المسالخ والمحاجر .. صادر الثروة الحيوانية.. تحديات تأهيل البنى التحتية

 

الخرطوم: جمعة عبد الله     20فبراير2022م 

 

أجمع خبراء اقتصاديون على أن إعادة تأهيل وتوسيع مسلخ نيالا خطوة في تطوير المحاجر بالبلاد، معتبرين الخطوة مهمة لزيادة قدرة البلاد على تصدير اللحوم عبر مطار نيالا، وقالوا إن هنالك عددا من المطلوبات توفرها لنهوض القطاع والمساهمة في النمو الاقتصادي، وطالبوا الدولة بإنشاء محاجر على الحدود مع الدول التي تمتلك ثروة حيوانية لحماية القطيع القومي والسيطرة على الأمراض العابرة للحدود، كما طالبوا بضرورة إصلاح قطاع الثروة الحيوانية بتذليل التحديات التي تواجه القطاع والاهتمام بصحة الحيوان ومعامل الثروة الحيوانية، إلى جانب تطوير المحاجر وفق المعايير العالمي.

 

تطوير وتأهيل

وأكد وزير الثروة الحيوانية الاتحادية، حافظ إبراهيم عبد النبي، اهتمام وزارته في تطوير وتأهيل البنى التحتية للمحاجر السودانية في مجال صادراتها بشقيها الحية والمذبوحة، جاء ذلك لدى لقائه والي ولاية جنوب دارفور وأعضاء حكومته وعددا من المسؤولين بالقطاع، واستعرض اللقاء شرحاً مفصلاً لاضطلاع الوزارة ووقوفها حول إعادة تأهيل وتوسعة محجر ومسلخ نيالا بحسب المواصفات والمقاييس المطلوبة وتحسين بيئة المراعي الطبيعية بالولاية، وقال حافظ إن وزارته أولت اهتماماً بالقطيع القومي بقيام وإنشاء المحاجر البيطرية وجلب المُستثمرين للاستفادة من القيمة المضافة للمنتج وخلق فرص عمل بمناطق الإنتاج لتشجيع صغار المنتجين، لافتاً إلى أن محجر نيالا سيرى النور قريبا باعتباره من المحاجر الأساسية الداعمة في مجال الاقتصاد الوطني، وأكد والي الولاية حامد محمد التجاني هنون أن المحاجر تعتبر الداعم الرأسمالي الأول في مجال الثروة الحيوانية، وان ولايته من الولايات الواعدة والغنية بثروة حيوانية وموارد متجددة وجاذبة للاستثمار من جميع دول الجوار، مُطالباً الجهات ذات الصلة بدراسة الأمر عاجلاً والبدء فيه.

 

خطوة مهمة

قال الباحث الاقتصادي د. الفاتح عثمان إن إنشاء المحاجر هي الخطوة الرئيسية قبل التصدير أو الذبح في المسالخ، معتبرا بأن محجر نيالا مركز رئيسي لصادر الماشية، موضحا أن خطوة توسيع المحجر والمسلخ تأتي في إطار زيادة قدرتهما على تصدير اللحوم عبر مطار نيالا أو حتى عن طريق سيارات مبردة الى مصر أو السعودية، وأكد أن الخطوة مهمة، وبرّر ذلك لأنها جاءت في توقيت يتزامن مع تركيز الحكومة السودانية على قطاع اللحوم للنهوض بالاقتصاد السوداني.

 

مواكبة وتجويد

وقال وزير الثروة الحيوانية والسمكية الأسبق د. علم الدين عبد الله أبشر، إن السودان يمتلك ثروة حيوانية مقدرة، وطالب بضرورة العمل على تطوير وتأهيل البنية التحتية لهذا القطاع الواعد الذي لا ينضب إذا تمت إدارته بصورة علمية ومنهجية وخُطط علمية مدروسة وواضحة، وقال في الوقت الراهن السودان لا يحتاج إلى محاجر إضافية، وأضاف: في السابق كنا نصدر ما يقارب الـ 6 ملايين رأس في العام والآن صادرنا لا يتجاوز1.5 مليون رأس بنفس عدد المحاجر، وتابع: السودان يحتاج إلى تأهيل وتطوير المحاجر الموجودة من أجل المواكبة وتجويد الأداء. واعتبر علم الدين أن إنشاء محاجر جديدة إهدارٌ للمال وتشتيت للجهود ولا تفيد كثيراً، وطالب بضرورة أن يكون قرار إنشاء المحاجر فنياً بحتاً كما يجب أن تكون المحاجر مملوكة للدولة وليست للقطاع الخاص، وقال إن كان لا بد من إنشاء محاجر، فإننا نحتاج إلى محاجر على الحدود مع الدول التي تمتلك ثروة حيوانية مثلاً في ولاية غرب دارفور منطقة فوربرنقا وغيرها على الحدود السودانية مع دول الجوار لحماية القطيع القومي والسيطرة على الأمراض العابرة للحدود.

بنى تحتية للصادر

ويشير علم الدين إلى أن السودان حالياً لا يحتاج إلى مسالخ إضافية للصادر، مؤكداً بأن المسالخ الموجودة بالإضافة إلى المسالخ المصدقة والتي تحت الإنشاء كافية، ولفت إلى ضرورة العمل لإكمال المسلخ الصيني الذي هو عبارة عن منحة من الحكومة الصينية منذ العهد البائد، مطالباً بضرورة أن يرى هذا المسلخ النور، وأن تؤول ملكيته للدولة ليكون مسلخاً لصغار المصدرين، وبرر ذلك لأن معظم المسالخ مملوكة للقطاع الخاص ومعظمها تعمل لحسابها، فإننا نحتاج مسالخ لمعظم مدن وولايات السودان، مشيراً إلى ضرورة العمل لإنشاء مسالخ حسب حجم المدن من أجل أن ينعم المواطن بلحوم صحية خالية من الأمراض.

 

قيمة مضافة

وعن الاستفادة من القيمة المضافة للذبيح  يرى د. علم الدين ان معظم جلود الأبقار تشحن إلى الجنينة وتصدر إلى دولة من دول غرب أفريقيا، وللاستفادة من القيمة المضافة لمخلفات الذبيح لا بد للدولة من إنشاء البنية التحتية لتشجيع مُنافسة الصناعات المحلية من عمل طرق زراعية وتوفير كهرباء بأسعار تساعد وتشجع الصناعات المحلية وتقليل الرسوم والضرائب.

 

خبرات

يقول أستاذ الاقتصاد بعدد من الجامعات السعودية د. محمد عيد كليس، إن الثروة الحيوانية السودانية تُساهم في الدخل القومي بنسبة 20% تقريباً، موضحاً أن قيمة صادرات الثروة الحيوانية تُقدّر بـ800 دولار خلال السنة، وأكد أنه في حالة زيادة اهتمام الدولة بقطاع الثروة الحيوانية وإضافة قيمة مضافة إلى مُنتجات الثروة الحيوانية من اللحوم والجلود والألبان والعظام وربطها بالتصنيع مع جودة التعبئة والتغليف، فإن القيمة الاقتصادية ستزيد لهذه المُنتجات وبالتالي المُساهمة بصورة أكبر في الدخل القومي، لافتاً إلى أن السودان يمتلك خبرات تراكمية كبيرة في تربية الماشية، كأغنى الدول الأفريقية والعربية امتلاكاً للثروة الحيوانية، مبيناً أن عدد الماشية في السودان يبلغ (110) ملايين رأس تقريباً رغم غياب الإحصائية الرسمية.

 

مساهمة ضئيلة

ويقول د. كليس، إنه رغم كبر قطاع الثروة الحيوانية إلا أن دوره دون المتوقع كمصدر للنقد الأجنبي ومساهم في النمو الاقتصادي، مضيفا أن الصادرات السنوية للقطاع لا تتعدى مليار دولار، معتبراً أنها مساهمة ضئيلة في الناتج المحلي الإجمالي GDP أي بـما يعادل 5% فقط، وطالب بضرورة إصلاح قطاع الثروة الحيوانية عبر تذليل التحديات التي تواجه القطاع بدءاً من الاهتمام بصحة الحيوان ومعامل الثروة الحيوانية، بجانب تطوير المحاجر وفق المعايير العالمية.

 

فرص

ويشير كليس إلى أن عدد المحاجر قليلة جداً مقارنة بحجم الثروة الحيوانية، معتبراً أن إعادة تأهيل المسالخ وتطوير المحاجر مهمة بالبلاد، ومكانياً يعتبر المحجر البيطري في نيالا مناسباً بسبب القرب من مناطق الإنتاج ولتوزيع فرص العمل للشباب في المناطق النائية خارج العاصمة، وقال إن هناك عددا من المطلوبات يجب توفيرها من جانب الدولة لينهض هذا القطاع وللمساهمة في النمو الاقتصادي، موضحا أن هذه المطلوبات تكمن في البنية التحتية متمثلة في تأهيل المحاجر وتطوير شبكة الطرق والسكك الحديدية لنقل المُنتجات إلى مناطق الإنتاج بموانئ التصدير، إلى جانب سياسات الاستثمار الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى