شاكر رابح يكتب :قِدرة فول

16مارس2022م 

بلغت الضائقة المعيشية في السودان مبلغاً عظيماً، حيث تفاقمت الأزمات واحده تلو الأخرى، على سبيل المثال زيادة أسعار الكهرباء بالرغم من عدم توفرها، فضلاً عن تذبذبها وانقطاعها بشكل عشوائي أو برمجة معلنة وأيضاً زياده أسعار الوقود ودقيق القمح والذي بدوره خلق ازمة جديدة في أسعار الخبز، حيث ارتفع سعر القطعة الواحدة لـ50 جنيهاً ولا نغفل عن التضخم الجامح وارتفاع قياسي في أسعار السلع بشكل جنوني لا يتناسب مع دخل المواطنين، ونجد أن تفاقم الأزمة الاقتصادية ساهم في تكريس الانفلات الأمني وتعزيز الانقسامات السياسية بين القوى السياسية، فقد أثّرت بشكل كبير في اضمحلال شعبية الحكومة الانتقالية وتناقصت وتقزّمت المُظاهرات المُؤيِّدة لقوى إعلان الحرية والتغيير المُطالبة بعودة النظام الى ما قبل  قرارات 25 أكتوبر، وفي ظل هذا الوضع انطلقت بأحياء الخرطوم مشروع “قِدرة فـول” كواحدة من المبادرات الشبابية لمبادرة كلنا عطـاء لتخفيف العبء المعيشي للمواطن في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة والتي تواجهها البلاد وألقت بمزيد من المعاناة على المواطن المغلوب على أمره، وجاءت المبادرة من عُمق المُجتمع من باب التكافل والتراحم بين المواطنين. بالرغم من محدودية نطاقها الجغرافي، إلا أنها تؤكد أنّ القيم السُّودانية السّمحة لم تندثر.

أعتقد أن قرارات رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان قادت إلى مزيدٍ من التدهور في الأوضاع الاقتصادية، حيث قفز سعر صرف الجنيه السوداني مُقابل الدولار الأمريكي إلى 590 جنيهاً مُقابل الدولار، كذلك قد ورد في المؤتمر الصحفي للجنة الاقتصادية أمس الأول، أن أعضاءً بارزين في حكومة «حمدوك» المحلولة طالبوا البنك الدولي بتعليق مُساعداته للسودان، وعطّلوا منحاً من دولتي الإمارات والسعودية بقيمة 2.5 مليار دولار وتسبّبوا في الضائقة المعيشية الصّعبة لاعتماد الحكومة على المنح والمعونات الخارجية، واحدٌ من أهم تداعيات الأزمة الاقتصادية هو الصراع بين المكونيْن العسكري والمدني.

وحسب ملاحظاتي، فإن الوضع محتقنٌ للغاية نسبة للضائقة الاقتصادية التي تسببت في الانفلات الأمني وتوسّعت رقعة الجريمة والعنف، في الوقت نفسه هناك حديثٌ عن عودة رئيس الوزراء السابق المستقيل حمدوك، وفي تقديري من شأنه أن يؤدي لمزيد من انفجار الأوضاع وحدوث فوضى عارمة مصحوبة بعنف أهلي وقبلي لن يستطيع أحدٌ مُعالجته أو إيقافه، لذلك مطلوبٌ من مجلس السيادة والقوى السياسية مجتمعةً إعادة النظر في مواقفهم السياسية الصفرية والعمل بشكل جدي على تشكيل حكومة كفاءات وطنية واستكمال مؤسسات الحكم الانتقالية بعيداً عن تدوير وعودة حكومة حمدوك التي أثبتت فشلها.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى