غابت القيادة المُوحّدة.. مَن يُحرِّك الشارع؟!

 

تقرير: نجدة بشارة 22ديسمبر2021م

أقرّت قيادات سياسية شاركت في مليونية 19 ديسمبر بأن عدم نجاح اعتصام القصر، يعود لعدم وجود القيادة الميدانية الموحدة، فضلاً عن أن القوى المدنية ليست على قلب رجل واحد, والشاهد الانقسامات المتكررة فيما بينها، الشيء الذي دعاء وزير شؤون مجلس الوزراء السابق والقيادي في حزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف (سلك)، لإطلاق دعوة عبر منشور له على موقع التواصل الاجتماعي (فيسوك) لتكوين (قيادة موحدة)، وتشكيل مركز واحد يجمع القوى السياسية ولجان المقاومة والمهنيين وكل المكونات الشعبية التي تريد دولة مدنية ديمقراطية تحت مظلة واحدة وربما تجلت عدم وحدة قيادة الشارع في حديث رئيس حزب الأمة القومي، فضل الله برمة ناصر الذي عَلّقَ قائلاً: إنّ أعدادًا كبيرة وصلت إلى محيط القصر الجمهوري في الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر، لكن ليس لهم منصة ولا خطاب، وأضاف: طلعتوا لي شنو؟!.

تساؤلات

لكن في المقابل وبالنظر لفشل الدعوة الى الاعتصام أمام القصر الجمهوري الذي أطلقته بعض القوى السياسية، ومع ضعف الاستجابة للاعتصام من قبل الثوار، يتساءل متابعون على منصات التواصل الاجتماعي عن مَن يحرك الشارع؟، وما هي الأهداف من الحراك؟.. وما هي الخطط التي يطرحها دعاة توحيد الشارع، من الحرية والتغيير للقيادة الموحدة؟.. لا سيما وان الشاهد انه منذ سقوط النظام البائد تشكّلت قوى موحدة تمثلت في إعلان قوى الحرية والتغيير لقيادة الفترة الانتقالية.. وهي ذات القوى التي أوصلت البلاد إلى حالة الاضطراب والازمة الحالية.

من يُحرِّك الشارع؟

تتباين وجهات النظر وسط القوى السياسية في فهم الجهة الحقيقية التي تُحرِّك الشارع وتنظم المليونيات، وفيما يرى البعض ان تجمع المهنيين الاب الشرعي لثورة ديسمبر عاد مجدداً الى استمالة الشارع وكسب ودّه. وتشير متابعات إلى لجان المقاومة ودورها في إشعال حماسة الناس وإخراجهم للشارع، لكن محللون رأوا ان خروج معظم الشعب كان بدوافع تلقائية، حيث خرج بعض المواطنين لإحياء ذكرى التاسع عشر من ديسمبر شرارة الثورة الأولى، فيما خرج البعض للمواكب بإيعاز من المنشورات المتداولة على منصات التواصل والداعية للتظاهرات والاحتجاج حتى عودة الحكومة إلى القيادة المدنية.

وبين هذا وذاك لاحت الاحزاب السياسية، التي فقدت ارضيتها ووضعها القيادي السابق نتيجة لقرارات رئيس المجلس السيادي الفريق البرهان 25 أكتوبر, لكن الحزب الشيوعي نأى بنفسه عن تحريك الشارع.

وقال القيادي بالحزب د. صدقي كبلو في لقاء تلفزيوني امس الثلاثاء, ان الحزب الشيوعي لا يسير الشارع الآن، لكن يؤيد الشارع فيما يقوم به.

خطط وأهداف

حسب متابعات لـ(الصيحة)، فإن هنالك عملاً منظماً يجرى من قبل تنسيقيات لجان المقاومة المختلفة (اللجان الميدانية)، يتم تحديد المسارات وفق ذلك العمل، ويتم تحديد نقاط الانطلاق والالتقاء، على مستوى مدن الولاية الثلاث بحري، أم درمان والخرطوم كما يتم تحديد ميقات التجمع.

وقال عضو بلجان مقاومة بحري فضّل حجب اسمه لـ(الصيحة), إن لجان المقاومة لديها اتصال مع اللجان المختلفة واجتماعات لتحديد ميقات للمواكب، ونضع جداول نحدد من خلالها نقاط التجمعات والارتكاز، وبسؤاله عن الخطط والأهداف من هذه المواكب، قال (دولة مدنية خالصة دون شراكة)، والقصاص العادل للشهداء، اضافةً الى اكتمال هياكل السلطة وإشراك الشباب، وأكد أن لجان المقاومة تضع خططاً وجداول للمواكب حتى تتحقق الاهداف المطروحة.

دروسٌ وعِبرٌ

يقول القيادي بمجلس قوى الحرية والتغيير التجاني مصطفى في حديث لـ(الصيحة), إن ما حدث في 19 ديسمبر يستدعي ان تقف القوى المطالبة بالنظام لتراجع حساباتها، لا سيما وأن الموقف داخل هذه القوى غير موحد, وهنالك تباينات كثيرة انعكس على الموقف بصورة عامة، وأردف “خلال المليونية ولحظات المد؛ كان الناس في حيرة ويسأل الثوار بعضهم بعضاً عن مَن يقود هذه المسيرات الحاشدة.. ومن يوجد على رأس الجماهير واصطدموا بعدم وجود إجابة محددة”, وأضاف “لذلك فإنّ مليونية 19 ديسمبر أعطتنا دروساً وعِبراً, لضرورة الوحدة الوطنية ونبهتنا إلى اننا نحتاج لتوحيد القيادة الميدانية من مبدأ مشروع وطني يلتف حوله كل دعاة الديمقراطية ودولة المدنية”، موضحاً ان الموقف الآن ليس للبناءات الحزبية والنظرة الضيقة بقدر ما هو مشروع وطني جامع، على الأقل مرحلياً يدعو لاجتياز المرحلة والتأسيس للمدنية, وقال مصطفى “صحيح ان هنالك انقسامات وتباينات وسط الأحزاب لا سيما أحزاب الثورة، لكن لا بد ان نتساءل هل يمكن ان نؤسس لدولة ديمقراطية دون إشراك الأحزاب السياسية؟ وأجاب لن نستطيع أن نجمع كل السودان في سلة واحدة، في حال كنا نبحث عن نظام ديمقراطي.”

قيادة موحدة

قالت القيادية بحزب المؤتمر السوداني بدرية عبد القادر عثمان لـ(الصيحة)؛ إن الحراك كان جماهيريا، رغم بروز دعوات تجمع المهنيين الذي يضم النقابات، لكن الدولة المدنية تحكمها الأحزاب السياسية، لذلك لا بد من كل الأجسام المطلبية، لجان مقاومة، تجمع المهنيين، الأحزاب، كل هذه الأجسام وغيرها لا بد أن تكون لها رؤية موحدة, وأردفت لا بد أن تتجرد الأحزاب والأجسام من الحزبية إلى رحاب الوطنية, وأشارت بدرية إلى أن هنالك الكثير من الإشارات في مليونية 19 ديسمبر, حيث وجد الثوار أن الكباري فُتحت وتحركوا تجاه القصر الجمهوري، لكن كان السؤال الذي لم يحصلوا له على إجابة هو ماذا بعد القصر؟ وبالتالي أعتقد عدم وجود قيادة موحدة أدى لضياع الجهد، لذلك لا بد من التوافق والاتفاق على أن الأحزاب السياسية هي التي تقود للديمقراطية، ومن هنا جاءت الدعوة لوجود قيادة موحدة ذات خُطط وأهداف لتقود الشارع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى