Site icon صحيفة الصيحة

الجيش ومدنية الدولة

مدخل:
رَدّ الفريق أول طيار ركن صلاح عبد الخالق عضو المجلس العسكري لمن يدعون القوات المُسلّحة بالعودة إلى ثكناتها بقوله: “إذا دخلنا الثكنات اليوم فهذا يعني انطلاق الحرب الأهلية”.. وأضاف: “نُرحِّب بقوى الحرية والتغيير باعتبارها شريكة، مؤكِّداً الاستعداد لتسليمها الحكومة التنفيذية كاملة من رئيس الوزراء وحتى أحدث وزير والبرلمان المُقترح كاملاً، وجزءاً من المجلس السيادي”.. وقال: “أكتر من كدا ما عندنا، ولن نُفرِّط في أمن السودان، ولن نسمح بقيام حرب أهلية”.          جريدة (الصيحة)

(1)

أوردت حديث الفريق أول طيار ركن صلاح عبد الخالق بعد أن تَصَدّت قُوة مُكلفة بحراسة منزل الفريق أول مهندس صلاح قوش لوفد النيابة بخصوص تنفيذ أمر القبض وتفتيش منزله، وهدّدت القوة باستخدام السلاح الناري على مرأى ومسمع مصدِّري الأوامر.

ونقلت الأخبار عن القبض على حركات مسلحة بالخرطوم بحري ومن قبل في أحداث 8 رمضان.. هل نحنُ في طريق لبنان مليشيات عون وكتايب جنبلاط.. وقوات حسن نصر الله..؟؟

يا دوب وقع لي حديث الفريق أول طيار ركن صلاح عضو العسكري!

(2)

عندما شارك الجيش وقُوّاته وانحاز للثورة ممثلاً في المجلس العسكري الانتقالي واستلامه سُلطة البلاد، أعلن عن حالة الطوارئ وتعطيل الدستور الانتقالي لعام 2005.. وفيما بعد استجاب المجلس العسكري لرغبة الثُّوّار فألغى حالة الطوارئ.. وما زال الدستور مُعطّلاً، وأكيد البلاد تسير بقانون القوات المسلحة وهو قانون تهتم بُنُوده وفقراته بالنظم والإجراءات العسكرية، وإن لم يتجاهل منهجه وبنوده وفقراته الخَاصّة بعض ملامح الحياة المدنية، باعتباره مؤسسة سيادية قومية، منذ أن ولدت دولة السودان المُستقلة وبجانب دورها القومي والسيادي في حماية البلاد من أيِّ خطر خارجي وعملها بتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى ضد أيِّ طارئ يهدد البلاد.

وفقاً لهذا الدور الوطني، انحازت القوات المسلحة واستجابت لجنة البلاد الأمنية والتي تتكوّن من الشرطة وجهاز الأمن والاستخبارات وقوات الدعم السريع إلى حماية الشعب الذي لجأ إليها في ديارها مرحباً به.

(3)

في تطور الأحداث، بات واضحاً أن تشكيل الحكومة المدنية كان مطلباً جوهرياً وواضحاً، والأمور تسير بين الشد والجذب السياسي.. الآن بدأت المُفاوضات وبات واضحاً أن قوى التغيير قد استحوذت بنصيب الأسد وبرضاء الطرفين، وذلك وَضَحَ في الاتفاقيات شبه النهائية في التفاوُض مع المجلس العسكري، في تشكيل مجلس الوزراء، وكذلك عضوية المجلس التشريعي بنسب تم الاتفاق عليها وأخذت قوى التغيير نصيب الأسد 67%، إذن هذه هي الحكومة المدنية.. أي كما يقول أعضاء من قوى الحرية إننا أنجزنا 90% من التوافُق مع المجلس، إذن ما تبقى مسألة المجلس السيادي والاختلاف حول النسب في التشكيل، وقد كان المجلس على اتفاق مع قوى التغيير باستمرار، فلماذا لا تتنازل قوى التغيير عن 10%؟ وكان يمكن أن تحدث بسلاسة ولكن..

(4)

 وتسوق التحليلات من خارج أروقة التفاوّض أن الشيوعي يتوقّف محارداً كحمار العقبة، ويبدو أنه الأعلى صوتاً والأقوى قيادة للتّجمُّع.. ويصبح من أجهض الوصول لاتفاق هبوط ناعم هو الشيوعي الذي انفرد بإصدار بيان  باسمه، يرفض ما كان يدور من اتفاق في القاعات المُغلقة، واتجاهه لإلغاء وتهميش دور المجلس العسكري في ظل حكومة مدنية، رغم أنّه شريكٌ أصيل ودوره مطلوب لتحقيق ضمان أمن واستقرار الوطن.

   (5)

 هذا الرأي الإقصائي من الشيوعي مع سيطرة نظرية المُؤامرة التي لم تفارقه إن كان “ساكناً أو ناشطاً”.

يقول المُحلِّلون والمُراقبون للشأن السياسي السوداني إلى أن التوجُّه من الشيوعي يُشكِّل خطراً على الحياة السياسية والاجتماعية السودانية، إذ يعني هذا التوجُّس انتفاء الضمان لجهة محايدة لضمان الأمن وإنهاء الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات ونقل السُّلطة ديمقراطياً للأحزاب الفائزة ذات الثقل والجماهير.

(6)

 لذلك ينبغي على كل الأطراف التي تتصدّر الآن المشهد السياسي أن تُسارع بإبعاد الأجندة السِّياسيَّة الحزبيّة الضيِّقة وأيديولوجيات الهتافيات الإقصائية للآخر.

الحصة وطن، مصلحة البلاد وأهل البلاد هي المحك وهي الأجندة الوطنية لكل السُّودانيين، والجيش والقوات المّسلّحة السودانية هي الشريك والضامن لنجاح الثورة لآخر ضَوءٍ في النّفق حتى يتمتّع المُواطنون بشمس الحرية والأمان وبراح الوطن الكبير.

Exit mobile version