إبراهيم سوناتا يكتب : تحليل لأغنية وادي أزوم للفنان عمر إحساس

 

(1)

أزوم هو ذلك الوادي الذي يرتمي على رقعات شاسعة  من أراضي إقليم دارفور الكبير وهو وادٍ ملئ بالمياه والرمال والخضرة والجمال في معظم أيام السنة ،  ويبدأ جريان هذا الوادي  المهم دائماً مع بداية فصل الخريف  وحتى حلول الشتاء ،  والنص هو عبارة عن جزئية مقدرة من قصيدة وادي أزوم الكاملة من تأليف الشاعر الجميل عالم عباس محمد نور.

هذه القصيدة فازت بالدرجة الأولى في منافسات الشعراء الشباب في مطلع السبعينات، أما التأليف الموسيقي والأداء والتوزيع فقد كان من نصيب الفنان الجميل المترع فنا عمر إحساس .  استخدم المؤلف في استهلالية العمل والذي جاء في سلم  (دو ميجر) الكبير وهو من السلالم القوية الراسخة.

(2)

استخدم المؤلف عمر إحساس إيقاعاً ماهلاً في السرعة ( Adagio  ) في وزن واحدة ونص، واستهلت الأوركسترا كلها الدخول في الميلودي الذي انساب رائعاً كانسياب مياه وادي أزوم في بداية عمر جريانه  وانسيابه في بداية الخريف ، وكانت هنالك آلتان تزينان الميلودي الجميل بزخارف لحنية جميلة وهما آلة الآلتو ساكس وآلة البيانو.

دخل المغني مغنياً في نهاية الميلودي في نغمة هادئة تنم عن التعبير عن روعة وجمال ذلك الوادي وكان لعبارات ( يا شاطئا رسا عليه موكب الغيوم )  وقع عظيم على الروح والإحساس . ثم في عبارات تسح ما تسح من دموعها الثقال استخدم المؤلف رتماً مغايراً متقطعاً على وقع إيقاع الكلمات،  وعلى هذا الرتم المغاير استطاع أن يعبر بسلاسة فائقة ليغني عبارات ( على الحراز والهشاب والخروب والسيال).

(3)

وهذه كلها أنواع من الأشجار التي تغطي المكان في الوادي الفسيح النضير، ويستمر اللحن في سلاسة مع  استخدام بعض الزخارف اللحنية المصاحبة ليعبر الى جملة موسيقية جديدة صغيرة في نفس الإيقاع الثاني وهو التم تم والذي اختلط  ( بالڤالس ) ( Val’s ) في احدى مراحل اللحن, حين وصل اللحن الى الكلمات ( طرزت أطرافه رقائق النسيم  ) استخدم المؤلف خلالها لازمة موسيقية في متتالية لحنية جزلى ورائعة  ليصل باللحن الى لازمات أخرى متتالية مع عبارة ( وحومت فراشة  تعانق المساء ) في خيال جميل يجعلك ترى تحويم تلك الفراشة الجميلة عبر النغمات ، ثم يتحرك اللحن نحو القمة اللحنية الأولى ليختم بعبارات هناك حيث يرتمي أزوم في مد جميل مع استخدام بعض السكتات الموسيقية القصيرة  لتعبر عن طول ذلك الارتماء والامتداد  للوادي  الطويل  ، لينتقل اللحن إلى اتجاه جديد متحرك في  نشاط واضح و في إيقاع سريع جزل وفرح هو إيقاع الرمبا ( Rumba ) وتستهله الاوركسترا بكانتا ( Canta ) قصيرة يدخل بعدها المغني في أداء الكلمات لهذه الجزئية الجميلة.

(4)

قبل ختام الأغنية وقد جاء بها المؤلف بذكاء ليعبر عن فرحته الكبيرة بعظمة هذا الوادي العتيق المعتق في روعة وجمال، وقصد المؤلف هنا أن يجئ التعبير راقصاً ما أمكن ذلك مع استمرار الأداء لتلك الجملة اللحنية المتواصلة دون توقف ممتزجة مع الكمات التي تصف وتمجد ذلك الوادي  . وأيضاً، نرى أن الكورس المصاحب لم يشترك طيلة مراحل اللحن إلا في هذه الجزئية والتي أراد فيها المؤلف أن يكون صوت الكورس النسائي هو زيادة لزخم الفرحة الكبيرة بكل ذلك الألق والجمال وبذلك اشتركت الاوركسترا والمغني والكورس  في حوار غنائي أوركسترالي ممتع جداً.

(5)

ثم في خضم كل هذا الزخم يختم المغني العمل فجأةً بإشارة للأوركسترا بالوقوف الإيقاعي والمد اللحني في صوت ( التونك  )  ( Tonick) وهو صوت الأساس ( دو ) ،  في عبارات .. ماذا ترى أقول يا أزوم  .. ثم استخدام القفلة الموسيقية والتي جاءت منغمة بمتتالية لحنية رائعة رباعية الأبعاد ثم الختام بصوت الأساس نلاحظ أن المؤلف الفنان عمر إحساس قد تصرف في هذا اللحن بعبقرية وخيال الفنان الذي يهتم بتلحين تفاصيل الكلمات والجمل والعبارات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى