د. عادل عبد المنعم عبد الرازق يكتب : الاقتصاد والسياسة وجهان لعُملة واحدة

 

29ديسمبر2021م

الشأن الاقتصادي مهم للغاية لتأثيره المباشر على المجريات السياسية، فهو المحدد لانفراجها أو تأزمها. البلاد مُواجهة بتحد كبير بعد أحداث 25 أكتوبر، حيث أوقف الغرب مساعداته الاقتصادية كانت منحاً مباشرة وقروضاً من المنظمات الدولية التي تدور في فلكه مثل صندوق النقد والبنك الدوليين. يقدّر الفاقد في 2022 بـ3 مليارات دولار, لهذا لا بد من اتخاذ التدابير والخُطط الاقتصادية اللازمة لتجاوز هذا الأمر.

تدفق العملة الحرة لاستيراد الضروريات مثل القمح والوقود والأسمدة مسألة مهمة لا بد من أن تعطي الأولوية وللمحافظة في الوقت نفسه على استقرار أسعار صرف الدولار في مقابل الجنيه للحد من انهيار العملة السودانية التي تلاشت بالفعل, في هذا الصدد لا بد من ترشيد الاستيراد من الخارج وجعله قاصراً على الضروريات، وسياسات مالية ونقدية لكبح جماح التضخم. في هذا الصدد يجب البدء في تغيير العملة السودانية بإصدار الجنيه السوداني الجديد بحذف صفرين والبدء في تغيير العملة من الأسفل إلى الأعلى بإصدار الجنيه المعدني الجديد مع مشتقاته.

في إطار كبح جماح التضخم، لا بد من التقليل من مقدرة البنوك على خلق الائتمان وذلك بضخ النقود مباشرة لتصرف المرتبات والأجور للعاملين بالدولة عبر المنافذ في أماكن العمل، لأن هذه البنوك أصبحت تستغل هذه الأموال في خلق الائتمان وتوجيه هذه الأموال إلى جهات استهلاكية وخدمية تؤدي إلى رفع معدلات التضخم خصوصاً بعد البدء في استخدام التطبيقات البنكية بصورة واسعة، ويجب وضع سقوفات لهذه التطبيقات بحيث لا يتجاوز سقف التحويل مبلغ الـ50 ألف جنيه للحساب في اليوم الواحد، مع الاستمرار في التمويل بالعجز مُباشرةً لدعم البنك الزراعي وضخ الأموال مباشرة للمزارعين والمنتجين.

شركات الاتصالات عليها الالتفات إليها، فقد بدأت بعض الشركات في إصدار الكروت من فئة ألف جنيه للدفع المقدم وهو مبلغ لم يصله بنك السودان بعد في إصدار الورقة فئة ألف جنيه، فلا بد أن تعمل هذه الشركات عن طريق الحسابات الثابتة وتدفع الأجر في نهاية الشهر للحد من مقدرتها في تدوير الأموال والتأثير على حجم النقود، حيث بلغ عرض النقود في أكتوبر حسب تقرير بنك السودان 2,9 تريليون مقابل 96 مليار جنيه في 2018، هذا المبلغ المهول قد أدى بالفعل إلى هذا التضخم الجامح والذي وصل إلى 450 جنيهاً.

لقد بدأ العالم إغلاقاً بسبب المتحور الجديد لفيروس كورونا “أوميكرون”، فما أحوجنا نحن في السودان لمثل هذا الإغلاق لمدة ثلاثة أشهر خلال فصل الشتاء لتحقيق عدة أهداف، على رأسها الهدف الصحي بالطبع حفاظاً على الأرواح وصحة المُواطنين، في ظل ضعف الإمكانات الصحية والعلاجية، فلا بد من الدخول في هذا الإغلاق ليكون جزئياً، وهذا الإغلاق يمكن أن يحقق وفرة اقتصادية كبيرة في الوقود والاستهلاك عامة، بما يقدر بـ1,5 مليار دولار في ثلاثة أشهر، ونعتقد أن الإغلاق بسبب كورونا سيعمل تلقائياً على إزالة الاحتقان السياسي ويعطي زمناً لمُعالجة الكثير من الأمور في ظل تهدئة الشارع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى