تحقيق ما تدعيه من عقوبات، كما أن العالم لم يعد مرتبطاً بأمريكا وحدها حتى تفعل ما تشاء، بل إنه بات من أسهل الأشياء لأية دولة ان تكسر عصا بند العقوبات الأمريكية وتفشله، بحصولها على ذات المعدات والأجهزة الأمريكية التي تنتجها أمريكا ذاتها، من دول أخرى، حيث إن العالم تديره الآن المصالح وهذا ما تفعله المؤسسات الأمريكية ذاتها ومع ذات الدول التي تعاقبها أمريكا إرهاباً، فضلاً عن ان قوات الاحتياطي المركزي السودانية لها من العلاقات المميزة مع كثير من الدول التي تتبادل معها ما كانت تؤمن منها كافة احتياجاتها.

 

تحذير

واشنطن مهّدت الطريق لفرض عقوبات على أشخاص ومؤسسات من خلال قوانين اتخذها الكونغرس قبل فترة تحدثت صراحة عن تعويق المسار الديمقراطي والانتقال.

ويضيف السفير والدكتور علي يوسف في إفادته لـ”الصيحة” بأن واشنطن من المؤكد تعتمد على تقارير بعثتها الدبلوماسية والمنظمات في المعلومات الخاصة بالانتهاكات في حق المتظاهرين السلميين التي تؤدي الى مثل هذه العقوبات، لجهة أن استخدام العنف ضدهم من قبل الشرطة أو غيرها من الأجهزة الأمنية يرتبط بحقوق الإنسان والتظاهر السلمي وحق التغبير، ورأي يوسف في حديثه لـ”الصيحة” أن عقوبات الشرطة ربما تكون بداية سلسلة ربما تطال أشخاصاً وهيئات وان استهداف الاحتياطي ربما هو تحذير ومقدمة لعقوبات أخرى!!!

ضغوط

السفير يوسف أشار الى انه لا توجد حسابات أو مُمتلكات لشرطة الاحتياطي بأمريكا، لكنها قد تُحرم إذا ما توفرت منح تدريب عبر العلاقات الثنائية خاصة رفع القدرات.

وأشار السفير إلى أن واشنطن تهدف من وراء التحذير ممارسة ضغوط  على الدول ذات الأوضاع الخاصة كالسودان، وناشد السفير علي يوسف، الأجهزة الأمنية السودانية التي تتصدى للمظاهرات بالكف عن العُنف، وأن تتذكّر بأن المتظاهرين هم أبناء الشعب ولهم موقفٌ يجب احترامه، وأن لا تمارس عنفا زائدا يؤدي إلى قتل الأبرياء، بالمقابل يجب على المتظاهرين التزام السلمية حتى لا يكونوا عُرضةً لمواجهات يكونوا ضحيتها جرّاء إطلاق الرصاص عليهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى