Site icon صحيفة الصيحة

آمال عباس تكتب: وقفات مُهمّة

امال عباس

8ديسمبر2021م

مرحباً بالغضـــــــــــــــــب

قال نزار في قصيدته الطريفة إفادة في محكمة الشعر:

كل شعر معاصر.. ليس فيه غضب العصر.. نملة عرجاء

الحديث الذي نورده بمُناسبة المعركة الأدبية الدائرة الآن وسط الشعراء والأدباء بالأخص نجعل تصور النملة العرجاء مدخلاً له.

فبالواضح أن القضية المطروحة أمام جميع الفنانين ليست الدفاع عن هجوم أورده الدكتور عبد الله الطيب على صفحات مجلة الرأي العام الأسبوعية قبل ثلاثة أسابيع.. فرأي الدكتور يمثل مفهوماً ما عاد يشغل بال الناس كثيراً وهو الحديث عن (الفن) فمع انتصارات الإنسان المبدع لم يعد هذا المفهوم سوى وهم خادع وتأكد بالفعل أن أي عطاء فني أو فكري لا يتأثر بالحياة والأحداث والظروف.. ولا يعبر عن انفعالات معينة حيال قضايا معينة.. مهما تكن درجة الإبداع الشكلي والتعبير فإنه بالقطع عطاء يفتقر الى دم الحياة.. ولنسقط هذا من حسابنا في النقاش.

الأخ الشاعر أبو آمنة حامد تحدث بصوت عالٍ وغاضبٍ في جريدة “الأيام” يوم الجمعة الفائتة وصوته الغائب أراحني.. لا لسبب سوى تصوري للتنبيه الذي أحدثه حديث الدكتور.. وإن كنت لا أتمنى الصحوة الاستفزازية لمجموع مُبدعينا الشباب من شعراء وأدباء ونُقّاد, ولكن حدث هذا وعلينا أن نأخذ من هذه (الصحوة الغاضبة) وقفة نناقش فيها أمرنا في دنيا الإبداع العظيمة.. حياتنا الأدبية في السودان بحاجة الى هزّة وهزّة شديدة.. ولم يتم هذا بالفعل إلا بالتحرك.. والتحرك الإيجابي وليكن تحركاً غاضباً ومُحتجاً ومنفعلاً.. ولكن يجب أن يكون باحترام مُطلق للتراث.. لتراث الإنسانية ولتراث العرب ولتراثنا السوداني.. والاحترام وحده لا يكفي فعلينا أن ندعم المفهوم العلمي للتراث على أساس أنه يحمل دائماً قيماً إنسانية تقدمية تُساعدنا في بناء المستقبل الأفضل. وفيما عدا ذلك فلنضرب الآراء والمُؤسّسات الفكرية القديمة والخاطئة بمعاول عنيفة وقوية حتى تسقط وتنهار بشرط أن يسطع بعدها نهار فكري مشع يُعبِّر عما نتطلّع إليه في جميع ميادين الإبداع الفني.. في التغيير الاجتماعي وفي الفعل.. وفي الضمير.. وفي العاطفة.. وأقول مرحباً بغضب المبدعين.. وأرجو أن تستمر روح الغضب لديهم جميعاً من أجل شيء.. وشيء كبير يستاهل غضب الإنسان الفنان.. غضب الفنان من أجل الرغبة في التغيير والتجديد.. في حياة الإنسان السوداني من أجل تصوير هذه الفترة المهمة والحاسمة في حياة المُجتمع السوداني.. الفترة التي يعاني فيها آلام المخاض المؤلمة من أجل ولادة الغد المشرق.. فجميع الكتاب والفنانين أعطوا أعظم إنتاجهم المثقف إنسان ثوري بطبيعة تكوينه منسجم مع مجتمعه يحس آلامه ويعكس تطلُّعاته.. ويبذل كل جهده لاستمرار ثوريته وتغيير الواقع الذي يحياه في الطريق الأفضل.. والثورة تعني تغيير صور الحياة من جذورها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وللكلمة في القصيدة.. وفي الرواية وفي القصة.. وفي المقالة الدور الكبير والإنتاج الرائع لم يكن سهلاً على فرسان الكلمة في يوم من الأيام.. إنه الخلق.. إنه الإبداع.. والمُعاناة.. وليكن حكمنا دائماً على انتشار وأثر إنتاجنا في وعلى الآخرين.. فإن لم يصل ولم يؤد دوره فذلك يعني ان الفنان لم يصبر على الألم, الكلمة الحية النقية عندما تحمل المضمون الإنساني الراقي تستطيع وبكل سهولة أن تهز المفاهيم الخاطئة, وأن تهد الأبراج العاجية دونما ضجة ولا صخب.. وليس عندي كبير شك في أن جيلنا الصاعد من المبدعين يمتلك ويمسك بلجام الكلمة الخلاقة المؤثرة.

تحدثنا حكاية من تراثنا الشعبي تقول, إن امرأة خافت على زوجها بعد أن لحظت عليه تبدلاً في معاملته لها, فذهبت إلى فكي ليكتب لها “عمل” ببقاء زوجها وتبعد به شبح الثانية الذي بدأ يطل, قال لها الفكي إن مثل هذه الأعمال لا تصلح إلا إذا كتبت على شعرات من شارب أسد.. فاندهشت المرأة من صعوبة الشرط.. وسألت الفكي وسيلة تصل بها الأسد.. فقال لها ما عليك إلا أن تذهبي كل يوم إلى الغابة وتحملي معك كمية من اللحم ولا تنسى أن تكثري إلى الأسد الكلام الطيب والثناء.. وتذكِّريه بشجاعته وسيطرته على الغابة والى ان يأنى لك وتقربي منه تأتي لي بالشعرات.. فظلت المرأة تذهب كل يوم الى الغابة عاملة بوصية الفكي إلى أن استطاعت أن تحصل على الشعرات.. وذهبت مهللة فرحة إلى الفكي تزف إليه انتصارها ليكتب لها “العمل” لإرجاع الزوج المتمرد. فنظر إليها الفكي وقال لها ليس لديّ عمل سوى الكلمة الطيبة وحُسن المعاملة.. “فالحسنة معطت شارب الأسد”..!

مربع شعر:

قال الشاعر الهمباتي ود حيدوب مخاطباً جمله:

كم كربته من الصبح للغيبة

وكم شقيت فيافي وكم كتلته دبيبة

أموال الرجال مهما تكون بنجيبه

كربت يا جمل في ريرا لي حبيبة

مقطع شعر:

من ديوان “أغنية لإنسان” للشاعر عبد الله شابو إليكم مقطع “شوق”

الحب يولد رائع القسمات

موفور الحياة

تخضر سالفه الربيع وتُؤرِّق الأحجار

وتطل في الجزر المُسوّرة الصغار

وتطل فوق الأفق مدخنة وحقل

هذا خريفك يا حياة تدفقي

بالحب بالقدرات بالأزهار بالقمح الوفير

بالشوق بالإنسان عملاقاً

وباللحن المثير..

من أمثالنا:

البحر من قومتُو.. والعريس من حومتُو

Exit mobile version