ملاحظات تستحق ..!

العابرون من حواجز الكرامة هم الذين يحددون سلوك المعتدين عليهم، بخضوعهم أو رفضهم لشيوع طبائع الاستبداد فيهم” .. الكاتبة ..!

(1)

الملكات الشخصية للحكام فن تاريخي يستمد مشروعيته الكاملة من الإلمام الكافي بعلوم وفنون العلاقات السياسية، لكنه – عندنا – نشاط ذهني مهمل، إن لم يكن معطلاً تماماً. فاهتمام الشخصيات الحاكمة – في مجتمعنا – بفنون الاتصال السياسي، موجّه فقط لاستلاب الشعوب، ومكّرس بأكمله لضمان ولائها. أما السعي الحثيث لإقناع الآخر بقامتنا وقيمتنا – حكومة وشعباً – على المسرح الكوني فمحفوف بإشكالات منهجية، أولها عشوائية الطرح، وأولاها فوضوية التلقي، وإنكاها ردود الأفعال ذات الزوايا الحادة ..!

 (2)

لم يكن سلوك الحكام هو أول وأولى أسباب الربيع العربي بل استبداد العساكر والأمناء والمخبرين، وارتفاع معدلات الإذعان في مواقف العامة الذين كانوا يواجهون أخطار الوقوف على حاجز الحرية، والخوف من إراقة الدماء أو إراقة الكرامة، حتى تحولت حالات الاستفزاز المتراكم إلى قنابل موقوتة، ولو تأملت في سير المتجاوزين لحقوق الإنسان قبل قوانينها – في تلك الأجهزة – ستجد أن العلاقة بين حجم الرُّتَب ومقدار العنف هي دوماً عكسية ..!

(3)

احترام المواطن لتلك المبادرات الشفهية التي تزأر بها الكيانات السياسية يتطلب في المقام الأول أن يحترم السياسي عقل المواطن، مستصحباً إلمام المُخاطب ببعض المعلومات الأساسية عن معظم القضايا وعن بعض الحلول. الموضوعية هي روح الخطاب الرسمي، والواقعية هي مربط فرس المعالجات. فأين أنتم من هذا وذاك، وأين أنتم من هؤلاء وأولئك ..؟!

(4)

“هذا ليس بمالك ولا مال أبيك”، هكذا جادل أحد الأعراب رسولنا الكريم في العطايا، وطالب آخر بالقصاص في إحدى الغزوات لأنه وخز صدره بقشّة، ولم يغضب منهم رسول الله ولم يرد في أمهات الكتب أنه عاقبهم، أو حتى أنكر عليهم حقهم في الاحتجاج . وقد وضع بذلك خارطة طريق الحاكم في معاملة المحكوم – لمن جاء بعده – لا يزيغ عنها، ولا يضل بعدها إلا من أبى. فلماذا نحن نأبى ..؟!

(5)

عندما بدأ المتشددون دينياً في بلادنا يحيدون عن طريق الإصلاح والتقويم إلى تطرف المواقف والأحكام، ونبذوا منهج الإقناع بالحكمة والموعظة الحسنة، وباركوا مبدأ تغيير المنكرات بسواعد التطرف والإرهاب كان ولاة أمورنا يباركون دعوات الأسلمة والتعريب بعد بفصل الجنوب، ثم تعاظمتْ دعوات التعريب المتطرف وعلت أصوات الإقصاء والتكفير، ثم ها نحن هنا!.. أول المسئولين عن مظاهر دعشنة السودان هم بعض رموز الدولة الذين أخطأوا جداً عندما حادوا عن منهج الوسطية في مواقفهم من بعض مصائب الإسلام السياسي ..!

(6)

السلطة الواعية تشارك بنفسها في وضع قواعد ثقافة الاحتجاج الشعبي – تتبنى الحراك وتستثمر الرفض وتضع في حسبان بطانة مسئوليها أن المطالب الشعبية حق وليس تعدياً، وأن استيعابها واجب وليس تفضلاً – فالاحتجاج السلمي ليس سلوكاً فوضوياً بل ردة فعل “منظمة” تستعين بالفوضى لحث السلطات على إعادة ترتيب المشكلة. فأين المشكلة ..؟!

منى أبوزيد

[email protected]

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى