عبد الله مسار يكتب : العُنف الأوروبي وحُقوق الإنسان (2)

26يناير2022م 

قُلنا في المقال العُنف الأوروبي وحقوق الإنسان (1)، إنّ أوروبا جبلت على العُنف، وإنّ الحروب التي دارت بينهم حصدت ملايين من البشر واستعملت في ذلك وسائل عُنف مُختلفة، بل حتى كانت وسائل ترفيههم عنيفة، وكان هذا العنف اُستعمل في داخلهم ومع بعضهم وهم أصل وثقافة واحدة وأرادوا عنفاً لما خرجوا الى العالم.

ونشير هنا إلى بعض الوقائع، منها عندما اتجه الأمريكان غرباً الى امريكا مسحوا سكان تلك البلاد، ومن ذلك كانوا يقدمون البطاطين المُلوّثة بجراثيم الجدري والسل والكوليرا كهدايا للمواطنين الأصليين لتحصدهم دون أدنى جهد وقتلوا الملايين من السكان الأصليين خلال عقود قليلة.

أيضاً عملوا جوائز مالية لمن يأتي برأس احد السكان من الرجال أو النساء أو الأطفال، مما جعل الصيادين ينتشرون في كل أرجاء القارة يجلبون الرؤوس بأعداد هائلة حتى وصلوا الى جلب فروة الرأس ليسهل عليهم الحمل، بل وصلوا مرحلة جعلوا أحذية الصيادين من جلود البشر، بل تطوّر الأمر حتى أصبحت حفلات السلخ والتمثيل يحضرها كبار المسؤولين الأوروبيين، بل أباد الأمريكان أكثر من مائة مليون شخص من السكان الأصليين وأحدثوا تغييراً كاملاً لسكان أمريكا ليحل محلهم الأوروبيون!!

الآن كل دول أمريكا الشمالية والجنوبية اليوم يملكها الأوروبيون بإثنياتهم المُختلفة.

فالبرازيليون هم برتغال وأسبان، والأرجنتينيون هم أسبان وإيطاليون، بل نجد إنّ معظم سكان أمريكا الجنوبية هم أسبان إضافةً للإثنيات الأوروبية الاخرى  وخاصة في تشيلي والأوروغواي وكولومبيا وفنزويلا وغيرها.

وفِي أفريقيا حوّلوا الرق إلى تجارة مثل (تجارة الماشية)، بل الحكومات الأوروبية احتكرت تلك التجارة ووضعت لها قواعد تنظمها وكانت أسهم شركات تجارة العبيد هي الأعلى ربحاً بعد تحرير تلك التجارة والسماح للشركات الخاصّة بالعمل في هذا المجال، وأصبحت تلك الشركات تُصدِّر كمية مهولة من الأفارقة ومستعمراتها في كل أنحاء العالم، وظلت الشركات الفرنسية وحدها ترسل ما لا يقل عن مائة ألف أفريقي سنوياً إلى المناطق التابعة لفرنسا في امريكا. أضف الى ذلك الشركات الاسبانية والإنجليزية والتجار الإيطاليين والألمان والبرتغال وغيرهم، ويُقدّر عدد الأفارقة الذين تم إرسالهم الى الأمريكيتين بالملايين، وكل ذلك كان عملاً مقبولاً تصدر له الحكومات الأوروبية التصاريح اللازمة ويستثمر فيه الشعب أمواله من خلال شرائه لأسهم هذه الشركات الذي أوضحنا جزءاً مما فعله الأوروبيون في أمريكا وأفريقيا.. أما ما فعلوه في آسيا فهو أمر عجاب!!

لقد تاجرت الحكومات الأوروبية في المخدرات، حيث صدّرت بريطانيا أول شحنة الى الصين في عام 1781م، وبعد أن ظهر الإدمان في الشعب الصيني، أصدر إمبراطور الصين إول مرسوم بتحريم استيراد المخدرات، فأرسلت فرنسا وبريطانيا سفنهما وجنودهما لإجبار الصين لفتح أبوابها لتجارة المخدرات بالقوة، وهزموا الصين ودخلوا بكين وأجبروها على توقيع اتفاقية (تيان جين) عام 1858م بين الصين والأوروبيين (فرنسا وبريطانيا وروسيا وأمريكا)، حيث تم في هذه الاتفاقية دخول الأفيون ضمن البضائع المسموح بدخولها الصين، وألزمت الصين بنشر المسيحية حيث ارتفع عدد المدمنين في الصين من مليونين عام1850م الى 120 مليون صيني في عام 1878م واستمر العمل بهذه الاتفاقية حتى 1911م.

إن ما ذكرناه من قسوة وعنف الأوروبيين يمثل قليل من كثير وقد تأذّت كل شعوب العالم منهم، بل لم تغيِّر المدنية والتحضر شيئاً من سلوك هذه البشرية، ويعف عن فعل ذلك الإنسان الجاهل المُتخلِّف، ولكن يتباهى به الأوروبيون!!

أما في التاريخ المعاصر قُتل 300 ألف شخص مسلم، واغتصبت 60 الف امرأة وطفلة مسلمة، وهدم الصرب 800 مسجد بعضها يعود بناؤها الى القرن السادس الميلادي، وهجر مليون ونصف مسلم واستمرت المجازر  لنحو أربعة أعوام!!

ولذلك حديث الغرب عن المدنية وحقوق الإنسان ذر رماد في العيون، وممارستهم عكس ذلك، وحتى الآن يعيثون فساداً في الكون!!

إذن، ليس من حق فولكر ولا سفير بريطانيا أن يعلمنا حقوق الإنسان!! إن أوروبا مُوغلةٌ في العُنصرية والوحشية والقسوة، قديماً وحديثاً قضت على أوطان قائمة كما حدث في العراق ومازالت تمارس نفس الفعل!!

إذن، لا بد من تحرير القرار الوطني، ولا بد من السيادة الوطنية.. يا هؤلاء نحن الذين علّمنا البشرية حقوق الإنسان، لأن ديننا تحدث عن حق هرة في الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى