عبد الله مسار يكتب المشهد السياسي (٢)

10فبراير2022م

قلنا في مقالنا المشهد السياسي (1)، إن السودان حَدَثَ فيه تغييرٌ في أبريل 2019م، أُزيلت حكومة الرئيس البشير وجاء بنظام جديد قام على فترة انتقالية وفق وثيقة دستورية سيطرت عليها قحت الرباعية بشراكة مع العساكر، ولكن قحت اليسارية قَضَت على الأخضر واليابس، وأبعدت الشباب الثائر واستولت على كل السُّلطة التنفيذية، وحوّلَت كل الدولة لصالح أحزابها نهاراً جهاراً حتى جَعلت لا حرمة ولا قانون في المال العام والوظيفة العامة حتى أدخلت بعثة أممية في السودان واستولت على لجنة التمكين وحوّلتها إلى لجنة انتقام خارج القانون، ومثلت أبشع تمثيل بخصومها، وجرمتهم خارج القضاء، وأشاعت في البلاد فوضى، وجعلت الخرطوم كلها متاريس ومظاهرات باسم المدنية، وعطّلت الحياة العامة دون أن يعرفوا ما المدنية!!

وقلنا في هذا الجو، إنّ ثورة البرهان التصحيحية التي قامت على خمسة أركان:

١/ ابعدت قحت من المشهد السياسي.

٢/ قرّرت مشاركة الجميع في العمل العام.

٣/ قيام حكومة كفاءات وطنية غير حزبية.

٤/ حدّدت مدة الفترة الانتقالية.

٥/ وأخيراً قررت تسليم السلطة لحكومة شرعية مُنتخبة.

وهذه المطلوبات هي أصلاً مهام الفترة الانتقالية التي تجاهلتها قحت، ومارست سلطات الحكومة المُنتخبة، بل جعلت كل البلد ملك يدها، وزادت على عدائها للجيش والقوات النظامية والشعب، ورهنت القرار السوداني للخارج حتى صار السودان مُستعمرة لبعض الدول، أمّا الخدمات فحدِّث ولا حرج ليس من اهتمامها، وجعلت كل السودان وسط الخرطوم، وظهر جلياً في الصراع بين المركز ومركز المركز والهامش، بل بين نخب النخب وعامة الشعب، وزادت الجهوية والكراهية والبغضاء وكثرت الاستقطابات وتحوّل السودان إلى ضيعة ملكتها قحت، وجاء تدخل البرهان برداً وسلاماً على عامة المواطنين، ولكن هوس قحت بالسلطة التي أفقدها ذلك السلطة وأدخلها في فتيل المراجعة والسؤال!!

هذا المشهد حرّك القوى الوطنية الصامتة والشعب السوداني لتملأ الشارع ولتحدث التوازن المطلوب.

وعليه، نحن مقبلون على فترة جديدة تماماً خارج سيطرة القوى السِّياسيَّة التي كانت حاكمة في السنوات الثلاث المنصرمة، ومقبلون على وثيقة جديدة يشترك فيها الكل دون استثناء، وعلى ميثاق وطني يوقع عليه الكل الاّ من أبى، ومقبلون على إصلاح شامل لكل مؤسسات الدولة التي خرّبتها قحت، وذاهبون إلى دولة المُواطنة صاحبة الحقوق والواجبات، والى حكم فدرالي بعيد عن حكم الشوارع الأربعة في الخرطوم، وأيضاً ستزول عن السودان الوصاية الخارجية التي جعلت كل شعب السودان عُملاء حتى صارت أمريكا تدفع مائة مليون جنيه لنشطاء (عملاء) خارج منظومة الدولة وتعلن ذلك على رأس الأشهاد وما خُفِي أعظم!!

إذن الفترة الانتقالية المُتبقية للوصول إلى الانتخابات، يجب أن تكمل فيها المؤسسات التي لم تقم ويجهز للانتخابات لتقوم في موعدها ويتصدى الشعب السوداني لكل من يود ان يخربها، وأولهم قشور المجتمع الدولي، لأن السودان دولة ذات سيادة.

الشعب السوداني أيّد خطوات البرهان بشدة ليحكم حتى تسليم السلطة لحكومة شرعية مُنتخبة، ومطلوبٌ منه تأمين المعاش والخدمات واستتباب الأمن وحفظ مواطن وجيش وحدود السودان، بل قِيم ومُثل وأخلاق ودين أهل السودان، مع الحرية التامّة للتعبير دُون المساس بحريات الآخرين.

لذلك، مطلوبٌ من كل مواطن سوداني وطني دعم هذه الخطوات للوصول إلى الدولة المدنية التي يُؤتى إليها عبر صندوق الانتخابات خارج إطار المكاورة وأم غُمتي وبعيداً عن الحكم السُّمبلة، وفي هذا يجب وضع اعتبار للشباب الثوار الحقيقيين، وحفظ حقهم!!

إن الأحزاب السياسية مدعوة لتنظيم نفسها للاستعداد للانتخابات وليست السيطرة على الحكم على طريقة العشوائي ووضع اليد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى