شاكر رابح يكتب: حجية الوثيقة الدستورية

19فبراير2022م

قال الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة في الحوار التلفزيوني الشهير «البناء الوطني» انه (لا يريد أن يحكم ولايريد الجيش ان يحكم مشيرا الي ان السودان منذ الاستقلال ظل يدور في حلقة حكم مفرغة بين المدنيين والجيش) واعترف البرهان بأن (الوثيقة الدستورية يشوبها قصور اساسي لأنها وقعت بين طرفين هما المجلس العسكري والحرية والتغيير وعزل بقية مكونات الشعب السودانى عن المشاركة فكان لابد من تصحيح المسار وهذا ما ادي لإحداث ما تم في ال25 من اكتوبر الماضي).

 

الوثيقة الدستورية وقعت في 5 يوليو 2019 بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير بوساطة اثيوبية وافريقية وتم تعديلها بعد اتفاق سلام جوبا الموقع في اكتوبر 2020 بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح واصبحت جزء لا يتجزأ منها، لاحقا اعلن القائد العام للقوات المسلحة تعليق العمل ببعض المواد بالوثيقة وهي الماده 11و12 و15 و16 و 24/3 و71و72 وتتعلق هذه المواد بتشكيل مجلس السيادة واختصاصات مجلس الوزراء وكيفية تكوين المجلس التشريعي اما المادة 71 تتحدث عن “حجية” الوثيقة الدستورية  في حالة تعارض بنود الاتفاق السياسي بين المكون العسكري والمدني تسود احكام الوثيقة الدستورية.

 

بعد كل هذه التعديلات و”الجراحات” التي اجرئت علي  الوثيقة الدستورية لم يعد لديها الأثر القانوني والحجية الدستورية ولم تعد تتبوء صدارة التراتيبية القانونية لعدة اسباب منها عدم وجود الاطراف وقعتها وهما المجلس العسكري الذي حل تلقائيا بعد اداء اعضاء مجلس السيادة القسم وفقا للمادة 73 وكذلك تجميد بعض المواد المذكورة عاليه وفقا لقرارات القائد العام التي تمت بموجبها الغاء وجود “كيان” يسمي قوى الحرية والتغيير قانونا كحاضنة سياسية لحكومة الفترة الانتقالية.

 

يظل هناك سؤال ملح هل تدابير و قرارات 25/اكتوبر انقلابا عسكريا ام تصحيح لمسار الثورة؟ علي القارئ الحصيف الإجابة علي هذا السؤال ، ولكن اعتقد جازما ان هذه القرارات عمقت الازمة وخاصة اقالة رئيس الوزراء وحل مجلسي السيادة والوزراء في ظل غياب مؤسسات مهمة كالمحكمة الدستورية والمجلس التشريعي المنوط بهما تفسيير دستورية او عدم دستورية القرارات السيادية وتعارضها مع الدستور ، والسودان دخل مرحلة نستطيع ان نسميها مرحلة “الديكتاتورية” السيادية وذلك بتجميع كافة السلطات بيد رئيس وأعضاء مجلس السيادة،

اعتقد ان اشتراطات البرهان التي وردت في الحوار التلفزيوني والتي تتحدث عن عودة الجيش إلى سكناته الا بعد توافق القوى السياسية باستثناء المؤتمر الوطني أو انتخاب حكومة جديدة، هذه الاشتراطات تؤكد بجلاء ان البرهان “علق” الوثيقة الدستورية شكليا وتمسك بها ضمنيا خوفا من المجتمع الدولي.

 

وفي ظل غياب الحوار و تعنت الاطراف وتمترث كل طرف في موقف محدد ، بهذا لا شك أن الازمة تتجه إلى مزيد من التعقيد، فإن الجمبع في مازق وتحدي بشأن التوافق الوطني بين القوى السياسية ومن ثم تشكيل الحكومة ومؤسساتها، اتفقنا او اختلفنا مع الوثيقة فاننا نستطيع القول انها خلقت استقرارا سياسيا نسبيا ورغم خلافنا مع “قحت” فخروجها من المشهد عمق الازمة وعقدها ،في تقديري الخاص يكمن الحل في وضع حد للتدخل الاجنبي واجراء حوار جدي علي ان يتوافق الجميع جميع اهل السودان و التوافق علي ان يكون الحل سوداني خالص بعيدا عن الاجندة الخارجية وصياغة دستور جديد للبلاد يحدد شكل ومهام المؤسسات وصلاحياتها ومن ثم يكون الحديث عن الانتخابات… .

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى