Site icon صحيفة الصيحة

معجم البُلدان في تاريخ صعاليك السودان

إلى الصديق الأديب، عبد القادر الكتيّابي

تحية واحتراماً..

تُرى هل أكملت مشروعك التوثيقي الكبير: “المعجم الأطلس للقرى والحلّال في السودان”؟!

على أية حال، سأهديك الحكاية التالية، وقد تكون مُفبركة، فلا تشغل نفسك بها كثيراً. قال الراوي:

“في قرية ما، كان شيخ جليل يؤُم الناس في صلاة الجمعة، ولأن عامة أهل القرية يرتدون سراويل فضفاضة وقمصاناً بيضاء واسعة، وعلى الرأس طاقية مُشنوقة مختلفة ألوانها، لم يفارق شيخنا عادة الأهالي في المظهر العام.

صعد مولانا الشيخ يوماً إلى المنبر، وفي منتصف نهار الخطبة الثانية وهو يعد اليهود والنصارى بالهلاك والبشتنة كعادة أئمة المساجد عندنا، تَفَكْفَك عُقدة السروال وتكوّم على المنبر!

رفع الشيخ سرواله في عجلة من خطبته ومصيبته وأعاد ربطه وأنهى الخطبة، ثمّ صلى بالناس في آياتٍ قصار بصوت مرتجف، كأنّما علّق فضيحة سرواله على حباله الصوتية حتى تنشف، كما نشفت ريقه من هول الحدث!

خرج القوم من المسجد يتلاومون، والخبثاء منهم ينشطون في التندر من السروال الذي “سقط أمام نظرهم”.

قال أحدهم:

– مولانا زول غتيت، عمل الحركة مخصوص، سخرية من عمدة القرية، وليفقأ عينه بكآبة المنظر وسوء مُنقلب السروال!

 قال الثاني:

– مولانا “زول جلدة”، لابس ليهو سروال قديم، والتكّة تعبانة.

قال الثالث:

نهايتو..

أصيب مولانا الشيخ بالقرف من طاحونة القرية التي تطحن سيرة “التكّة الوقعت”،  فقرر الهجرة إلى قرية بعيدة، وجد من أهلها التقدير.

بعد سنوات طويلة، اشتاق مولانا لقريته وقرر زيارتها متخفياً، وحين وصلها، وجد لوحة ترحيب كبيرة منصوبة في مدخلها تقول: مرحباً بكم في قرية “التّكة وَقَعَت”!

ذهل مولانا من الصدمة، وأشاح ببصره عن اللافتة، متقدماً نحو منازل القرية، فوجد دكاناً بائساً يحمل لافتة: “التكّة وقعت لتحويل الرصيد”!

نظر مولانا جهة اليسار، فاصطدمت عينيه بمقهى: “ليالي التكّة”، وإلى يمينه جزارة: “تكّكّوها وصقيرا حام”.

دخل مولانا الشيخ إلى بقالة “تكّة وعاجباني”، وسأل صاحبها عن سر تسمية القرية بهذا الاسم البشع.

 بدأ البائع يحكي قصة الشيخ الذي سقط سرواله، وزاد عليها الكثير من الأكاذيب والأعاجيب حتى قاطعه الشيخ في حنق:

عزيزي الكتيّابي..

هل وجدت هذه الرواية في “المعجم الأطلس للقرى والحلّال في السودان”؟!

Exit mobile version