يُواجهون تُهماً بتقويض النظام الدستوري للبلاد وإثارة الحرب ضد الدولة: بدء محاكمة أنس عمر وأستاذ جامعي و(8) ضباط معاشيين بالقوات المسلحة

أنس عمر بالتحريات: لم أفعل أي شئ البتّة والبيِّنة على من ادّعى

 

الخرطوم: محمد موسى     24يناير2022م 

وسط إجراءات امنية مشددة، انطلقت بمحكمة مكافحة الإرهاب (1) بمجمع محاكم جنايات الخرطوم شمال أمس، اولى جلسات محاكمة والي ولاية شرق دارفور الأسبق بالعهد المباد أنس عمر، الى جانب (8) ضباط معاشيين بقوات الشعب المسلحة، منهم العميد معاش جمال الدين احمد، اضافةً الى ضابط بجهاز المخابرات العامة واستاذ جامعي بتهمة تقويض النظام الدستوري بالبلاد وإثارة الحرب ضد الدولة والتدريب غير المشروع، وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م.

فيما سجلت المحكمة في مستهل جلستها بالأمس حضور هيئة دفاع عن المتهمين جميعاً تتألف من (117) محامياً للدفاع  أبرزهم المحامون  (عبد الباسط صالح سبدرات، محمد الحسن الأمين، هاشم أبو بكر الجعلي، عبد الرحمن الخليفة، زين العابدين محمد حمد، محمد عثمان المليح ود. فخر الدين الفاضل).

ويواجه المتهمون، اتهاما بمخالفة نصوص المواد (50) و(51) ، (61) و(63) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م.

معارضة سلطة عامة

وابتدر المتحري نقيب بالشرطة الامنية حمزة مكاوي، اقواله للمحكمة برئاسة القاضي انس عبد القادر فضل المولى،  بأنه ابلغ الشاكي صبحي أحمد خليفة ، بموجب عريضة من النيابة بأن المتهمين الماثلين امام المحكمة قد قاموا بتقويض النظام الدستوري للبلاد وأثاروا الحرب ضد الدولة، كما قاموا بتدريب جماعات تدريباً غير مشروع، ودعوا كذلك المتهمين الى معارضة السلطة العامة بالعنف او القوة الجنائية ، ونبه المتحري الى انه وفور ذلك تم استجواب المبلغ وشاهدي اتهام ، وكشف المتحري للمحكمة بأنه وبتاريخ 19 نوفمبر 2020م تم القبض على جميع المتهمين وإخضاعهم للتحري والاستجواب على ذمة الدعوى الجنائية.

 

 البيِّنة على من ادّعى

وكشف المتحري بانه وبتاريخ 19 /11/2020م تم القبض على المتهم  الاول والي ولاية شرق دارفور الأسبق والقيادي بحزب المؤتمر الوطني المحلول انس عمر ، وتلى المتحري اقوال المتهم الاول عليه بالمحكمة، ونفى خلالها  بالتحريات اثارته للحرب ضد الدولة او كل مواد الاتهام التي يواجه الاتهام بموجبها امام المحكمة ، قائلاً: (بالتحريات بانه لم يفعل اي شئ البتة ، وعلى الجهة الشاكية اثبات تلك الاتهامات بأي وسيلة تراها في حقه وان البيِّنة على ما ادعى بحد تعبيره)، مشددا على انه لم يشارك في اي محاولة انقلابية او تدريب اي جماعات بصورة غير مشروعة ، ونبه انس بأنه القي القبض عليه داخل شقة اثناء تناوله وجبة الغداء برفقة المتهمين السادس والثامن ، ونفى انس بالتحريات معرفته بأي من المتهمين الـ(8) المتهمين معه على ذمة القضية ، كما نفى بالتحريات ارساله اي رسالة لاي شخص، وافاد بأنه وبتاريخ 30 يونيو 2020م كان متواجداً بالخرطوم ، وشدد على ان علاقته بوزير الخارجية الاسبق بالعهد السابق ابراهيم غندور هي علاقة حزبية ، نافياً كذلك علاقته برئيس حزب التحرير والعدالة محمد علي الجزولي، فيما افاد المتهم الثاني بالتحريات بأنه عميد معاش  بالقوات المسلحة أُحيل للتقاعد في العام 2018م ، نافياً دخوله في اي اجتماع مع اي من المتهمين بالبلاغ او اتفاقه معهم على اجراء تغيير بالبلاد ، كما نفى ايضا علمه بانقلاب (غندور والجزولى)، مشيراً الى ان منبر السودانيين الأحرار هو مشروع حزب لم يتم تسجيله بعد.

لا انقلاب ولا تخريب

في ذات الوقت، تلى المتحري اقوال المتهم الثالث العميد معاش جمال احمد المعروف بجمال الشهيد ، وافاد بان ليس لديه اي اقوال يدلي بها بالتحريات ، كما انه يعرف المتهمين الخامس والسادس فقط وذلك لمزاملته لهما بالقوات المسلحة ، نافياً دخوله مع المتهمين في اي اجتماعات او علمه بإنشاء حزب سياسي جديد او مشاركته في اي محاولة انقلابية ، مشددا على انه ليس له اي علاقة بالسياسة مطلقاً ، في وقت اكد فيه المتهم الرابع عقيد ركن معاش بالجيش الطيب السيد عمر ، احيل للتقاعد في العام 2013م ومنها انتقل للعمل في تجارة السيارات، نافياً وجود اي علاقة له بالعمل السياسي ، فيما افاد المتهم الخامس مقدم معاش بالجيش الصديق صالح الفكي بالتحريات بانه وبتاريخ 29 /6/2020م تم اختطافه من منزله عند الساعة الرابعة صباحاً بواسطة الاستخبارات العسكرية واقتياده لمبانيها ومن ثم ارساله لمعتقلات جهاز المخابرات العامة بموقف شندي التي ظل بها دون وجه حق او توجيه بحد قوله حتى تاريخ 19/ 11/2020م، وافاد بانه اُعتقل من داخل منزله لوحده، نافياً علمه بأي اجتماعات ، مشيرا الى انه كان يتردد على مكتب المتهم السادس بالمقرن وذلك لبحث صندوق زمالة دفعته بالجيش ، منبهاً بالتحريات بان لا علاقة له باي محاولة انقلابية او منبر السودانيين الأحرار ، كما اكد المتهم الخامس بالتحريات وجود اي علاقة له (بغندور أو الجزولي)، فيما قال المتهم السادس بالتحريات نقيب معاش بالقوات المسلحة اسامة عثمان مساعد، بأن لا علاقة له بموضوع  واجراءات الدعوى الجنائية وانما تم اعتقاله بمنزله، نافياً حضوره لاي اجتماعات بمكتب المتهم الثالث ، منبهاً بأن المتهم الثاني كان يتردد عليه بمكتبه وذلك لمزاولة عمل الصندوق الاجتماعي الخاص بدفعتهم بالقوات المسلحة ، مشددا على ان القروبات التي تم انشاؤها على مواقع التواصل الاجتماعي تخص صندوق زمالة دفعتهم فقط ولخدمتهم ، مؤكدا عدم معرفته باي محاولة انقلابية وانما قام بإيصال المتهم الثاني لشارع البلدية الخرطوم ، في ذات الوقت قال المتهم السابع عقيد معاش بجهاز المخابرات العامة ، انه القي القبض عليه بتاريخ 20/7/2020م برفقة المتهمين الاول والثاني اثناء تناولهما وجبة الغداء داخل شقة بشرق النيل، وافاد بأنه عمل في آخر محطة له بجهاز المخابرات بادارة التحريات قبل ان يُحال للتقاعد في ظل الحكومة الجديدة ، نافياً معرفته باسباب تقاعده ، ونافياً وجود اي علاقة له باجتماعات الدفعة (43/أ امن وطني) وقروباتها بمواقع التواصل الاجتماعي ، مشددا على ان ليس له اي علاقة بعمل تخريبي او محاولة انقلابية ، في وقت تلى فيه المتحري اقوال المتهم الثامن الترمذي محمد نور،  وافاد بانه موظف حكومي معاشي بوزارة الطاقة ، مبينا بانه مدني ولا علاقة له باي جهة عسكرية – سوى ان المتهم الثاني دفعته بالجامعة طلب منه احضار وجبة غداء اليهم (كسرة بملاح خضرة) داخل شقة بشرق النيل وتم القبض عليه معهم بالشقة، نافياً وجود اي علاقة له بعمل تخريبي او محاولة انقلاب، من جهته قال المتهم التاسع والاخير بالتحريات عبد الرحيم عمر محيي الدين، إنه استاذ بكلية الآداب جامعة النيلين قسم التاريخ ، مشددا على انه لا يعرف اي شئ عن ملابسات البلاغ بينما تم القبض عليه بواسطة قوة من الاستخبارات العسكرية بقيادة احمد آدم بحد قوله ، موضحاً بانه لا يعرف اياً من المتهمين سوى المتهم الثاني الذي تربطه به علاقة اسرية ، نافياً زياراته لمكتب المتهم السادس او وجود علاقة له بالحركة الاسلامية ، مؤكدا بالتحريات بانه موقع على مذكرة لاساتذة الجامعات السودانية ضد نظام البشير ، ونفى بالتحريات معرفته بأي محاولة انقلابية أو تخريبية بالبلاد.

تحفظ ومعتقل وتحريات

في وقت ابدى فيه عدد من المتهمين،  تحفظهم على جزء من اقوالهم التي تلاها المتحري لهم امام المحكمة،  حيث اقر جميع المتهمين بأقوالهم بالتحريات جملة وتفصيلاً باستثناء تاريخ القبض عليهم ، حيث افاد المتهمون للمحكمة بانه تم القبض عليهم في شهر يونيو للعام 2020م بواسطة الاستخبارات العسكرية واقتيادهم الى مباني جهاز المخابرات العامة للتحفظ وعليهم واعتقالهم، قبل ان تتم احالتهم للشرطة الامنية في 18 نوفمبر 2020م ، واكد المتهمون بأنهم لم يذكروا خلال التحريات معهم محاولة قيامهم بأي عملية انقلابية او تخريبية بالبلاد ، ونفى المتهمون وجود اي علاقة لهم باي ضابط بالخدمة العسكرية بالقوات المسلحة او وجود علاقة لهم بالقيادي بحزب المؤتمر الوطني المحلول ابراهيم غندور ، او رئيس حزب التحرير والعدالة د. محمد علي الجزولي.

اعتراضٌ على مستند

وعقب فراغ المتحري من تلاوة اقوال المتهمين بيومية التحري،  قُدم للمحكمة مستند اتهام عبارة عن اقرار للمتهم لأحد المتهمين ضابط بالخدمة يحاكم عسكرياً وآخرين معه ، اضافة الى تقديم المتحري مستند اتهام ثانٍ عبارة عن صورة من مجلس تحقيق تم تشكيله لضباط بالخدمة العسكرية متهمين على ذمة اجراءات ذات القضية ، حيث اعترض رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي عبد الباسط سبدرات، عليها ملتمساً من المحكمة استبعادها ، مبرراً ذلك الى ان مستند الاتهام الأول عبارة عن إفادة من المبلغ وليست معتمدة ، كما ان المستند الثاني هو صورة لمجلس تحقيق مع المتهم المقدم بالجيش (زين العابدين)  وآخرين ، وافاد سبدرات للمحكمة بأن المادة (36) من قانون الإثبات السوداني سنة 1994م يجب ان يُقدم المستند بواسطة الشخص الذي قام بتحريره ، وان المتحري ليس شاهداً ولا يبرر له تقديم المستندات ، كما ان  المستند الاول هو عبارة عن افادة المُبلِّغ يتحدث عن متهم مقدم بالقوات المسلحة وهو متهم خارج القضية والآن أُعيد للعمل بالخدمة العسكرية بعد شطب الدعوى ضده ، كما ان المستند صورة وغير موقع ويتعلق بمحضر تحقيق ، مشددًا على ان مستندي الاتهام غير منتجين في الدعوى الجنائية وبالتالي فإن المستندين صورتان ومخالفان لقانون الإثبات.

أحقية أصيلة للمتحري

في المقابل، تمسك ممثل الاتهام عن الحق العام وكيل نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة علي محمد ، بمستندي اتهام الاول  والثاني  والتمس من المحكمة قبولهما ، عازياً ذلك الى ان المادة (39) من قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م اعطت المتحري الاحقية الاصيلة في تقديم المستندات التي لها علاقة بالدعوى الجنائية ولترتيب الاجراءات ، مبينا بان الافادة مستند اتهام (1) عبارة عن افادة اعدها شاهد اتهام ومن حق الدفاع مناقشته حولها ، اما فيما يتعلق باعتماد المستند الافادة فانه معتمد ومختوم من لجنة التحقيق والتحري التي قامت باعدادها ، مشددا في اعتراضه بأن ما اثاره الدفاع بشان تبريره بان مستندي الاتهام غير منتجين في الدعوى فذلك متروك للمحكمة لتقييمه عند مرحلة وزن البيِّنة لاحقاً.

 

 قبول واستبعاد مستند

من جهتها، قررت المحكمة استبعاد مستند اتهام (1) وهو عبارة عن اقرار صادر من احد المتهمين يُحاكم عسكرياً عن القضية، وارجعت ذلك لصدوره من شاهد ولا ينطبق عليه صفة ، بينما وافقت المحكمة على مستند اتهام (2) والتأشير عليه بمحضرها وذلك  لصدوره من جهة رسمية هي القوات المسلحة ، ونبّهت المحكمة في قرارها حول قبول المستندات الى  احقية المتحري في تقديم جميع المستندات وفقاً لقانون الاجراءات الجنائية – لاسيما وان المتحري يعتبر مرآة القضية للدفاع او الاتهام ، مضيفة بان امر شطب الدعوى الجنائية ضد المتهمين في الخدمة من عدمه امر متروك إثباته لاحقاً بواسطة الدفاع.

هواتف قيد الفحص 

وأماط  المتحري اللثام في  اقواله للمحكمة، وكشف لها  بأنه وبتاريخ 5 يناير 2021م تم ارسال بعض الهواتف المحمولة للمتهمين لادارة المعامل الجنائية بغرض الفحص, إلا انه لم تصلهم نتيجة فحص تلك الهواتف حتى لحظة مثولهم امام المحكمة بالامس . وقال المتحري في خواتيم افادته للمحكمة بأنه من خلال اقوال شاهد الاتهام والمستندات، رأت النيابة المختصة وجود بيِّنة مبدئية لتقديم المتهمين للمحكمة للفصل في دعواهم حسب البيان المقدم.

من جهته، حدّدت المحكمة جلسة خلال الشهر القادم لمناقشة المتحري بواسطة هيئتي الاتهام والدفاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى