Site icon صحيفة الصيحة

شلّت الحياة في السودان الاضطرابات السِّياسيَّة.. مرض العصر القاتل!!

مواكب 7 فبراير- إرشيف

 

الخرطوم: انتصار فضل الله    10فبراير2022م

“البلد وصلت الحد والحياة وقفت تماماً” قضت التوتُّرات السِّياسيَّة على كل شيء..

الشلل الآني يحتاج لتحكيم العقل ومراعاة المصلحة العامة حتى يذوب الجليد الذي يعيش فوق سطحه الشعب السوداني.

 

أطلقت هذه العبارات الحاجة مريم مواطنة يؤلمها حال البلد، ظلت تتابع عن كثبٍ، الوضع من خلال شاشة التلفاز في مقهى تُديره وسط الخرطوم، فأصبحت تهتم بالشأن السياسي والخلافات الدائرة في أروقته.

يرافق مريم إحساس قوي بعدم إصلاح الحال فالمسألة كما وصفتها “تحدٍ” وكلٌّ يريد الثبات على موقفه ويرى الجلوس للاتفاق هزيمة يرفضها العقل، ترى تقديم التنازلات من كل الأطراف هو المخرج الوحيد.

مخاوف مريم جعلتنا نبحث انعكاس الاضطرابات السياسية على توقف عجلة الحياة في السودان.

1

منذ عقود مضت ظل التوتر، مُسيطراً على الساحة السياسية في البلاد، أدى ذلك إلى تعدُّ الانشقاقات داخل الأحزاب والكيانات السياسية فتطلب الوضع اتباع سياسة الترضيات من الحكومة لتسيير عجلة الحياة.

غير أن الوضع تأزّم وأصبح الشلل التام رمزية الفترة الانتقالية منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021م وحتى هذه اللحظة الراهنة.

تبعاً لذلك، ازدادت حِدّة الخلافات، ومرّت البلاد بمُنعطفات مصيرية كثيرة جعلت من عدم اليقين عنواناً رئيسياً للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية للمجتمع السوداني.

2

حالة الاضطراب بمعناها المباشر وغير المباشر بحسب متحدثين لـ”الصيحة”، لم تغب عن الساحة السياسية خلال فترة ما قبل الانقلاب.

 

وأضافوا “وسط جملة من التحديات الكبرى عملت الحكومة على  ترسيخ مفهوم واحد فقط هو أن السودان دولة مفتوحة لاستقبال التدخلات الأجنبية، وهو أمر ليس سهلاً بالمقاييس الجيوسياسية، خُصوصاً أن التحدّيات التي عرفتها الساحة كانت وجودية طالت الكيان والسيادة”.

3

تؤكد أستاذة العلوم السياسية د. نعمات الرفاعي، خطورة المرض العضال الذي اصاب السياسة وجعلها في حالة نزيف دائم دون توقف.

وقالت لـ”الصيحة”: تعطلت مع هذا الداء كافة مجالات الحياة حتى أصبح  كل شيء على المحك، ولم يبق امام الكثير من الأسر سوى   الهجرة الى المجهول!

 

4

 

ترى نعمات ان الوضع  يتطلب حوارا سياسيا عاجلا بإشراك الشباب وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على المصلحة الخاصة، والنظر إلى نوايا الخارج في إثارة الفتن وعدم الاستقرار والاستفادة من موارد البلاد.

يتّضح من خلال حديثها، إنه بالنظر الى السلوك السياسي للحكومة والأحزاب أصحاب الشراكة في السلطة حتى ما قبل انقلاب 25 أكتوبر، وضع المواطنين امام معادلة صعبة مستبعدة معالجتها.

 

5

 

لم يبق من الشعارات الأيديولوجية الكبيرة التي اطلقتها الحكومة     الانتقالية عقب إسقاط نظام البشير أي شيء يُذكر، بل إن كل الوعود لم تجد تطبيقاً في الواقع، بالتالي يُعد قياس أوضاع الأفراد والمجتمعات المفتاح الأهم لقراءة أي تجربة سياسية في أبعادها التنموية.

من هذا المنطلق، يشير الخبير الاقتصادي عثمان زين العابدين، إلى دور الاضطرابات السياسية في تعطيل أهم المشاريع التنموية وأخرى داعمة للأسر الفقيرة.

6

قال زين العابدين لـ”الصيحة”: ساهم الوضع في توقف الكثير من البرامج الاقتصادية كـ”ثمرات” الذي وصفه بأنجح برنامج خلال فترة الحكم الانتقالي.

 

مفسراً “كيف تفاقمت المعاناة في الحصول على الخبز الذي اصبح بدون رقيب، هذا بخلاف الفوضى التي عمّت الأسواق جراء عدم وجود حكومة، فأصبحت مفاصل الدولة والوزارات بلا غطاء تشكو السكون، لجهة ان الانقلاب كان كالعادة على السلطة المدنية والشعب.

7

وأوضح الاقتصادي، كيف تبارت القيادات السياسية في وصف الإجراء وتأثيره على الحياة، فمنهم من اعتبره صفعة، ومنهم من اعتبره الدواء المُر الواجب تجرُّعه.

مُضيفاً كان لسان حال الشباب قد رفض الإهانة السياسية وأضمر في نفسه الكثير للحكومة، فدفع ثَمن التّشاكُسات السياسية غالياً وعاد جدول المظاهرات بفرض سيطرته على الشارع، ثم العصيان المدني الذي أربك حسابات الجميع.

8

بحسب رؤية الخبير الأمني عبد الماجد سليمان، أصاب السلطة على مدى تاريخ السودان، فيروس الدائرة الشريرة طوال ٦٦ سنة، منها ٥٦ سنة حكم عسكري شمولي قمعي، لم تكتمل فيه اي دورة انتخابية كاملة في ظل نظام انتخاب ديمقراطي.

 

ويرى أن ما تشهده الساحة الآن أسوأ لان شركاء السلطة من العسكر اليوم قاموا بسرقة ثورة ديسمبر وإجهاضها بانقلاب ٢٥ أكتوبر، عليه يمكن لأي مراقب بالعين المجردة دون أي تحليل أو خبرة أن يجد العسكر هم السبب المباشر في ما يعيشه السودان اليوم من تشاكس سياسي، لأنهم وضعوا يدهم في كل مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والأمنية.

9

وقال الخبير الأمني، الخلافات السياسية ظاهرة في بروز أزمات لا حدود لها.

مشيراً إلى أزمات ارتفاع الأسعار والسيولة الأمنية التي اشتدّت وعودة السُّوق المُوازي وتجار الدولار في الطرقات وارتفاع سعر الصرف وتعطيل الدراسة بسبب الوضع السياسي والشلل الكامل للبلاد في ظل مُطالبة الشعب بعودة العسكر للثكنات خاصةً الشباب، والمطالبة بإبعاد العسكر من الشراكة، لأنهم خانوا العهد وقاموا بالانقلاب الذي خلق التشاكس، ومنع سلطة الحكم الحالي من الممارسة السياسية حسب الدستور.

10

يقول د. حافظ الطيب الخبير في علم الاجتماع السياسي لـ”الصيحة”، أصبح واضحاً خلال الفترة الأخيرة الفصام بين الأهداف والواقع والوقائع هو العنوان الرئيسي الكبير لتجارب نظام الحكم، وأن الدرس البديهي في علم الاجتماع السياسي المُتعلِّق بالقدرة على الاستقرار هو المشروعية.

 

موضحاً أنّ المشروعية هي دينامية داخلية تتحدّد بطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بمثابة العقد الاجتماعي القائم يُؤكِّد أن الدينامية كانت الغائب الأكبر فعلياً في الحكم، واعتبرها مؤشرا قابلا للقياس في مجالات الحياة الأساسية، فالتعليم والصحة وجودة الخدمات ومتوسط دخل الفرد وغيرها من المجالات المُتّصلة بحياة المُواطنين والتي تمثل الحقول التي يُمكن التعرُّف من خلالها على مدى استقرار الدولة ومشروعية الحكم والوضع السِّياسي.

Exit mobile version