استِقالَ حمدوك وازداد المشهد السياسي في السودان تعقيداً!!

 

تقرير: بشر عبد الرحمن تكيزو    6يناير2022م 

يدخل السودان العام الجديد 2022م، مُثقلاً بأزمات العام المنصرم وما سبقه، في ظل تقلُّبات الوضع السياسي والاقتصادي وحدوث تأثيرات متداخلة، على رأسها استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وما صاحبها من تداعيات فرضت نفسها على هذا المشهد السياسي في السودان.

ما قبل (25) أكتوبر

دار صراعٌ محمومٌ بين أحزاب التحالف الحاكم في السودان (قوى الحرية والتغيير) والمكون العسكري وأطراف عملية السلام من الحركات المسلحة؛ حيث يسعى كل طرف جاهداً لتعزيز وجوده في أجهزة السلطة الانتقالية، (مجلسي السيادة والوزراء). وشنّت حركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام، هجوماً على أحزاب «قوى إعلان الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، واتّهمتها بالهيمنة على السُّلطة، وتمكين عناصرها في وظائف قيادية بالدولة، والسعي للاستحواذ على الحصة الكُبرى في التشكيل الوزاري.

وكانت عدة قيادات داخل الجبهة الثورية السودانية، قد عبّرت صراحةً عن نيتها استبدال الحاضنة السياسية التي تمثلها قوى «التغيير» بأجهزة السلطة الانتقالية، بالإضافة إلى المجلس التشريعي الانتقالي، لتمثل البديل القانوني والدستوري للأحزاب، فيما قلّلت قيادات «قوى التغيير» من تأثير هذه المواقف على تماسك التحالف، واستمراره مرجعية سياسية للحكومة خلال الفترة الانتقالية.

إعلان الحاضنة السياسية (2)

بعد الصراع السياسي الذي شهِده السودان وقعت قوى سياسية، سمّت نفسها “ميثاق التوافق الوطني لوحدة قوى الحرية والتغيير”، بعد تظاهرات شارك فيها آلاف السودانيين تلبية لدعوة قوى سياسية أعلنت العودة لمنصة تأسيس الحرية والتغيير باسم قوى الحرية والتغيير (الميثاق الوطني)، وهي مجموعة منشقة عن قوى الحرية والتغيير التي تشكل الحاضنة السياسية لحكومة عبد الله حمدوك، شملت قائمة الموقعين “حركة تحرير السودان”، و”حركة العدل والمساواة”، و”الحزب الاتحادي – الجبهة الثورية”، و”حزب البعث السوداني”، و”التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية”، و”الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة”، و”الحركة الشعبية”.

ما بعد (25) أكتوبر

لكن تطوراً جديدًا قد حدث عندما أعلن القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان حل مجلسي (السيادة والوزراء) واعتقال قيادات المكون المدني الذي شارك في الحكم.

وجاءت تلك الإجراءات بحسب البرهان حسب رؤيته لتصحيح مسار الثورة السودانية، فيما اعتبرتها قوى الحرية والتغيير المظلة الرئيسية للمكون المدني “انقلاباً” على الوثيقة الدستورية، وتعهّدت بمقاومته عبر الاحتجاجات الشعبية السلمية.

وشكّل البرهان مجلس سيادة انتقالي جديد استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير.

وعلى الرغم من عودة حمدوك رئيس مجلس الوزراء بموجب اتفاق جديد وُقِّع في 21 نوفمبر، فإن قطاعاً كبيراً من الرافضين لإجراءات البرهان رفع سقف مطالبه بأن (لا شراكة ولا تفاوض ولا حوار) مع العسكر، وما زالت أعدادٌ كبيرة منهم تواصل احتجاجاتها في شوارع العاصمة رافضة للاتفاق.

استقالة حمدوك

استقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك الأحد من منصبه بعد أقل من شهرين على إعادته إلى السلطة ضمن اتفاق سياسي مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي حل الحكومة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقال حمدوك، الوجه المدني للمرحلة الانتقالية، في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، إنّه حاول أن يُجنِّب البلاد “خطر الانزلاق نحو الكارثة والآن تمر بلادنا بمنعطف خطير قد يهدد بقاءها”.

تأزُّم المشهد السياسي

قال الصحفي السماني عوض الله رئيس تحرير “الحاكم نيوز” لـ(الصيحة)، إن المشهد السياسي أصبح  ضبابياً تماماً بعد استقالة حمدوك رغم أن استقالته جاءت متأخرة جداً باعتبار ان حمدوك ظل خلال السنتين مكتوف الأيدي لا يستطيع ان يتخذ اي قرار او خطوة وذلك بسبب الحاضنة السياسية للحكومة (قوى التغيير المجلس المركزي)، وأضاف قوى الحرية والتغيير ظلت تُكبِل د. حمدوك في جميع تحركاته، مما ادى لفشل الحكومة في تقديم ما يحقق شعارات الثورة في السلام والأمن والاستقرار والحرية والعدالة. مؤكداً بأن خروج حمدوك من المشهد السياسي قد يُحدث انفراج نوعاً ما في العملية السياسية السودانية وقد يحدث تعقيدات في المشهد الدولي، باعتبار أن حمدوك مقبولٌ على المُستوى الدولي وله مَساع لا ينكرها أحدٌ فيما يتعلّق بعلاقات السودان بالمجتمع الدولي، كما استطاع إخراج اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب، وكذلك إعفاء بعض من الديون الخارجية.

واشار السماني بأن التحدي الذي تركه حمدوك هو وضع السودان على منعطف خطير يتطلب من القوى السياسية تدارك هذا الانزلاق الذي يؤدي لعدم استقرار البلاد. مبيناً أن على الجميع الاستجابة لدعوة حمدوك الأخيرة في خطابه الوداعي، مضيفاً أن هنالك حوجة مهمة للجلوس إلى طاولة الحوار لتجنب الفوضى والانزلاق، باعتبار أن الأزمة التي تمر بها البلاد تتمحور وأصبحت مأزقا حقيقيا. داعياً القوى السياسية والاجتماعية تجاوز كل المرارات ووضع مصلحة الوطن فوق كل شيء.

بدوره، أكد الناشط السياسي بحركة تجمع قوى تحرير السودان عبد الباسط عبدالله لـ(الصيحة) بأن استقالة حمدوك سوف تترك فراغا سياسيا داخل الدولة وتخلق أزمات سياسية كبيرة جداً في المرحلة السياسية القادمة. مشيراً إلى أهمية التوافق السياسي بين جميع القوى السياسية من لجان المقاومة وكل الأجسام الثورية والمطلبية والعمل على وحدة الوطن وترك الخلافات والاتجاه للتنمية والتعمير. مضيفاً في حديثه أن استقالة حمدوك ستخلق أزمة جديدة خصوصاً في العلاقات الدولية، لأن حمدوك عمل على انفتاح دولي على المستوى السياسي وخلق بيئة خارجية تلائم وضع السودان الحقيقي. مشيراً إلى أن اختيار رئيس وزراء جديد لا يهم الشارع السوداني، المهم هو أن يكون رئيس وزراء يتمتع بكفاءة وفعالية في عمله. داعياً جميع القوى السياسية والاجتماعية لنبذ العنف والرجوع لصوت العقل ودعم السلام ورتق النسيج الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى