أمرنا له بألف ألف درهم ..!

قيمة الإنسان شجرة وعي، والديموقراطية أهم عناصر تمثيلها الضوئي“.. الكاتبة..!

باعتبارك مواطناً، وناخباً، ودافع ضرائب في هذا البلد، هل تذكر أنك قد تبرَّعت يوماً، أو أعلنت موافقتك، توقيعاً، أو شفاهة، – أو عبر نوابك في البرلمان – على أن تتبرع حكومة بلادك لإنشاء أو تمويل مشاريع تخدم شعباً آخر، أو تقيل عثرات حكومة أخرى، بينما لا تجد أنت بالكاد شيئاً من ذلك ..؟!

هل فوّضت يوماً حكومة بلادك – بعد نقاش مستفيض – في أمر تبرعها بتشييد مستشفى في جيبوتي – قبل أعوام مضت – هدية من حكومتك التي رأت أن تكمل جميلها مع دولة جيبوتي بعد أن دفعها القلق بشأن أمنها الغذائي إلى أن تقرر زراعة بعض المحاصيل على أرضك لمصلحة شعبها..؟!

لا تقُل لي إنك لم تشارك ــ قبل سنوات ــ في اختيار هدية حكومة بلادك إلى الشعب المصري (خمسة آلاف بقرة) بمناسبة سقوط نظام حكمه الأسبق، أو أنك لم توافق على تخصيص مليون فدان خصب من أرضك الشمالية لصالح مشروع زراعي، بشراكة عائمة، وأرباح غائمة ..؟!

أو أنك لم تشارك في اتخاذ قرار التبرّع بمليوني دولار لإنارة ثلاثين قرية تشادية، بينما تبقى أطراف عاصمة بلادك غارقة في الظلام، ناهيك عن القرى والحلال ؟! .. هل باركت قرار تبرع حكومتك بإحدى عشرة عربة إسعاف مجهزة للشعب اللبناني، بينما تشهد بلادك أعلى نسبة وفيات أمهات في أثناء الولادة بسبب ندرة وسائل إسعافهن إلى أقرب مستشفى، ناهيك عن عربات الإسعاف المجهزة ..؟!

هل صادقت أيها المواطن – كتابة أو شفاهة أو عبر إنابة البرلمان – على قرار وزارة الصحة الاتحادية في بلادك بدعم مستشفيات جمهورية إفريقيا الوسطى بخمس غرف عمليات جراحية متكاملة، بتكلفة مائة وخمسين مليون دولار، تلبيةً منها ــ أي حكومتك ــ لحاجة شعب إفريقيا الوسطى لدعم مؤسساته الصحية ..؟!

هل بتّ ترفل في أثواب الصحة والعافية بسبب التأمين المجاني الشامل وبفضل نجاح حكومتك الخارق في توطين العلاج بالداخل، من خلال إنشائها أكبر مستشفيات وأعظم شبكة مراكز صحية في إفريقيا كلها – دعك من الوسطى التي لم يتبق لنا إلا دعمها ..؟!

لماذا إذاً كان يبكي نواب البرلمان في بلادك من الحزن والإحباط بسبب عجز حكومتك عن تمويل مشاريع الطرق، لماذا لا تملك وزارة المالية في حكومة بلادك أسباباً منطقية لعدم تنفيذ عقود إنشاء طرق بتكلفة تقل كثيراً عن حجم بعض تبرعاتها الخارجية المتفرقة هنا وهناك ..؟!

أين كنا نحن وما هي طبيعة نظام الحكم الذي كان في بلادك حتى يُعلن المسئولون فيها عن تبرعاتهم بالأموال لأداء واجبات حكومتك في سداد حقك ومستحقك من الصحة والتعليم والسكن والانتفاع بمشاريع من الطبيعي أن يمولها نصيبك في بيت مال المسلمين ..؟!

هل كنتَ توافق على تطبيع بعض الصحف مع ظاهرة “شخصنة” تبرعات الحكومة – إن كان الواجب تبرعاً – هل تمر مرور الكرام على صياغة الأخبار باستخدام جُمل على غرار “تكفلت الوزارة الفلانية”.. “تبرع الوالي العلاني” ؟! .. وكأن المواطن – الذي يجيد الهتاف ويُحسن التصفيق – شاعر في بلاط أحد خلفاء بني العباس، يكيل المدح، فيُجزل له العطاء ..؟!

إن كنت لا توافق على أنك كنت تعلم، أو كنت لا تعلم بأنك كنت موافقاً، فأنت لا تستحق عطاء من لا يملك!. لكنك بكل تأكيد تستحق واقعاً أفضل تُحكم فيه  بلادك بنظام ديمقراطي، يسمح لك بأن تقول “بغم” في كل شأن يخص المال العام، ولا يسمح لمن يحكُم  – في بلادك – بأن يتحكَّم بك..!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى