صلاح الدين عووضة يكتب : الخـــوف!!

8ديسمبر2021م

صدق جداً..

حين قال مترنماً – الكابلي – (الخوف يا غالي… تسرح طوّالي)..

فمثل هذا السرحان يمثل خوفاً لصاحبه…. وقد يُفقده عقله الذي يسرح به..

كما فقد عديد الشعراء عقولهم جراء هذا السرحان..

من لدن مجنون ليلى – قديماً – وإلى مجنون (الممرضة)… عندنا هنا في السودان..

 

وشاعر العيون – عبد الله النجيب – يسرح دوماً في العيون..

يسرح فيها… وبها… ومعها؛ إلى عوالم شاعرية فيجلب منها روائع شعرية لعوالم الواقع..

فشكّل ذلك خطراً على عقله – وعينيه – معاً..

وفي مناسبةٍ ما داعبته قائلاً: ظللت تسرح مع العيون حتى كدت تفقد عينيك..

ولكن لم يبد عليه إنه كان خائفاً..

وكأنه يقدم نعمة بصره قرباناً (رخيصاً) في محراب نعمة جمال العيون..

 

والبارحة صادفت جاراً حييته فلم يرد تحيتي..

كان ينظر إلى ولكنه لا يراني؛ وعندما عاد نظره هذا إليه – أو أعاده هو – رد التحية..

فهل عاد البصر وحده أم معه العقل؟… لا أدري..

وحذرته أن عقله هذا إن فلت من عقاله – فمربطه – كثيراً فقد لا يرجع أبداً..

قد يسرح (طوّالي)… وهنا مكمن الخوف..

فقال كلاماً مقتضباً – وهو يتبسم بمرارة – شرح كل شيء… رغم إنه لم يقل شيئاً..

 

فكل الذي قاله (والله الواحد بقى خايف من بكرة)..

ومضى في حال سبيله سارحاً… والبصر عاود سرحانه… والعقل في حالة سرحان..

فهمهمت في سري: حق له أن يخاف..

فإن كان الأمس مخيفاً… واليوم أشد إخافة… فكيف بالغد وما بعده؟..

فشيءٌ من الخوف مطلوب – حيال راهننا هذا – ولكن الخوف من (السرحان الطوالي)..

ومعلوم أن الحذر يستوجب بعض خوفٍ إيجابي..

 

غير أن الخوف المرضي هو مرضٌ في حد ذاته… ويندرج تحت تصنيفات علم النفس..

وأشرت مرة إلى خوف مواطن أمريكي من السرطان..

وسردت قصته مجلةٌ طبية في سياق تشخيصها للخوف الاستباقي من خطر ليس موجوداً..

صحيح إنه قد يُوجد في أية لحظة… ولكن ما قد يُوجد كثير..

ومنه الموت نفسه؛ فهل يظل الإنسان في حالة خوف من الموت إلى أن يموت؟..

 

الإجابة عن هذا السؤال تجدها عند الأمريكي المشار إليه..

أو بالأحرى تجدها عند حالة كونه ميتاً جراء خوفه المرضي هذا؛ فمرض… فمات..

وأنيس منصور كان يعاني خوفاً هوسياً من الانفلونزا..

ونغص عليه هذا الخوف حياته – وحياة كل من عاشره – إلى أن مات بالانفلونزا..

وصدق جاري ذاك الذي سرح منه الخاطر… والبصر… والعقل..

فاليوم مخيف؛ والغد قد يكون مخيفاً أكثر..

 

ولكن الحل ليس في السرحان (الطوالي)… وإنما تسريح من يتسببون في سرحاننا هذا..

تسريحهم بإحسان؛ أو إكراه..

فقد ثبت بعد أكثر من عامين من التجربة – والتجريب – إنه لا يأتي من تلقائهم خير..

ولا نجد عندهم إلا ما يثير الألم… والنكد… والقرف..

والخـــوف!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى