واحدٌ من أساطين الغناء والموسيقى في السودان .. عبد الكريم الكابلي.. يا جرح دنياي الّذي لا يندمل!!

 

 

كتب: سراج الدين مصطفى      5ديسمبر2021م 

(1)

الفنان السوداني الكبير عبد الكريم عبد العزيز الشهير بـ(عبد الكريم الكابلي) يعتبر واحداً من أساطين الغناء والموسيقى في السودان وهو يعتبر الفنان الشامل صاحب المواهب المتعددة.. فهو يعتبر شاعراً وكتب الكثير من الأغنيات لنفسه كما أهدى لغيره من الفنانين أغنيات مثل أغنية (يا زاهية) التي تغنى بها الفنان عبد العزيز محمد داؤود وأغنية (جبل مرة) للفنان أبو عركي البخيت وأغنية (بريدك والريدة ظاهرة في عيني) للفنان كمال ترباس.. ويعد عبد الكريم الكابلي من أبرز الملحنين, حيث لحّن معظم أغنياته ولكنه ايضاً تعاون لحنياً مع الموسيقار بشير في أغنية (طائر الهوى) للشاعر الحسين الحسن، كما تعاون مع الملحنة أسماء حمزة في أغنية (يا أغلى من نفسي) من كلمات الشاعر عبد الوهاب هلاوي.

(2)

ويعد الفنان عبد الكريم مثقفاً موسوعياً وباحثاً في مجال التراث الموسيقي والغنائي.. ويجد تقديرا كبيرا عند الشعب السوداني نسبة للإسهامات الإبداعية الكبيرة التي قدمها.. ولعل عبد الكريم يمتاز بذائقة عالية في الأشعار المُغناة وهو تجول في ذلك ما بين الفصيح والدارجية والتراث.. ودقة اختياراته تكمن في قُدرته العالية في انتخاب نصّه الغنائي وذلك يتمظهر جلياً في عدد من الأغاني, أبرزها ضنين الوعد.. حبيبة عمري.. أمطرت لؤلؤاً ورائعته (ماذا يكون حبيبتي) التي نحن بصدد التوقف عند شاعرها الراحل الدكتور حسن عباس صبحي.. تلك القصيدة التي كساها الكابلي لحناً مُفعّماً بالحيوية والانسيابية حتى أصبحت واحدة من عيون الغناء السوداني وتجسّدت فيها روح المعاصرة والتجديد.. وتكاملت كأغنية في كل مكوناتها الجمالية.

(3)

الوجود الإبداعي للدكتور حسن عباس صبحي كان كثيفاً وملحوظاً على كافة المجالات بحسب ما ذكر الأستاذ عوض أحمدان: كان الدكتور حسن عباس صبحي وغيره من زمرة الأدباء والمفكرين حضوراً دائماً عبر برامج إذاعة ذاكرة الأمة التي أنشأتها الهيئة العامة للإذاعة القومية، لتكون وعاءً لعرض منتجهم الراقي المحفوظ بمكتبة الإذاعة التي تجاوز عمرها أكثر من سبعين عاماً، فقد بدأت إذاعة الذاكرة تسليط الضوء حول كنوز المكتبة العامرة منذ مطلع مايو الماضي بصورة مستمرة، حتى جعلت لها قاعدة من المُستمعين الذين وجدوا في برامجها العتيقة ضالتهم المنشودة، فقد أنعشت عقولهم بسلسلة من البرامج والأحاديث التي صنعها الأفذاذ من الإذاعيين.

وفي ذات الاتجاه, يحكي الأستاذ الدرامي محمد السني دفع الله (في شعره حياة تضج بالمواقف والصراع الدرامي (ناس مليانين بالهموم والأحلام والشجن والآمال) وكان عاشقاً للشعر الدرامي, لهذا أعتقد أن الفترة التي قضاها في معهد الموسيقى والمسرح من أغلى أيامه, فجّر كل طاقاته في تمليك الطلاب قيمة الفن وقيمة الكلمة وشرفها, كان يدرِّسنا تاريخ المسرح والمسرحية, وكان يستمتع وهو يلقي علينا أشعار المسرح الإنجليزي ويترجمها بالعربي ويشرح بي سلطنة, عرفنا جمال وليم شكسبير وكيتس ومارلو, وحلل معنا روائع الأعمال الخالدة,  وطوف بنا في أساطير اليونان وخرافات الحبوبات.

(4)

الشاعر المرحوم دكتور حسن عباس صبحي المولود في شندي سنة 1928م, درس الأولية والوسطى بشندي وعطبرة والمرحلة الثانوية بوادي سيدنا. تخرج فى كلية الآداب بجامعة القاهرة سنة 1954م، عمل بإذاعة ركن السودان بالقاهرة ومنها انتقل إلى هيئة الإذاعة البريطانية بلندن واستقال منها مُحتجاً على العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م. ونال درجة الدكتوراة عام 1968م في الأدب الإنجليزي ومن ثم عمل رئيساً لشُعبة اللغة الإنجليزية بجامعة أم درمان الإسلامية, وكان رئيساً لرابطة أدباء السودان بالقاهرة ثم أصبح أميناً للعلاقات الخارجية لاتحاد أدباء السودان وكان أستاذاً بمعهد الموسيقى والمسرح. وهو شاعر وناقد وأكاديمي وأديب وإعلامي.. اشترك في كثير من المنتديات الأدبية بمصر والسودان وكان يقدم برامج في تلفزيون السودان في الفترة من 1970م إلى 1973م, كما كان يقدم برامج مشهورة في الإذاعة منها (من الفكر العربي المعاصر) و(مشاهد وأشعار), غنّى له الفنان عبد الكريم الكابلي أغنية (ماذا يكون):

ماذا يكون حبيبتي؟

ماذا يكون؟

**

يا جرح دنياي الّذي لا يندمل

يا من تركت القلب ينزف في أنين

حسرات لحظات توالت في وجل

كصدى يطير مضيّعاً عبر السنين

***

ماذا يكون حبيبتي؟

ماذا يكون

***

بعد الّذي جرّته أيّام العذاب

وتوشّح القلب المولّه بالسرا

وهو الّذي يلقي الصباح على أمل

ويبثه من وجده شوق الكنار

وينضّد النغم المورّد للنهار

حتّى مع الّليل المُخيّم بالظلام

يهب الحياة غناؤه…

يهب الفنون.

***

ماذا يكون حبيبتي؟

ماذا يكون؟

***

بعد الوعود وقد تلاشت وانطوت

بعد البراعم في أكمّتها ذوت

بعد العناد وقد توشّح بالظنون؟

***

ماذا يكون حبيبتي؟

ماذا يكون؟

***

ومع السلام

لك من فؤادي باقة الحبّ الحنون

لك من عيوني دمعة المُزن الهتون

لك من جنوني، يا جنوني، ألف لون

لك من فؤادي ما يكون ولا يكون

ولك السلام ولهفتي

وتساؤلي:

ماذا يكون حبيبتي؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى