منى أبوزيد تكتب : مصيبة كبيرة..!

16يناير2022م 

“على الدولة أن ترفع الضرائب على العزاب، فليس من العدل أن يكون بعض الناس أكثر سعادة من غيرهم”.. أوسكار وايلد..!

“الريموت كنترول” ليس جهازاً صغيراً للتحكم – عن بُعد – بعروض القنوات على شاشات التلفزيون فقط، بل هو “أيقونة” سياسية و”ترمومتر” حسّاس لقياس معدلات الديمقراطية الأسرية خلف الأبواب المغلقة..!

هل تأخذني على محمل الجد إذا ما قلت لك إن مسألة نجاح أو فشل الحلول الديمقراطية لمشاكل الحياة الزوجية قد تبدو أحياناً رهينة اختبار سياسي لموقف الشريك من ساعات استئثار الآخر بجهاز التحكُّم عن بُعد حين مشاهدة برامج التلفزيون..؟!

سلوك الشركاء في مؤسسة الزواج لا يتجزأ، بل يتلوّن ويتمرحل بنسب متفاوتة، بدءاً بنوعية الطعام ومستوى نضجه ونكهاته، مروراً ببرامج التلفاز مواقيتها وأنواعها، وانتهاءً بحفنة لا بأس بها من القرارات المصيرية..!

في أوروبا، أعلنوا قبل سنوات عن نتائج استفتاء شعبي كبير – أجرته إحدى أكبر الشركات الأوروبية المُتخصِّصة بصناعة الأجهزة الإلكترونية – كان موضوعه الرئيسي “أثر جهاز الريموت كنترول على الخلافات الزوجية”..!

أجريت تلك الدراسة على أكثر من ألفي زوج من مختلف الدول الأوروبية وكان السؤال هو ما موقف كلا الشريكين من اقتسام “السُّلطة” على جهاز الريموت كنترول، باعتباره أكثر وسيلة فعّالة لاختبار الديمقراطية المنزلية..!

ولئن سألت عن نتائج تلك الدراسة، فدعني أخبرك بأنّها كانت مُدهشة بحق!. اعترف (72) بالمائة من الأزواج بأنّهم يتشاجرون كثيراً بسبب السيطرة على ذلك الجهاز، بينما اعترف (12) بالمائة منهم بأنهم قد قذفوا به من فتحات النوافذ أو خارج الغرف في أثناء الشجار..!

بينما أقرّ (7) بالمائة منهم بأن الضرب كان نتيجة مباشرة لخلافاتهم حول التحكم بجهاز الريموت كنترول. أما المفزع جداً فهو أنّ (4) بالمائة من سكان القارة المُتحضِّرة قد اعترفوا بأنّهم قد قاموا بقذف الطرف الآخر بذلك الجهاز في أثناء بعض الشجارات..!

والنتيجة هي أن أكثر من (90) بالمائة من الأزواج في أوروبا – قارة الديمقراطية السياسية – يتشاجرون كل يوم بسبب انعدام الديمقراطية الأسرية والتعسف في استخدام السلطة عندما يتعلّق الأمر بخيارات جهاز الريموت كنترول..!

نتيجة الاستفتاء تلك دفعت إحدى الشركات المُنتجة لتلك الأجهزة إلى التحايل على الأمر بتصنيع جهاز ريموت كنترول جديد من مادة هلامية “لدنة” ضد الكسر وضد الإصابة، وضد الإيذاء الجسدي أيضاً، وبالتالي أكثر أماناً وحفاظاً على سلامة مستخدميها في حال حدوث أي شجار..!

وبما أنّ “الحَجّاز ليه عكاز” – كما يقول المثل السوداني – فقد كان الأجدى بتلك الشركة المنتجة أن تصنع أجهزة ريموت كنترول تصدر عنها رسائل صوتية تتضمن طابع الجودية المُضمّن في مُناشدات الحَجّازين، ثم ما أن يسقط الجهاز أو يرتطم برأس أحدهم حتى تصدر عنه رسائل صوتية على غرار “يا جماعة باركوها”..!

وإلا فماذا عسانا نقول، لا بد أن تخدم التكنولوجيا طبيعة عصرها أليس كذلك؟!. فتجاري بذلك طابع علاقات الأزواج في هذا الزمان الردئ، الذي تأخذ فيه معظم العلاقات في مؤسسة الزواج شكل المصيبة – في بداياتها الكبيرة ونهاياتها الصغيرة – فتبدأ بأعظم الآمال وتنتهي لأتفه الأسباب..!

 

 

 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى