في محاكمة مدبري انقلاب 89م: غياب البشير للمرة الثالثة على التوالي عن الجلسة للاستشفاء

 

 

تقديم لقاءات جماهيرية وتلفزيونية كمستندات اتهام ضد (الحاج والسنوسي)

الخرطوم: محمد موسى     23فبراير2022م 

واصلت محكمة مدبري انقلاب (89م) جلستها يوم امس والمنعقدة بقاعة تدريب

ضباط الشرطة بمقر الأدلة الجنائية بالخرطوم ، حيث رصدت (الصيحة) غياب

المتهم الثالث الرئيس المعزول عمر البشير، عن جلسات المحكمة للمرة

الثالثة على التوالي لاستشفائه ، الى جانب غياب متهمين آخرين .

في ذات السياق، دفع المتحري عقيد شرطة جمال الدين محمد الخليفة ، بثلاثة

مستندات للاتهام قبلت المحكمة اثنين منهما شكلاً ، بينما أرجأت قبول

المستند الثالث لحين عرضه في حضور المتهم احمد عبد الرحمن ، امامها بعد

شفائه ، حيث تقدم المتحري  بمستندات الاتهام عبارة عن (فلاشات) تحتوي

لقاءات تلفزيونية وجماهيرية لمتهمين هما الأمين العام لحزب المؤتمر

الشعبى د. علي الحاج، ونائبه ابراهيم السنوسي.

ورصدت (الصحيفة) كذلك خلال جلسة الأمس بانه وفي اثناء انعقاد الجلسة وعقب

تقديم المتحري مستند اتهام عبارة عن فيديو يظهر فيه المتهم (السنوسي) في

لقاء تلفزيوني، حاول المحامي كمال عمر عبد السلام ، مقاطعة المحكمة

باعتراضه على المستند اتهام (5) المقدم  – الا أن رئيس هيئة المحكمة

أوقفه فوراً وخاطبه قائلاً له: (أرجو أن يسود الاحترام للمحكمة اثناء

اجراءات المحاكمة وذلك تطبيقاً للقانون).

 

جدال لساعات المحكمة

من جهتها، اعلنت المحكمة رفع جلستها للاسبوع المقبل وذلك بناءً على اتفاق

وقرار لها مسبق بان لا تتعدى موعد انعقاد جلستها ساعتين من الزمان ،

ونبهت الى ان قرارها بني على اسباب مقبولة ومعقولة – الا انها اكدت بانه

لا مانع لديها  من التراجع عن قرارها حول زمن انعقاد الجلسة بعد التشاور

مع هيئتي الاتهام والدفاع.

 

 حسنين وفتح البلاغ

وابتدر المتحري اقواله للمحكمة  ، وازاح الستار لها عن حصول لجنة التحقيق

على مستند اتهام (4) عبارة عن فلاش يحتوي على لقاء جماهيري أقامه المتهم

الرابع الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي د. علي الحاج، بعد سقوط الحكومة

البائدة تحدث فيه عن دوره في انقلاب ٨٩م، حيث أفاد المتهم الرابع د. علي الحاج في اللقاء الذي عرض على شاشة بروجكتر امام المحكمة بأن مذكرة

الانقلاب رفعت من قبل العسكريين الإسلاميين، مشدداً على أن الانقلاب لم

يأت من فراغ ونفذ عن طريق سياسيين وعسكريين، وسخر الحاج، خلال اللقاء

الجماهيري من المرحوم المحامي علي محمود حسنين، الذي كان من ضمن الشاكين في

فتح هذه الدعوى الجنائية ضده وآخرين من المتهمين، وذلك لحفظ التاريخ ،

وعزا ذلك الى أن (حسنين) كان أخا (مسلما) وزامله في جامعة الخرطوم في

العام ١٩٥٩م وكان رئيس اتحاد الطلاب بالجامعة، منبهاً الى انه  لا يمكن أن

يكون غير (إسلامي) هو رئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في ذلك الوقت ،

مبيناً بانه كان وزيراً في حكومة الراحل رئيس مجلس الوزراء الأسبق الصادق

المهدي، ولم ينقلبوا ضده – وإنما كانوا معارضين معه ،مشيراً الى انه جلس

مع المهدي وطالبه بضرورة الوقوف والتكاتف ضد الانقلاب العسكري – الا انه

اتضح له ان المهدي قد تردد في ذلك – الا انهم اكتشفوا لاحقاً تعرضه

لضغوطات، موضحاً بأن هناك جهة رفعت مذكرة طالبت المهدي  باستبعاد الجبهة

القومية الشعبية من الحكومة ، وختم الحاج، اقواله في اللقاء الجماهيري

بأنهم من ناحية سياسية لم ينقلبوا ضد المهدي وإنما قاموا بانقلاب على

الجيش وردد قائلاً: عملنا (كونتر) على الجيش.

 لجنة تحقيق سياسية

في ذات الوقت، طالب المحامي كمال عمر ممثل الدفاع عن المتهم الرابع

(الحاج) ، من المحكمة استبعاد المستند واعتبر بأنه لا يخدم اي قضية  بحد

تعبيره، الى جانب انه لا ينطبق عليه وصف البينة وهو مستند عادي، مشدداً

على أنهم يطعنون في المستند لان الاتهام استجلبه مؤخرا بعد السير في

اجراءات القضية ولم يوضح الاتهام الطريقة التي استجلب بها او طريقة

تسجيله ، اضافة الى ان الاتهام لم يوضح تاريخ المستند او مكانه، لا سيما

وان المتهم الرابع (الحاج) قد امتنع عن الادلاء بأقواله في يومية التحري

ووصفها بلجنة سياسية و قد صدق في وصفه القانوني بحد تعبيره.

 لم يُحال مؤخراً

في المقابل، شدد ممثل الاتهام رئيس النيابة العامة سيف اليزل سري ، على قبول

المحكمة مستند اتهام (4) وتمسك بذلك  واعتبره يخدم قضيتهم ومنتج فيها

بحسب نص المادة (6) من قانون الإثبات ، منوهاً الى ان لجنة التحقيق تحصلت

عليه وفق ما هو مكفول لها بموجب القانون، موضحاً بأن المستند حصلت عليه

اللجنة اثناء التحري وليس كما أفاد ممثل الدفاع بأن لجنة التحقيق حصلت

عليه مؤخراً بعد احالة ملف القضية للمحكمة، مشدداً على أنه مستند عادي

بحسب نصوص المادتين (36/41) من قانون الإثبات السوداني لسنة 1994م.

من جهتها، حسمت المحكمة الجدال القانوني بين الدفاع والاتهام حول مستند

اتهام (4) وقررت قبوله، وأشارت إلى أنه لا يوجد ما يمنع عدم قبوله لديها

والتأشير عليه كمستند في الدعوى ، ونبهت الى أنها سترجئ وزنه لمرحلة

البينات لاحقاً.

 

 

حديث ومبررات الانقلاب

وواصل المتحري كشف المزيد والمثير في جلسة الامس ، حيث  افادها  بحصول

لجنة التحقيق على مستند اتهام (5) عبارة عن (فلاش) يحتوي على حديث للمتهم

الثالث عشر نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي ابراهيم السنوسي، في

برنامج (الكشاف) ومقدمه الصحفي ضياء الدين بلال، عن المبررات التي دعتهم

للقيام بالانقلاب، واشار فيه الى إسناد مسؤولية التخطيط والتنفيذ فيه

للعسكريين والمدنيين، حيث أفاد المتهم (السنوسي) خلال حديثه في برنامج

الكشاف ، عن تخطيط ونية حزب الامة لانقلاب  ،موضحاً بأن وزير الدفاع

الاسبق في عهد الراحل (المهدي) مبارك رحمة ، ووزير الدولة بالدفاع وقتها

فضل الله برمة ناصر ،ورئيس هيئة الاركان آنذاك مهدي بابو ، وصلاح

عبد السلام كان مسؤولا من ضباط المعاش ،منبها الى ان وزير الدفاع آنذاك

(رحمة) ووقت اعتقاله معه بالسجن اكد له بأن انقلابهم جاهز وسيطيحون

بالإسلاميين والاتحاديين من السلطة ، مبيناً بأن الإسلاميين كانوا مخترقين

من حزبي (الأمة والبعث) ، موضحاً بأن البعثيين كانوا يخططون لتنفيذ انقلاب –

الا انهم من خلال اختراقهم لهم علموا بذلك وقاموا باعتقال (4) قيادات من

كل حزب عدا حزب البعثيين وذلك بغرض التمويه وذلك حتى لا يعلم البعثيون

بأنهم يخططون لتنفيذ انقلاب ، واضاف بقوله: (ووقعوا في الفخ)، واوضح

السنوسي في لقائه بانه تم اقصاء الراحل حسن الترابي من البرلمان  ، كما

اوضح في اللقاء ان احد اسباب قيامهم بالانقلاب هو دخول الحركة الشعبية

الجنوبية لمناطق في شمال السودان – موضحاً بان قواتهم بقيادة الشهيد

(الكلس) سيطرت على المواقع التي احتلتها الحركة الشعبية بكردفان ، وكشف

السنوسي خلال اللقاء بان انقلاب الانقاذ جاء بسياسة لا للخضوع للامريكان

– لا سيما وان (السي اي ايه) واوروبا جميعها كانت ضد الإسلام ، لذلك كان

لزاماً عليهم ان يقوموا بسياسة مستقلة ، مؤكداً بأنه لم (يخف) وقتها بل يفخر

بذلك ، مشدداً على ان السياسة التي جاءوا بها بان الكون به الله سبحانه وتعالى فقط.

وفي خواتيم عرض مستند الاتهام (5) فيديو اللقاء التلفزيوني للمتهم

(السنوسي) ظهر فجأة داخل الفيديو المستند خلفية صوت لانشاد ديني اثناء

لقاء جماهيري يظهر فيه الرئيس المعزول يقول (الله اكبر يا معين إياك نعبد

ونستعين ليكم تدربنا على نهجك دوماً سائرون نقهر اعداءنا الظالمين ليكم

تدربنا ) ، حينها تعالت اصوات دفاع المتهمين بقاعة المحاكمة – الا أن

المحكمة استخدمت (مطرقتها) عدة مرات لتنبيه المحامين بانهم بقاعة محاكمة

وعليهم الانضباط أثناء إجراءات المحاكمة.

 

ظهور اشخاص في اللقاء

في المقابل، سجل المحامي خالد ابراهيم، ممثل دفاع المتهم الثالث عشر

(السنوسي)، اعتراضه على المستند لظهور أكثر من شخص تجاوزوا العشرة

بحد تعبيره، منوها الى انه ووفقاً  لنص المادة (43) من قانون الإثبات

السوداني بانه مستند عادي ومنسوخ وليس اصليا ، اضافة الى انه مستند منسوخ

وليس اصليا ولم يحدد المصدر الذي نسخ منه الفلاش او تاريخ الخطاب  الموجه

للقناة المعروض شعارها في مستند العرض او الطريقة التي حصلت عليها اللجنة

على الفلاش، إضافة إلى أن المستند غير محدد فيه تاريخ نسخ الفلاش والشخص

الذي قام بذلك، ولم يحدد مكان تسجيل الفلاش المستند وتاريخه، بجانب عدم

تقديم خلاصة مكتوبة عن افادات المتهم الرابع عشر (السنوسي) وذلك بحسب

المادة (41) من قانون الاجراءات الجنائية ، اضافة الى ان   الفلاش لم يتم

نسخه بواسطة موظف عام مختص وغير موقع عليه رقمياً، مبينا بان المستند

المقدم لا يتعلق بحق  شخصي وغير معد سلفاً لاثبات – بل ان محتواه عبارة عن

حوار لعدة أشخاص لافادة تاريخية وتحليل لعموم الفائدة في انقلاب ٨٩ م –

وليس إفادة للمتهم شخصياً او عن دوره في الانقلاب ، كما ان المستند به

مونتاج اخراجي لمتحدثين عن تحليلهم السياسي ولا علاقة له بوقائع الدعوى

ومخالفة الضوابط الشكلية وتحقيق العدالة التمس استبعاده شكلا ورده من

محضر القضية وذلك اعمالاً لنص القانون .

 لا تجزئة لمستند الاتهام

في ذات الاطار، تمسك ممثل الاتهام عن الحق العام وكيل النيابة سيف اليزل

سري، بمستند الاتهام في مواجهة المتهم الثالث عشر (ابراهيم السنوسي)

والتمس من المحكمة قبوله والتأشير عليه – مبرراً ذلك الى ان المستند عادي

وفقاً لقانوني الاثبات والاجراءات الجنائية والذي يتيح  للجنة الحصول على

اي مستند بالطريقة التي تراها طالما انه منتج في الدعوى حسب زعمه، منوهاً

الى ان المتهم (السنوسي) كان يتحدث في جزئية الانقلاب ضمن آخرين في

البرنامج التلفزيوني الوارد في  المستند ولا بد من عرضهم جميعا ولا تستطيع

النيابة تجزئة المستند ، واردف بقوله : ان كل الاعتراضات على المستند من

قبل الدفاع يعتبر طعنا شكليا في وزن البينة، ملتمسا من المحكمة قبوله.

من جهتها، وافقت المحكمة على المستند وقبلته كمستند اتهام (5)  من حيث

الشكل مع ارجائه لمرحلة وزن البينة لاحقاً، طالما لم يطعن فيه بالتزوير

بحد قولها.

 

متهم ونادي الاعترافات

فيما  فجّر المتحري مفاجأة داوية للمحكمة وكشف لها عن حصول لجنة التحقيق

على مستند اتهام (6) عبارة عن (فلاش) آخر  يحتوي على لقاء اجري مع

المتهم السادس والعشرين احمد عبد الرحمن محمد،  في برنامج (نادي

الاعترافات) في قناة امدرمان لا يحمل تاريخا، اعترف فيه المتهم لساعة

وعشر دقائق عن دوره في انقلاب ٨٩م.

لا يعلم بتخطيط انقلاب

من جهته، نهض رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي عبدالباسط سبدرات ، من

مقعده بقاعة المحكمة ووجه صوت شكر الى النيابة العامة على عرضها فيديوهات

امام المحكمة عبارة عن حوارات ولقاءات للمتهمين ،مؤكدا للمحكمة بانه

سيحضر لهم مئات (الاشرطة) تخص لقاءات جماهيرية ومخاطبات قدمها المتهمين

خلال (30) عاما الماضية ، كما انه سيقدم مقاطع فيديو (لاي شارع ظلط أو

كوبري)  افتتحه اي من المتهمين في القضية ، وحول تقديم المتحري مستند

اتهام (6) والذي افاد فيه المحكمة بان المتهم (احمد عبدالرحمن ) اعترف

فيه عن دوره في الانقلاب وهنا اوضح سبدرات بأن المتهم استدعي في آخر أيام

التحري في القضية وعرض عليه ذات شريط الفيديو  وقال بانه لا يعلم عن

الانقلاب والتخطيط له – وانما عرف به في الليلة التي سبقته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى