الفنان ضياء الدين ميرغني: هذه الثورة أنتجت أعمالاً غنائية في قامتها تماماً!!

عبر إطلاق الأغاني الوطنية الخاصة والمسموعة

من المؤكد بأن ثورة ديسمبر كان لها إبداعها الخاص الذي يؤرخ ويوثق لها من خلال الإبداع الغنائي.. وكثيرون هم من كتبوا وتغنوا للثورة، وكانت أغنياتهم بمثابة إلهام للشارع الذي تغنى بها وردّدها, ولعل الفنان والملحن الشاب ضياء ميرغني واحدٌ من تلك أصوات المبدعة التي قدمت الكثير من الأغنيات للثورة.. (الحوش الوسيع) حاورت ضياء الدين في الكثير من القضايا التي تخص الثورة وخصوصاً أدبياتها وأغنياتها وبعض تفاصيلها.

حوار: سراج الدين مصطفى

*وأنت بعيد.. كيف كنت تتابع حِرَاك الشارع السوداني ضد نظام المؤتمر الوطني؟

انا بالطبع لم انفصل يوما واحدا عن متابعة الشأن السياسي السوداني بحكم نشاطي العام السياسي والفني . بل في كثير من الأحيان كنت شريكاً في تلك التحركات  عبر البث المباشر (لايف) في الفيسبوك بالتوجيه والتحضير والتحميس وعبر إطلاق الأغاني الوطنية الخاصة والمسموعة . فالراية عندي لم تسقط ولم يخفت صوتي والحمد لله منذ ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وحتى سقوط  نظام الانقاذ في ابريل ٢٠١٩ عبر ثورة ديسمبر.

*ماذا يعني هذا التغيير بالنسبة لك كمبدع؟

باختصار يعني لي كل شئ . هو محور حياتي الذي عملت لأجله طيلة الثلاثين سنة التي حكمت فيها عصابة الجبهة الإسلاموية . فقد كانت اكثر السنوات ظلامية في تاريخ السودان الحديث . وللفن تحديداً نصيب كبير من هذا الدمار الذي اصاب هذا القطاع . حتى ساد فيه ما يحدث  الآن من تردٍ في الذوق العام وبالتالي الانحدار المريع  على مستوى المفردة الغنائية والأدائية لكثير من المغنين والمغنيات الاّ من رحم ربي ، وهم قلة لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة. رغم امتلاك كثير منهم للصوت الجميل ولكنهم لم يوظفوه في الطريق والنهج السليم.

*إلى الآن الثورة السودانية لم تنتج أغنيات بقامتها وقوتها؟

هذه الثورة انتجت اعمالا في  قامتها وهي كثيرة ولكن!! ما ظهر منها اعلامياً، قد لا يرقى إلى قامتها وهنا العتب اولاً على السياسة الإعلامية وعلى اجهزة الاعلام الرسمية والتي لم تهتم كثيراً بالتوثيق الفني . لقد كان بعض الفنانين والفنانات  والموسيقيين جزءاً أصيلاً في ساحة الاعتصام حضوراً ومشاركةً, دعك من البعيدين أمثالي وأمثال عاطف أنيس مثلاً والموصلي وعلي السقيد وغيرنا ممن كان لهم إسهامٌ فني نضالي بالكلمة واللحن وهم بالداخل مثل أبو عركي البخيت وعقد الجلاد وساورا بقيادة المرحوم ربيع عبد الماجد. وشعراء جميلون مثل سعد الدين ابراهيم عليه رحمة الله ومدني النخلي وكذلك محجوب شريف رحمه الله ومحمد الحسن سالم حمّيد عليه الرحمة والقدال وأزهري محمد علي وقاسم ابو زيد وهاشم صديق والقائمة طويلة من الشباب تحديداً فليعذروني من لم أذكر أسماءهم. ولكن السؤال: أين دور الأجهزة الإعلامية والتوثيق لكل ذلك.؟

برأيك أين تكمن المشكلة؟

لقد طرحت سؤالي بمعية الأساتذة علي السقيد ومدني النخلي, على وكيل وزارة الثقافة والإعلام في أبريل الماضي ولكن لا جديد رغم الوعود. بل هناك عرقلة، فأنا سجّلت سهرة وثائقية لقناة سودانية ٢٤ منذ اكثر من عام ونصف ولم تُبث حتى الآن!!  ولا أدري سبباً واضحاً لذلك .. ولكنك تشاهد ما يدور في الإعلام  الرسمي وغير الرسمي بالتأكيد ويمكنك الحكم عليه.

*بعد عودتك الأخيرة كيف وجدت السودان؟ من الجانب الاجتماعي والجانب الفني؟

بالتأكيد كنت أُمني نفسي بوضع مختلف, غير أن الأمور تزداد سوءاً في جميع المجالات . في تدني الأخلاقيات وفي فقدان البيئة المُحفِّزة للإبداع بل وممارسة أفعال بالعكس من ذلك تماماً كما يُواجهه الآن بعض الفنانين بذرائع لا تُطبق إلا على الوسط الفني فقط, من حبس وغرامات …الخ وفي الجهة الأخرى  التغاضي عن ذلك في مجالات أخرى!!

*ما هو دور المبدعين في المرحلة القادمة؟

دور المبدعين في كل مرحلة كما كان في السابق والآن ومستقبلاً, هو التعبير عن هُمُوم الناس وترقية ذوقهم ووجدانهم. (فنحن أمةٌ للمجدِ والمجدُ لها ونحن هنا صوت يناديني تَقدَّم أنت سوداني، ونحن وطن الجدود نفديك بالأرواح نجود، وأنا سوداني انا، ونحن وطن النجوم ولي وين وكيف لمتين  …الخ) مسيرة لم تنقطع ولم ولن تتوقف.

*حدِّثنا عن الأغنيات التي لحّنتها للثورة؟

في جردي لأعمالي الفنية التي قُمت بتلحينها وقد تعّدت المائة عمل بخلاف المقطوعات الموسيقية، وجدت أن ثلث انتاجي الفني أيما يقارب الثلاثين عملاً هي أعمال وطنية. ولكن في ثورة ديسمبر ٢٠١٨ بالتحديد بلغت الأعمال حوالي تسعة  أعمال، وهي ٤ أعمال لأبونا محجوب شريف وعمل لحمّيد وعمل لهاشم صديق وعمل لعبد المحمود السماني وعمل لخالد محيي الدين وعمل من كلماتي مطلعه “هتافنا في الشارع من اجل ثورتنا يلاك نتظاهر والكلمة حجتنا”.

*هناك بعض الآراء ترى بأن ضياء ميرغني أكثر جمالاً كملحن وليس كمغنٍ؟

أنا احترم هذا الرأي كما احترم أيضاً الرأي الذي يقول في الاتجاه الآخر. ولكني شخصياً أمِيلُ الى التلحين والتأليف وأصلاً لا أُغني إلاّ لإحساسي  أن ليس هناك من يوصل اللحن كما أراه. وطبعاً هذا خطأ فالغناء ايضا يحتاج الى التدريب المستمر, مع العلم انني بدأتُ مغنياً. فانا صعدت على خشبة المسرح للغناء وانا دون العاشرة.

*متى سيعود ضياء الدين ويستقر بأرض الوطن؟

عودتي السابقة كانت بغرض توفيق أوضاعي والنظر بموضوعية الى الواقع. ولكني وجدت الواقع طارداً وليس جاذباً. مع كل ذلك أشعر بأن من واجبي أن استقّر لعدة أسباب في الوطن. وسأسعى بأسرع فرصة لذلك إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى