قتل المتظاهرين .. رصاصة الموت.. مَن يطلقها؟!

 

تقرير: صلاح مختار                  20يناير2022م 

عَقب كل تظاهرة من التظاهرات الاحتجاجية التي تنتظم البلاد والخرطوم خاصة, تخلف وراءها عدداً من القتلى والجرحى. لا يعلم أحدٌ مَن قتلهم أو يقف وراء ذلك الفعل. بالتالي القضية والمشكلة في الخلاف والاتهامات المتبادلة بين جميع الأطراف في الساحة السودانية بأنها متهمة بارتكاب تلك الجريمة, ولذلك كل طرف يرمي باللائمة ويُشير بأصابع الاتهام للطرف الآخر…

والسؤال الذي يطرح نفسه مَن يقتل المتظاهرين, ومَن المستفيد من ذلك, وما الهدف منها؟ هناك عدد من الفرضيات والاستنتاجات التي قد تُشير لأصابع الاتهام, غير أن القاعدة القانونية تقول المتهم برئٌ حتى تثبت إدانته.

مسرح الجريمة

 

ولأنّ الشرطة حتى الآن لم تُوجِّه أصابع الاتهام لأي جهة رغم أنها تجري تحقيقاً في الأحداث, فإنّ الشواهد التي تقود لمسرح الجريمة تبدأ من خلال رصد الخيوط وأدوات الجريمة, حيث أحبطت قوات الدعم السريع عملية تهريب ذخائر كانت مُتّجهة لداخل البلاد بالإضافة لضبط شحنة أسلحة بالنيل الابيض, كلها  مؤشرات تدل على وجود جهات مستفيدة واخرى تقوم بتنفيذ عمليات القتل والاغتيال, ولكن يظل السؤال مَن هم؟ ومن أين جاءوا ولصالح مَن وهل هؤلاء جهات داخلية أم خارجية؟ مجلس السيادة طالب بالتحقيق في قتلى الاحتجاجات, كذلك جهات خارجية وقوى سياسية حتى المواطنين يُطالبون بذلك التحقيق الذي يُجيب على سؤال مَن قتل المتظاهرين؟

فرضيات حتمية

هناك فرضياتٌ بأنّ المُستفيد من جرائم القتل هي القوى العسكرية أو المدنية التي أُقصيت من المشهد وتريد من وراء ذلك تصفية حساباتها أو كما قال مصدر أمني فضّل حجب اسمه لـ(الصيحة), تريد إيجاد مقارنة بين وضعين في السابق, والآن لإيجاد تعاطف معهم يمهد لإعادتهم, ربما تكون هنالك فرضية أخرى, بعض القوى الداخلية تستخدم نظرية (إما فيها أو نطفيها), عندما وجدت نفسها خارج المشهد, ارادوا وضع العقد في المنشار والعودة بأي ثمن, حتى وإن كان على أشلاء الشباب, وأضاف: على المسرح السياسي الهش هنالك عدة لاعبين خارجيين لديهم مصلحة في تأزيم الوضع الداخلي وجعل القتل أمراً حتمياً لإيهام الرأي العام العالمي لضرورة التدخل وفرض أجندتهم, علماً بأن السودان منطقة تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية, بالتالي من مصلحة تلك الدول ممارسة الضغط بكافة الوسائل لتمرير تلك الأجندة. كذلك القوى الإقليمية لها  مصالح في السودان عندما تجد هناك خطورة عليها من الوضع الداخلي قد تدفع بها إلى جانب من يعمل معها بالوكالة في الداخل قد تصل درجة تسليح جماعات إرهابية او متطرفة أو عناصر العنف الداخلية والذين يحملون الغُبن تجاه الحكومة من أجل إضعافها, ثم السيطرة عليها.

تحولٌ سلوكيٌّ

رغم قناعة عدد كبير من الناس والأجانب، بأن السودانيين ليسوا ميّالين للعنف، إلا أن المختص في الشؤون العسكرية د. أبو بكر آدم، يرى في حديثه لـ(الصيحة) ان هناك تحولاً في سلوكيات السكان خاصة الشباب منهم، ويعزي ذلك التحوُّل إلى عوامل عديدة، منها ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وانتشار الوسائط وثورة المعلومات وتأثير الفكر الانحرافي على عقول البعض، إلى جانب ضعف الوازع الديني الذي حرّم القتل دون وجه حق، كل ذلك يصبح عامل دافع لارتكاب الجريمة. وقال إن الركون إلى اللاءات الثلاثة يقود إلى انسداد الأفق السياسي.

أمرٌ مرفوضٌ

هُناك من يرى انه من حق الشباب حمل السلاح، في وقت ظهرت دعوات بتسليح لجان المقاومة وهو أمرٌ رفضه القيادي بالحركة الشعبية ياسر عرمان مستشار رئيس الوزراء السابق، ويقول  في تصريحات، من يدعون إلى تسليح لجان المقاومة سيقودون إلى نهاية الثورة.

وقال في تصريحات في مؤتمر مع قوى الحرية والتغيير، ان الحرية والتغيير متمسكة بسلمية الثورة ولا صلة لها بدعوات تنادي بتسليح الثورة، وقال: السودان لن يكون مثل سوريا أو غيرها ولا علاقة لنا بدعوات تسليح الثورة، وأضاف هناك قوى سياسية ترفض حمل السلاح لأخذ الحقوق وينتظرون في المعارضة السلمية.

دوافع قانونية

ولأن القضية في شكلها العام قضية جنائية وقانونية لها دوافعها السياسية، فإن القانوني بارود صندل قال لـ(الصيحة): لا الشرطة او جهاز الامن او الجيش لديها مصلحة في ذلك، وبالتالي إذا نظرنا إلى الأدوات التي تستخدمها الشرطة للتعامل مع الشعب فهي معروفة، ولكن بعض الوفيات كانت ناتجة عن (البمبان) ، ولذلك سيكون مسؤولية مباشرة للشرطة باعتبار أنه شديد الخطورة إذا تمّ إطلاقه من مسافة قصيرة، أما القتل بالرصاص هنالك مُشكلة في التشريح ولا أعلم ماذا يجري. وقال من المهم معرفة نوع الذخيرة التي تم بها قتل المتظاهرين وهي كذلك مسؤولية الشرطة. من خلال التظاهرات يبدو أن هناك عناصر متطرفة دخلت فيها من خلال تصرفاتها المتطرفة التي يشتم منها دوافع انتقامية في القتل. ولكن من المُهم رصدها عبر الكاميرات، حيث كان يمكن التسجيل والتصوير, وقال في النهاية الشرطة يجب كشف محتواها ومراقبة كل التحركات التي تكون على الطرق. ومن خلال المباحث يمكنها كشف القاتل بالإضافة إلى أنّ بإمكانها استخدام تقنياتها لمعرفة الحقيقة، من هي الجهات التي تكون جزءاً من المشكلة.

إطلاق الاتهام

وقال الخبير الإعلامي د. عبد الله صالح، في هذه الأجواء المضطربة، من السهل إطلاق الاتهام في جميع الاتجاهات، وعلى الجميع، جماعات او افرادا او احزابا وتحميلها المسؤولية. ولكن ليس من السهل تهديد جهة او شخص بعينه في موقع الاتهام وتدقيق الاتهام في شخص مجرم مجهول. وقال لـ(الصيحة): هنا نتوقع من جميع الإعلاميين وكُتّاب الرأي والسياسيين أن يتدبّروا أولاً تحري الدقة في التصريحات، خاصةً بعد أن اتضح أن المجتمع الدولي تقدم بمبادرة نحونا للاحتكام الى صوت العقل والذهاب الى الحوار بعقل مفتوح، بالتالي هنالك تجارب للدول العربية، وليس مستحيلاً في السودان باعتبار أن لدينا مكوناً مدنياً له دوافعه في التسامح، ولذلك ليس مستحيلاً الاحتكام لصوت العقل والخروج بخارطة طريق تفضي للدخول في الانتخابات. من المهم الإشارة لمحاولة فرض الأمر الواقع من قبل الأطراف الدولية أو الإقليمية وهو منطق لا يُمكن القبول به، وعليه من المُفيد أو الضروري والحتمي تغليب صوت العقل والحكمة والحوار كي نُحافظ على السودان، وإذا كانت هنالك جهة لديها مصلحة فإنها قد تكون خارجية او سودانية بأدوات خارجية وداخلية لديها مصلحة في تأزيم الوضع، ووجود أحزاب تحوّلت من كرسي السلطة الى المعارضة لها، بجانب وجود قوى سياسية عقائدية لديها الوسائل ومصلحة في إحداث القتل في أي تظاهرة.

الأدلة والبراهين

ويشير قيادي بالتحالف السوداني، والحركة الشعبية شمال قطاع إقليم دارفور أحمد عيسى تغيير بالأدلة والشواهد والبراهين بان القناص الذى يقتل أبطال ثورة ديسمبر المجيدة في السودان من ٢٠١٨ حتى الآن ٢٠٢٢ هم كتائب حزب المؤتمر الوطني المحلول بالاضافة الى كتائب عمليات الجهاز المحلول، بجانب كتائب مجاهدي الدفاع الشعبي وما يسمى بكتائب الظل، وأكد لـ(الصيحة) بأن الهدف من القتل المتكرر والمتزايد للثوار والكنداكات في المواكب هو عودة هذه الكتائب الأربع للمشهد السياسي السوداني من خلال ممارسة الضغط على الجميع بالقتل والترويع لإجبار الجميع  للاستسلام والسماح لهم بالمشاركة في الحوار السياسي السوداني, إذا كان برعاية الأمم المتحدة مبادرة فولكر بيرتس  أو المشاركة في حوار تفويض الجيش بغرض الوصول لكرسى الحكم، وإطلاق سراح المعتقلين والمسجونين بسجن كوبر لتحويل السودان إلى رواندا إبان الإبادة الجماعية، وتقسيم السودان إلى دويلات على شاكلة يوغسلافيا إبان الاتحاد السوفيتي والحرب الباردة, كذلك الهدف إجهاض ثورة ديسمبر المجيدة وعودة ثورة الإنقاذ الوطني وحكومة داعش والقاعدة وطالبان السودان, واخيرا إجهاض السلام السوداني السوداني والسلام السوداني الإسرائيلي وعودة السودان لقائمة الدول الراعية والداعمة للإرهاب الدولي، وبالتالي انهيار الفترة الانتقالية والوثيقة الدستورية، مما ينعكس على الفوضى الشاملة في الخرطوم والسودان، من ثم انهيار اتفاقية جوبا لسلام السودان واندلاع الحرب الشاملة في السودان بغرض إعلان الجهاد وعودة عمليات الجهاز بصلاحياتها القديمة، ويقول تغيير إن هنالك سيناريوهات، القادمة منها  انهيار الاقتصاد وانتشار المجاعة والحروب الأهلية والإرهاب “تنظيم داعش” والقاعدة وحركات جهادية أخرى بمسميات مختلفة ما يستدعي الانتقال من مربع القنص والقناصين إلى مربع الاختطاف وطلب الفدية والذبح وقطع الرأس والتفجيرات الإرهابية والاغتيالات (سوريا جديدة وعراق جديد).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى