سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع.. 

28يناير2022م

أم بلينة السنوسي.. نحن حافظين لودادك!!

صوت رائد:

عبر تاريخ الأغنية السودانية الطويل، ظلت الأصوات النسائية شحيحة وقليلة ونادراً ما يكون الاستمرار هو المفردة الصعبة في قاموس الغناء النسائي، ولكن أم بلينة السنوسي كانت غير ذلك تماماً وهي تعتبر واحدة من الرائدات اللائي أسسن للتجارب الغنائية التي يُمكنها الاستمرار.. وكما يقول الناقد والباحث صلاح الدين عبد الحفيظ “من أصوات النساء الرائدات في الغناء كانت بالطبع عائشة الفلاتية ومنى الخير ومهلة العبادية وهو ما اصطلح على تسميته الجيل النسائي الأول للنساء الفنانات.”

الجيل الثاني:

يأتي من الجيل الثاني عدد من الفنانات أصحاب المساهمة الواضحة في فن الغناء. ومنهم الفنانة أم بلينة السنوسي. بضاحية لا تبعد كثيراً عن النهود وبقرية (أم سروال) كان ميلادها الذي وافق سنة وصول الإرسال الإذاعي لتلك المنطقة كما يوثق لذلك من عدد من الكتابات التي كتبت عنها.

عشق الغناء:

عشقت الغناء منذ دراستها بالمرحلة الأولية ومن ثم كان التحاقها بفرقة فنون كردفان. وبدأت نشاطها وهي بصحبة عدد من أقطاب تلك الفرقة وكان لإرشادات الأستاذ جمعة جابر السبب المباشر في وصولها سريعاً لمرحلة تجويد الغناء بالصورة التي شاركت فيها في مهرجان المديريات بالمسرح القومي في 1961م. كان لاستماعها الدائم لأغاني الجيل الثاني من رواد المدرسة الوترية وهم صلاح بن البادية، إبراهيم عوض، وردي، السبب في جودة أدائها الغنائي وفي تلك الفترة تغنّت بعدد من الأغاني لهؤلاء الرواد. كذلك كان لبيئة المنطقة السّبب المُباشر في مزجها لغناء الوسط بغناء سهول كردفان وذلك عبر الغناء العفوي (بالدلاليك) جمع دلوكة في مُناسبات الختان والأعراس.

أجمل صدفة:

زاملت الراحل إبراهيم موسى أبا وفاطمة عيسى، ويذكر أن من ساعدهم وشد من أزرهم كان الراحل أبو عاقلة يوسف الذي كان يعمل ضابطاً للاستعلامات بكردفان. سجّلت للإذاعة أولى أغنياتها (أرحموني يا ناس) كلمات أحمد هارون ونشيد (ربات الخدور) و(العاشق سعيد) لعوض جبريل. قادتها المصادفة للغناء منفردةً حين استمع الأستاذ جمعة جابر فطلب منها الغناء منفردة فكان أن أمدها الراحل علاء الدين حمزة ببعض الألحان الشيء الذي جعلها تسرع في طلب إجازة صوتها من الإذاعة، بعد زحف ومعاناة أجيز صوتها لتصبح واحدة من فنانات جيل الستينات وهو الجيل الثاني بعد الجيل الأول من رائدات الغناء.

أغنية (وداد):

شكلت أغنية (وداد) نحن حافظين لودادك كلمات السر محمد عوض وألحان علاء الدين حمزة حلقة الوصل بينهما والمستمعين وكذلك أغنية (طيبتو محبباه):

(زايدة غلاتو طيبتو وناير في سماهو

ودائماً صافية نيتو وطيبتو محبباه

يسلم لي براه

وهي من كلمات الحلنقي وألحان علاء الدين حمزة. أنتجت كذلك في السبعينات بأغنية (مع الأشواق) كلمات تاج السر عباس وألحان محمد سليمان المزارع وأيضاً أغنية (خطابك الجاني) وهي من كلمات خليفة الصادق وألحان علاء الدين حمزة.

معاناة مع لجنة النصوص:

عانت الفنانة أم بلينة السنوسي، تعقيدات لجنة الألحان والنصوص الإذاعية وكذلك لجنة الأصوات الجديدة، الشيء الذي قابلته بصبر ودأب على إجازة صوتها حتى كلل مسعاها بإجازة صوتها. شاركت كثيراً في حفلات المساهمة العامة والخيرية لطلاب الجامعات والقوافل الثقافية، وتعتبر الفنانة الأولى في السودان التي لم تتوافق مع الغناء في بيوت الأعراس إلا مجاملة لأحد زملائها من الفنانين. شاركت في الغناء في الملحمة الأكتوبرية التي كتبها هاشم صديق – وكان إصرارها قاطعاً لتقديم مقطع (وكان القرشي شهيدنا الأول)، الشيء الذي جعل الفنان محمد الأمين يوافق لها بذلك وبالفعل ظهر صوتها. دفعت هذه المشاركة بالفنانة أم بلينة السنوسي للأمام فصارت واحدة من الأصوات النسائية ذات المساهمة الواضحة في مسيرة الأغنية السودانية، الشيء الذي جعلها واحدة من أميز أصوات الغناء باحترامها لفنها ونفسها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى