سراج الدين مصطفى يكتب :نقر الأصابع..

25فبراير2022م 

عبد الرحمن الريح.. مكتشف المواهب العظيمة!!

(1)

يعتبر الشاعر عبد الرحمن الريح صاحب الفضل الأول في تقديم الفنان إبراهيم عوض للجمهور وترسيخ أقدامه على قمة الفن السوداني بمجموعة جديدة من الأغنيات في لحنها وكلماتها . وتدفق شلال الغناء الجميل وكانت تجربة إبراهيم عوض مع الشاعر الطاهر إبراهيم وهو أيضاً من حي العرب وهي مرحلة النضج الفني لإبراهيم عوض.

(2)

في تلك الفترة ظهرت أغنيات حبيبي جنني وعزيز دنياي وأبيت الناس وفارقيه دربي ويا خائن والذكرى الجميلة وغيرها من الأغنيات الخالدة ويعتبر الطاهر إبراهيم صاحب الإسهام الأكبر في تجربة إبراهيم عوض الفنية بأشعاره وألحانه . وتعاون إبراهيم عوض بعد ذلك مع كوكبة من الشعراء منهم إبراهيم الرشيد وسيف الدين الدسوقي والنعمان علي الله ومصطفى عبد الرحمن.

(3)

بدأ عبد الرحمن الريح بأغان ذات نمط جديد (أنا سهران يا ليل ، خداري، جاني طيفه طايف) ، بعد ان تحرى المواضيع البسيطة المباشرة والأحداث المختلفة منقولة إلى الناس والمشاعر المألوفة والمترجمة بنبرة الحقيبة وبالتالي القريبة من الحياة العادية بما يكفي لتجد صدىً عند الجمهور الأقل تجاوباً مع التحولات الفنية.

(4)

تلك الأغنيات اتخذت الصيغة البسيطة وأدخل فيها الغناء الجميل خلسةً كظاهرة باذخة مخصّصة للمتذوقين بل كتسلية ديمقراطية مبسطة، ولذا نجد ان كرومة عندما كان يغني في احد الحفلات طلبت منه الجماهير أن يغني ثلاث اغنيات وكانت جميعها من كلمات وألحان عبد الرحمن الريح فغناها لأن رغبة الجماهير هي الغالبة وقد تقبلتها بفرحة وسعادة الأغاني هي التي بدأ بها مشواره الفني (خداري ، انا سهران يا ليل).. فالفن الجيد يصل بسرعة إلى القلوب.

(5)

وهذا إن دل على شئ إنما يدل على أن شاعرنا الكبير بدأ بداية طيبة قوية استطاع من خلالها أن يزرع رنة جديدة للجمال في جسد الأغنية السودانية، فصال وجال مُغامراً من أجل الجملة اللحنية والشكل اللحني والكلمة الهادفة وحافظ على روح الغناء السوداني وإيقاعاته مع لمس الحس الشعبي.

(6)

في عام  1946م تعرف على المطرب الناشئ التاج مصطفى ، ويقول التاج مصطفى عن هذا اللقاء كنت محظوظاً بالطبع لأن عبد الرحمن الريح شاعر كبير واغانيه تسيطر على الساحة لنجاحه الساحق ، وكان يرعاني بكل الطرق وينصحني ويعطيني تجربته في الحياة وفي الفن ببساطته المعهودة وقدمت معه (راحة الضمير، حيران في الحب، انت السمير قلبي بيرتاح ليك، الملهمة انا رضيت ضميري ، انا المعذب، إنصاف) كانت الملهمة نقطة تحفة فنية ونقطة تحول في تاريخ الغناء السوداني ومرحلة جديدة تعكس حياة المُجتمع، والمجتمع الأم درماني يتطور باستمرار.

(7)

ومع الايام كان عبد الرحمن الريح بأغانيه يصنع مجداً لكل مطرب يتغنى بألحانه وعظمة صوت حسن عطية لم يصبح واقعاً يفرض نفسه على ساحة الطرب والغناء السوداني إلا بأغنيات عبد الرحمن الريح (خداري ، لو انت نسيت، حرمان، ألوان الزهور، يا ماري عند الأصيل وأغنية لو نسيت) هذه الأغنية أخذت من وقت وعقل وقلب عبد الرحمن الكثير.

(8)

عبد الرحمن كان صرخة مدوية في اسلوب اللحن الحديث البسيط مما جعل حسن عطية يتلقفه ويحتكره ، لكن من وقت لآخر كان يفلت منه ويقدم انتاجه لمطربين آخرين ، وعند اضراب الفنانين في عام 1950م قدم رمضان حسن في اغنية (الزهور صاحية وانت نائم) وعلى ابراهيم (إشراقة البشاشة) وخالد محمد احمد (احبك والغرام قسمة) ونجحت هذه الاغاني بدرجة ممتاز واصبحت على كل لسان ، فما كان من المطربين إلا فك الإضراب والعودة الى الإذاعة دون قيد أو شرط.

(9)

أخذ عبد الرحمن الريح، على عاتقه مهمة اكتشاف المواهب الجديدة وتحمّل مسؤولية تقديمها ورعايتها فنياً حتى تحقق كل موهبة غنائية متميزة المكانة الفنية التي تستحقها فقدم عمر احمد للجمهور ووضعه على اول الطريق بأعمال جيدة ذات قيمة وفيما بعد رفعه الى قمة المجد وهو دون السادسة عشر من عمره بألحان تتميز بالحس الدافئ الحزين (كان بدري عليك ، ليلة التلاقي ، الطاؤوس) وغيرها.

(10)

كان له ايضاً الفضل في اكتشاف ابراهيم عوض ولفت الأنظار اليه بعد ان ادرك ان ابراهيم هو الصوت الذي يحلم به ويبحث عنه فقدم له مجموعة من الأغاني دفعة واحدة انتقل بعدها ابراهيم نقلة فنية جديدة يمكن ان نسميها قفزة خرجت بابراهيم عوض الى الاضواء والشهرة وفتحت له قلوب الناس (يا غايب عن عيني ، ليالي لقانا ، بسمة الأيام) وبسمة الأيام هي أغنية ذات لحن غني بالنغم الساحر المثير لانبل العواطف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى