الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في جرد حساب للعام 2021 .. التشاكُس السياسي وعدم الاستقرار الأمني أثّرا على مُجمل الأوضاع الاقتصادية

 

تعقيدات لن تكون مألوفة على الاقتصاد السوداني

تأخير تشكيل الحكومة أثّر على الاقتصاد هذا العام وسيؤثر على العام المقبل

حكومة الفترة الانتقالية اتّسمت بالضبابية وحجب المعلومات

السودان نفّذ أكثر من 90% من روشتة صندوق النقد الدولي

شهدت الأوضاع الاقتصادية منذ بداية عام 2021م،  تدهوراً ملحوظاً عصف بمؤشراته الكلية، في وضع استعصى على الحلول، وتفاقمت خلاله الأزمات التي أدت إلى اختلالات ظهرت جلياً في التراجع الكبير في تقديم الخدمات الأساسية للمواطن، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع معدلات الفقر التي تجاوزت 80%، وتدني قيمة الجنيه والتضخُّم الذي وصل حد الجنوح، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

(الصيحة) جلست مع أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين الخبير د. محمد الناير وخرجنا بالحصيلة الآتية:

حوار: سارة إبراهيم عباس    4يناير2022م 

** اقتصادٌ مُنكمشٌ

عام 2021 كان عاماً استثنائياً ليس على البلاد فقط، وإنما على المنطقة الإقليمية والعالم أجمع، باعتباره امتداداً لتفشي فيروس “كورونا”، مما جعل اقتصاديات العالم خلال هذا العام تُحقِّق معدل نمو سالب واقتصاد مُنكمش، وكانت كل الدول تهدف إلى معدل نمو مُوجب في 2021م ولكل المؤشرات قد لا تساعدها، خاصة أن آثار جائحة “كورونا” كان تأثيرها سالباً على الإيرادات العامة بالدولة، وقطاعات مهمة كالسياحة، وقطاعات إنتاجية أخرى وغيرها، اضافةً إلى توقف شبه كامل والسماح بجزء من العاملين بالتواجد في المؤسسات، وكان له أثرٌ على الناتج والإنتاجية والناتج الإجمالي للدولة.

** التشاكُسات السياسية

واجه العام الحالي، تحديات كبيرة بحكم عدم الاستقرار السياسي والأمني بالرغم من توقيع اتفاقية جوبا، علماً بأن الاستقرار الأمني والسياسي مُهمٌ جداً وممهد الطريق للاستقرار الاقتصادي، ولكن هذا لم يحدث خلال العام 2021م بحكم التشاكُسات السياسية بين كل القوى السياسية، وعدم الاستقرار الأمني لكثرة التفلتات وغيرها من التعقيدات التي تؤثر على مُجمل الأوضاع الاقتصادية.

** غياب المعلومات

هناك تحدياتٌ كبيرةٌ لم تستطع حكومة الفترة الانتقالية في نسختها الأولى أو الثانية أن تحقق الاستقرار، فضلاً عن الضبابية وغياب المعلومات.. فموازنة العام 2021 لم يتم الإفصاح عن الأداء حتى الآن، وكم معدل الأداء في الإيرادات والإنفاق، فضلاً عن أنّها تم تعديلها قبل ثلاثة أشهر ولم يفصح عن ما هو التعديل الذي تمّ، وما هي الدوافع والأسباب، وكم حجم التعديل، وكل هذه تدل على عدم الشفافية وعدم وضوح الرؤية.

** أخطاء فادحة

تعقيدات هذه المرحلة لن تكون مألوفة على الاقتصاد السوداني كقضية شرق السودان على سبيل المثال. وإن الحكومة ظلت تقع في أخطاء فادحة حينما تواثقت على تسمية إقليم، كان لا بد للدولة أن تكون على قدر من الحكمة والإدراك، وان تعلن أقاليم السودان مجتمعة مع بعضها البعض دون وجود تباين في مستويات الحكم، وهذه الخطوة كانت تحتاج الى دراسة، الأمر سيكون مستوى حكم إضافي ام سيضاف الى مستويات الحكم في الولايات او المحليات، وهذا خطأ استراتيجي وقعت فيه الحكومة وله ما له من انعكاسات.

**إغلاق الشرق

اتفاقية جوبا فيما يخص ملف الشرق، لأول مرة يتم إغلاق الشرق الذي لم تحصل في تاريخ السودان بهذه المنطقة الحيوية، باعتبار أن للشرق بُعداً استراتيجياً، وان 750 كيلو متراً على ساحل البحر الأحمر، فضلاً عن الموانئ للسودان ودول الجوار، والمساحة على طول البحر لم تستغل بالكامل.

إغلاق الشرق أثّر على الموارد البحرية التي تُشكِّل مورداً مهماً في الإيرادات، ونأمل في معالجة قضية الشرق من جذورها حتى لا يتم التلويح بالإغلاق مرة أخرى لما له من انعكاسات سالبة على التجارة الدولية.

** مهامٌ أساسية

وبالرغم من مرور شهرين على 25 اكثوبر، لم تُشكل حكومة، ومنذ بداية الفترة الانتقالية كان من مهامها الأساسية تشكيل حكومة كفاءات، وان تذهب الأحزاب للاستعداد للمرحلة الانتقالية، ولو حدث هذا لكان العام اختلف عما هو عليه الآن، حدث ارتفاع كبير في معدلات التصخم الذي بدأ في الانخفاض خلال الأشهر الماضية والآن يتراوح ما بين 350% الى 400%، وهذه نسبة عالية تجعل السودان رقم 2 على مستوى العالم من حيث التضخم الأعلى بعد فنزويلا، فضلاً عن ارتفاع معدل البطالة الذي يفوق 40% ويتراوح مستوى الفقر ما بين 60 الى 80%، وكلها مؤشرات سالبة في ظل تنفيذ الحكومة روشتة قاسية من قِبل صندوق النقد الدولي ولها انعكاساتٌ سالبةٌ على المواطن، رفع الدعم عن الخبز والكهرباء والوقود والدواء، فضلاً عن رفع الدولار الجمركي من 18 جنيها الى 430 جنيهاً أثّر ذلك على كثير من السلع وأصبح الموطن ومحدودو الدخل يُعانون، رغم زيادة الرواتب إلا أنها لا تساوي 15% من مستوى المعيشة.

** إضاعة فرصة ذهبية

المشهد أصبح مُعقّداً ويزداد تعقيداً، لأن كل العاملين في الدولة والقطاع الخاص رواتبهم لا تكفي، ولا تستطيع البرامج الاجتماعية أن تغطي، حتى برنامح ثمرات غير مُجدٍ، والحكومة اضاعت فرصة ذهبية في 2021م في ظل التجاوب من المجتمع الدولي في إنشاء بورصة للذهب للحد من التهريب والجلوس مع المغتربين لمعرفة احتياجاتهم لتحفيزهم للاستفادة المتبادلة من المغترب والوطن، وكثير من القضايا مثل عدم رفع ديوان المراجع القومي التقرير السنوي المعهود ولم تقدم تقرير الموازنة التي تم تعديلها، ويشكل تقرير المراجع أهمية كبيرة في كشف حجم التعدي على المال العام الذي لم يُعلن، وجميعها تعقيداتٌ في المشهد الاقتصادي للبلاد، اضافة الى أن المجتمع الدولي كان بطيئاً جداً في التعامل مع ملف الاقتصاد السوداني، رغم أنّ السودان نفّذ أكثر من 90% من روشتة صندوق الدولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى