المسلسل مستمرٌ والحل غائب الهلال.. جمعية النظام الأساسي و(صراع الكراسي)

 

الخرطوم: ناصر بابكر   6مارس 2022م

هتافات غاضبة.. احتجاجات.. هرج ومرج.. اشتباكات بالأيدي وضرب بالكراسي

بتلك الطريقة انتهت الجمعية العمومية لنادي الهلال التي جرت أمس لإجازة النظام الأساسي وانتخاب اللجان العدلية دون أن تحقق مبتغاها ودون بلوغ الهدف الذي أقيمت من أجله بعد تحول (صالة برستيج) ببري إلى ساحة معركة حالت دون اكتمال الإجراءات.

تلك الأحداث الدامية وأعمال العنف التي صاحبت الجمعية لم تكن البداية .. لكن يمكن أن يطلق عليها مصطلح (النهاية) للجنة (التطبيع أو التسيير) التي تدير نادي الهلال ولمحاولاتها لإجازة النظام الأساسي وانتخاب اللجان العدلية المستمرة منذ أكثر من عام دون جدوى بصورة قادت أعضاء اللجنة للتفكير بصورة جادة في تقديم استقالات جماعية عطفاً على النقطة التي وصلتها الأوضاع بالنادي.. وإليكم أحداث ومشاهد الأمس الساخنة بحسب رصد (الصيحة)..

إعلان وطعون

أعلنت لجنة التطبيع الهلالية الشهر الماضي تحديد الخامس من مارس موعدا لعقد الجمعية العمومية لإجازة النظام الأساسي وانتخاب اللجان العدلية.. غير أن الخطوة قوبلت بطعون من قبل بعض التنظيمات والأفراد لدى مفوضية هيئات الشباب والرياضة الولائية (ولاية الخرطوم) اتهمت اللجنة بإجراء تعديلات على لجنة العضوية بصورة تشكك في استقلاليتها وحياديتها لتكون تلك الطعون بمثابة الترس الأول الذي وضع في سكة الجمعية واللغم الأول الذي تم زرعه في طريق لجنة التطبيع.

رفض وبيان

غير أن رياح المفوضية لم تأت كما يشتهي المعارضون للجنة التطبيع، إذ رفضت المفوضية الولائية الطعون وأعلنت قيام الجمعية في الزمان والمكان المحددين ليلتقط تنظيم (فجر الغد) الهلالي زمام المبادرة ويصدر بيانا ناريا فتح من خلاله النار على المفوض الولائي محمد صديق واتهمه بالتواطؤ والتآمر مع لجنة التطبيع التي طالها نصيب الأسد من الهجوم مع اتهام بالتخطيط لإقامة الجمعية بعضوية مزورة قوامها عمال المصانع التي يمتلكها بعض قيادات اللجنة عن طريق التزوير لهم للمشاركة بأسماء بعض أعضاء النادي .. وتوعد التنظيم بقطع الطريق على المخطط وتصعيد الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا وعدم السماح بقيام الجمعية.

مقاطعة ثم تحدٍ

قبل 24 ساعة من موعد الجمعية، راجت أنباءٌ عن مقاطعة تنظيم فجر الغد وبعض التنظيمات المعارضة للجنة التطبيع للجمعية للحيلولة دون اكتمال النصاب القانوني وهو ثلتي الأعضاء من مجموع (2059) عضواً تم نشرهم اسماءهم كعضوية مؤهلة لحضور الجمعية.. غير أن مصادر (الصيحة) اكدت أن المجموعات الرافضة لقيام الجمعية بمسارها الحالي عدلت عن رأي المقاطعة وقررت المشاركة وفق رؤية أن المقاطعة ستمهد الطريق أمام اللجنة والمفوضية الولائية لإقامة الجمعية بأي كيفية، فتم الاتفاق على المشاركة لقطع الطريق على أي تجاوزات من داخل مقر الجمعية.

الشرارة الأولى

في التاسعة صباحاً، وهو الموعد المحدد لبدء الإجراءات وفتح أبواب الدخول لصالة برستيج بالنسبة للأعضاء، كانت الأوضاع هادئة أمام صالة برستيج لكنه هدوء لم يدم طويلا، قبل أن يوقن الكل أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة بعد أن بدأ الأعضاء والجمهور في التوافد فكانت أن اشتعلت الشرارة الأولى باحتجاج بعض الأعضاء على إجراءات الدخول والاعتراض على عدم التدقيق في الكشف والأوراق الثبوتية للحضور والتشكيك في أن الموجودين هم بالفعل الأعضاء الذين يحق لهم المشاركة في الجمعية وهو ما اعتبره المحتجون مؤشراً لمساعي إكمال النصاب بأي كيفية كانت.

ارتباك واشتباك

مع استمرار الاحتجاجات والشد والجذب حول النصاب وإجراءات الدخول، بدأ المفوض حديثه بالإشارة لأن عدد الحضور بالقاعة يشير لأن النصاب مكتمل لكن الأوراق أمامه التي توضح العضوية المستوفية للشروط تشير لأن النصاب لم يكتمل، قبل أن يعود بعد لحظات ويعلن اكتمال النصاب، وهنا انفجرت الأوضاع وعلت الهتافات الثورية وهتافات التنديد بما يحدث وتم الهتاف ضد المفوض ولجنة التطبيع ليحدث هرج ومرج في القاعة وملاسنات حادة بين الحضور، سرعان ما تحولت إلى اشتباك بالأيدي وتبادل للقذف بالكراسي ليختلط الحابل بالنابل، وتضطر الشرطة إلى التدخل مع مجموعات الحراسة الخاصة برئيس لجنة تطبيع الهلال هشام السوباط لإخراج أعضاء اللجنة وحماية المفوض وأعضاء المفوضية وإخراجهم من الصالة في تأكيد على فشل الجمعية بشكل رسمي.

مسلسل مستمر

تقليب دفاتر التاريخ والعودة إلى الوراء لأشهر ماضية، يؤكد أن فشل لجنة التطبيع بالأمس في عقد الجمعية العمومية لإجازة النظام الأساسي وانتخاب اللجنة العدلية كخطوة لا بد منها لقيام انتخابات لانتخاب مجلس ادارة جديد، ما هي إلا حلقة جديدة من حلقات مسلسل ظل يعرض باستمرار على الشاشة الزرقاء.. إذ ظلت الطعون حاضرة باستمرار لقطع الطريق أمام إقامة الجمعية بصورة أدت لفشلها أكثر من مرة حتى تم قفل هذا الباب لأشهر إبان بدايات جائحة كورونا حينما أعلن اتحاد كرة القدم السوداني إبان حقبة د. كمال شداد عن تعليق قيام كل الجمعيات العمومية بسبب الجائحة وهي الأشهر التي شهدت هدوءا مؤقتا استمر لفترة ليست قصيرة لكن سرعان ما عاد مجتمع الهلال إلى المربع الأول فور منح الضوء الأخضر لقيام الجمعيات، حيث امتدت الطعون لتشمل طعنا في شرعية اللجنة نفسها على خلفية أن اتحاد كرة القدم لا يملك حق تعيين لجنة تطبيع لنادي الهلال وهو الطعن الذي قبلته المفوضية الولائية معلنة عدم شرعية اللجنة وهو ما فجر ازمة كبيرة كادت تعصف بالنادي لولا قيام الوزيرة الولائية المكلفة حنان الحاج حاكم بنزع فتيل الأزمة بإعلان تعيين لجنة تسيير لنادي الهلال تتكون من نفس أعضاء لجنة التطبيع التي كان عينها الاتحاد السوداني لكرة القدم وذلك بعد ان كانت اللجنة عقدت اجتماعاً مع الوزيرة.

صراع العضوية

المراقب لصراع جمعية الهلال العمومية، يلحظ أن نقطة الصراع الأساسية بين لجنة التطبيع وبعض التنظيمات المعارضة تتعلّق بملف العضوية سواء اللجنة المشرفة أو كشوفات العضوية في ظل تقاطعات المصالح ورغبة كل تنظيم في السيطرة على العضوية وامتلاك النصيب الأكبر منها بالقدر الذي يكفل له امتلاك الكفة الأرجح عند قيام الجمعية الانتخابية بالإضافة إلى الرغبة في امتلاك الأغلبية في جمعية النظام الأساسي وانتخاب اللجان للتحكم في مواد النظام واختيار من يميل ناحية التنظيم في اللجان العدلية وهو الصراع الذي ظل سبباً في قطع الطريق أمام خطوة قيام جمعية إجازة النظام الأساسي على مدار أكثر من عام.

الاستقالة والحل

مصادر “الصيحة” وعقب تفجر الأحداث بالأمس، كشفت عن وصول الكثير من أعضاء التطبيع لقناعة بضرورة تقديم الاستقالة في ظل عدم القدرة على إنجاز ملف إجازة النظام الأساسي وانتخاب اللجان العدلية ووضع العراقيل المستمر أمام الخطوة، إلى جانب الهتافات الثورية التي تمت ضد اللجنة دون إغفال النتائج الأخيرة لفريق الكرة في دوري الأبطال والدوري الممتاز والتي أدت لتنامي الأصوات الغاضبة ضد اللجنة.. غير أن وضع الأحداث تحت طاولة التشريح يشير لأن استقالة اللجنة لن تكون حلاً مثالياً للخلافات الحالية لأن المشكلة نفسها ستستمر وستواجه أي لجنة قادمة في ظل كثرة التقاطعات والتنظيمات الساعية للسيطرة على الهلال، ما يشي بصعوبة الوصول إلى توافق يفضي بقيام جمعية النظام الأساسي وانتخاب اللجنة ومن ثم الجمعية الانتخابية ليكون النادي في انتظار تدخل العقلاء والحكماء لاحتواء الموقف وصناعة توافق بين كافة التيارات، ومن ثَمّ الاتفاق على خارطة طريق تقود إلى الجمعية.

********

 

خيار الاستقالة

لجنة تطبيع الهلال وعلى خلفية ما حدث، عقدت اجتماعا طارئا بكامل عضويتها بمكتب رئيس النادي هشام السوباط ناقشت فيه ما حدث بالجمعية اعقبته بمؤتمر صحفي حملت خلاله المفوض الولائي واللجنة المشرفة على الجمعية المسئولية كاملة لما حدث إلى جانب اتهام بعض أعضاء الجمعية بتدبير الأحداث التي صاحبتها..

واكدت اللجنة إنها اولت ملف الجمعية اهتماما منقطع النظير وكانت تخطط لأن تكون خير ختام لعمل اللجنة وعقدت في سبيل ذلك “41 اجتماعا” وصرفت في هذا الملف “15 مليون جنيه” “15 مليار” واشركت كل التنظيمات بلا استثناء في المسودة .. ثم تابعت أمر الطعون الستة التي قدمت والتي رفضتها المفوضية وشطبتها المحكمة الادارية.

واكدت اللجنة إن الاجتماع الطارئ وضع الإستقالة كخيار أول لكنهم قرروا ارجاءها بالنظر للاستحقاقات الأفريقية والمحلية التي تواجه الهلال هذه الأيام والتي لا تحتمل حدوث فراغ اداري واكدت إنها ستتقدم بشكوى ضد المفوض ولجنته لوزيرة الشباب والرياضة الولائية ووالي الخرطوم من خلال الاجتماع بهم في الساعات القادمة .. واكدت اللجنة إنها ستواصل اجتماعاتها لتقييم الموقف اليوم وغدا مع ابقاء الإستقالة كخيار مطروح .. واشارت اللجنة إن ما حدث يستوجب تدخل الوالي لأنه مهدد امني في ظرف لا تحتمل فيه أوضاع البلاد أي مهددات جديدة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى